أصبح النوم عزيزا.. وأضحت حياتي رتيبة بلا معني.. لم أكن أتوقع قدوم هذا اليوم فمنذ وفاة جدي والبيت أصابه هدوء غريب، حتى أخي الصغير لم تعد ضحكاته وشقاوته تملأ المكان.. برغم عدم إدراكه بحقيقة الموت والحياة إلا أنه يرى الحزن فينا، ولا يعلم له مصدرا.. وأختي الصغرى والتي كانت دائما تتشاجر معي لم تعد تتحدث معي إلا بقليل الكلام.. حتى أنها تسير بجانبي دون أن تشعر بي.. منذ اليوم الرابع للوفاة جلس معنا والدي وقال أن الحزن داخل القلب،ولا يجوز الحزن فوق ثلاثة أيام.. وبرغم عدم ممانعته لرجوع الحياة في المنزل من جديد، إلا أنه لا يوجد أحد منا يريد أن يسير في طريقه كما كان.. فالشعور الغالب هو أن موت جدي كان لحظة فارقة في حياتنا جميعا.. جعلت كلا منا يعيد حساباته من جديد.. لا أخفي شغفي بلقائه من جديد،ولكن إيماني بالله هو اتصالي الوحيد بالحياة ؛ حتى أستطيع استئناف حياتي من جديد.. ذهبت للعمل علني أجد فيه السلوى كما يقولون،ويلهيني عن أفكاري الكثيرة ولكنها لم تجد.. شعرت بضغط شديد لم أتحمله فوق حزني،السبب الذي دفعني للتقدم بأجازة حتى أستعيد نفسي،وروحي التي توارت بالثرى مع جدي.. نصحني أحد الأصدقاء بقراءة القرآن والصلاة المستمرة ولكنها لم تخفف من حزني،وعندما سألت والدي قال أنه من الطبيعي أن تخفف من حزني قرآتي وصلاتي،ولكن الحزن بداخلي كبير جدا ويوما ما مع الاستمرار سوف أرى تأثير ما أتقرب به إلى الله.. إنما الليلة لم أستطع النوم على الإطلاق.. فقد قارب أذان الفجر على أن يملأ غرفتي ولم أغف حتى ولو لخمس دقائق.. اتجهت لأتوضأ حتى أصلي ركعتين لقيام الليل،وأقرأ القرآن حتى أذان الفجر.. وعند القراءة تذكرت عندما كنت أستيقظ في هذا الوقت بالصدفة،كان يحاول جدي أن يأخذني كي أصلي معه الفجر في الجامع ولم أكن أرضى متحججا بعملي في الصباح الباكر أو الإرهاق الشديد، وذات يوم وبعد اعتذاري له عن مرافقته للصلاة قال لي "يوما من الأيام سوف تصلي الفجر حاضرا، فلا تنس صلاة ركعتين قبل الفريضة، وتقرأ فيهما سورة الكافرون وسورة الإخلاص".. كنت أتمنى أن أعيش هذا اليوم وأنت بجانبي ولكنه قضاء الله.. خرجت من ذكرياتي على صوت الأذان راجعت سورتي القرآن في عقلي واتجهت للصلاة.