عام يجر آخر، ولا تزال مشكلة " البدون "، حبيسة الأدراج لا تبحث دول الخليج وتحديدًا قطر النظر فيها أو إعطائها ولو القليل من الأهمية . و" البدون " هم أصحاب وثائق السفر - تصريح الإقامة المؤقتة أو عاشوا أكثر من نصف قرن في قطر وقبل استقلالها في أرض شملت آباءهم وأبناءهم ولم يحصلوا على الجنسية حتى الآن - ويتعدد البدون من جيل إلى آخر وجميعهم يعانون من سلب بعض حقوقهم الإنسانية كالسفر والعمل والزواج والتعليم والكثير من التعقيدات التي يعانيها أفراد هذه الفئة المظلومة. قد تختلف هذه الفئة قليلًا عن فئة البدون في دول الخليج المجاورة مثل الإماراتوالكويت، حيث يتمتعون ببعض الحقوق، ولكن في تلك الإمارة الصغيرة " قطر"، يعد تنقلهم بين دول الخليج أمر غير مسموح لهم به إلا بتأشيرة وبعض دول الخليج لا تعترف ب " وثيقة السفر"، مثل البحرينوالكويتوالإمارات ولكل دولة سياستها ولكن هذا الشيء يقع على عاتق قطر المستخرجة لهذه الوثيقة المؤقتة التي تصدر لمدة سنة واحدة بمبلغ 500 ريال قطري ويجدد بنفس الطريقة. كما يحتاج " البدون " في قطر إلى ترتيبات خاصة مع الكفيل، قبل السفر بل إن الدول الأوربية لا تستقبل مثل هذه الوثائق المؤقتة، علمًا بأن لون الوثيقة أزرق غامق مشابهة بالجواز القطري يكتب عليه " وثيقة سفر"، وفي الصفحة الأخيرة في الوثيقة ينص بأن هذه الوثيقة صالحة لجميع أقطار العالم والعجيب بأنها غير معترف بها في الخليج وفي السابق حاملو هذه الوثائق كانوا يتنقلون بحرية بين دول الخليج لزيارة أقربائهم من دون عوائق التأشيرة، وكذلك لديهم تصريح إقامة كالمقيمين في البلد بكفالة شخص قطري أو على كفالة العمل مثل نظام الإقامة للأجنبي المقيم وهم من ولد هذه الأرض والميزة الوحيدة التي يتمتع بها أفراد هذه الفئة العلاج المجاني داخل قطر . تجدر الإشارة إلى أن أصحاب الوثائق السفر بين الماضي والحاضر كالمقارنة بين السماء والأرض، منذ إصدار هذه الوثيقة في الستينات وكانت تستخرج لمن قدم خدمات جليلة لقطر ومن يعاني من مشاكل التنقل والسفر علمًا بأنهم كانوا يتنقلون من دون تأشيرات وكان يعطى أيضًا لمن لا يحمل إثباتات أي دولة - أي البدون - فكانوا يتمتعون بكل حقوق المواطنة في قطر ولا يوجد تفرقة بينهم وبين المواطن القطري . ومع مرور الأزمنة اختلف الحال إلى الحاضر الذي نعيشه الآن فأصبحت " فاجعة " لا تطاق، وكما أنهم من أبناء هذا الوطن يعانون كثيرًا في تخليص المعاملات والعمل وفي بعض الإدارات الحكومية وقطاع الخاص يعتبرون بأنهم أقل من المقيمين، هذه الفئة التي لا تحمل أي أوراق ثبوتية تدل بأنهم من أبناء أي دولة أخرى على وجه الأرض، حيث إن الوثائق القطرية تنسبهم إلى بلد الجد وهذا البلد لا يعترف بأنهم مواطنون لها ، مثلًا فقط تجد بأن الأب من مواليد قطر وفقد شهادة ميلاده أو لا يوجد لديه شهادة ميلاد ينسب إلى مواليد إيران أو محل الميلاد الأب ولكن الأغلبية يكتب لهم في البطاقة الشخصية والإثباتات الخاصة بحملهم الجنسية إيران أو محل ميلاد الأب وهذا هو حال هذه الفئة المظلومة في الوقت الحالي. أما في السبعينيات كانت تتمتع هذا الفئة منذ ظهورها الأول بكل حقوقها ويكتب لهم في شهادة الميلاد والإثباتات " قطريون بوثيقة سفر " ، وذلك في عهد الشيخ أحمد بن على آل ثاني، واختلف الأمر إلى منتصف الثمانينيات وكتب لهم " من سكان قطر"، واليوم كما ذكرت مسبقًا ينسب لبلد غير قطر المستخرجة لهذه الوثيقة والذي يجب على الدول التي ينسب لها أن تحتج على هذا التصرف مادام حاملو هذا الوثيقة ليس لديهم أي صلة أو أي إثباتات رسمية لأي دولة على وجهه الأرض سوى قطر وينسبونهم في قطر إلى دول أخرى، كما يحدث لبدون الكويت حيث ينسبونهم إلى سوريا والعراق. أمر مضحك جدًا وبدأ هذا في بداية التسعينات تقريبًا إلى الوقت الحالي وفي البطاقات الشخصية والصحية وترخيص القيادة وشهادة الميلاد وشهادة الوفاة وكل المستندات كتب لهم الجنسية " غير قطري " عجبًا.. هل هذه الفئة من المريخ ، ننطلق إلى حقوقهم في تعليم يعاملون معاملة المقيم بدفع رسوم الحافلة والكتب وفي نظام تسجيل يسجلون مع الأجانب وفي قطر يستثني " القطري ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي وأبناء القطريات " من الرسوم المدرسية إلا هذه الفئة تعتبر مع المقيمين وأيضًا محرومين من نظام التعليم المسائي كونهم أجانب، هذه الفئة متعطشة لحل مشكلتها التي تكاد أن تكون فاجعة في وسط المجتمع القطري ". في الفترة الأخيرة زادت أوجاع هذه الفئة، خصوصًا بعد زيادة مبالغ تجديد الوثائق مثل " بطاقة تصريح الإقامة، وثيقة السفر، البطاقة الشخصية والصحية " إلى ما يقارب 3000 ريال قطري لكل فرد إن لم يكن أكثر، بعد أن كانت وثيقة السفر في السابق تجدد ب 100 ريال لمدة 3 سنوات وتغير الأمر ويجدد ب 200 ريال قطري ما يقارب 54.9315 دولار لمدة سنتين، وصلت ل 500 ريال ما يقارب 137.3287 دولار لمدة سنة واحدة والإقامة المؤقتة تجدد ب 1200 ريال قطري ما يقارب 329.5888 دولار لمدة سنتين. أضف إلى ما سبق، منذ ظهور الوثيقة لم تكن هناك تصريح إقامة لهم وخصوصًا بأنهم كانوا يعتبرون مواطنين قطريين في السابق ولكن اختلف الأمر مع الأزمنة والآن أصبحوا في حال لا تطاق أبدًا علمًا بأنه عندما ظهرت الإقامة المؤقتة كانت تصدر ب 250 ريال لمدة سنتين إلى أن وصل إلى السعر الحالي والخيالي 1200 ريال. ولعل المثير للدهشة أيضًا، سعى الدوحة باستمرار إلى تجنيس الأجانب الذين لا يدينون الإسلام ولا يتكلمون اللغة العربية، كما يشهد الشارع العام الخليجي، بأن قطر تجنس بشكل عشوائي في الرياضة وهل ولاء هذا المجنس الأجنبي لقطر أكثر من الذي ولد في هذا الوطن من رحم أمه ولم يشهد سوى هذا الوطن ليعيش فيه ومعه كل حقوقه وعاش فيه أجداده أكثر من نصف قرن وقدم خدمات جليله لوطنه الأم؟ ، وهل هذا الأجنبي سوف يدافع عن قطر إذا أصابه مكروه مثل "البدون"؟ . وما يثير الدهشة أيضًا أن الإعلام القطري والذي يعد الأبرز في الخليج يتجاهل ملف هذه الفئة وأفرادها، ولكن بعد ظهور الإنترنت تمكنوا من طرح معاناتهم في المنتديات والمواقع والمدونات وسط تجاهل وردود سطحية واستكبار، وقد تجد البعض مع حل سلمي لهذا الفئة والآخر يخالفه، وأيضًا الإعلام القطري يقوم بنقل أخبار ركيكة عن هذه الفئة مثل " حل قريب " ومن هذا القبيل والتي يسمعونها منذ نعومة أظافرهم ولعل الخبر الذي تنشره الصحف القطرية عن هذه الفئة ترسم السعادة في وجههم وتبشر أبناء بالمستقبل السعيد ويبدأون فيها برسم أحلامهم. ومن اللافت للنظر، أن يخرج مدير مكتب حقوق الإنسان في الخارجية القطرية الشيخ خالد بن جاسم آل ثاني، لينفى وجود " البدون " في قطر، واصفًا المصطلح المذكور ب « الحديث » .