"على القوى الإسلامية فى مصر تقديم الضحايا والقرابين حتى يتحقق لها ما تريد، وتنتزع من القوى الفاسدة التى تتحكم فى مصر وما وراءها كرامة مصر وعزتها، أعداء الإسلام يملكون القوة العسكرية والأجهزة الأمنية والقضاء الفاسد، والمال الذى يفسد السياسة والإعلام".. هكذا وصى زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهرى أنصاره فى مصر، ليبعث برسالة من مخبئه فى فيديو عبر موقع "يوتيوب" تحمل تحريضا علنيا على العنف، وتنذر بأيام بلون الدم، يعيشها المصريون الآمنون. وقد بدأنا منذ عزل الرئيس محمد مرسى، نرى تأثيرها على أنصاره فى المحافظات المصرية، سواء فى سيناء التى بدأ الجهاديون فيها -وهو أحد قادتهم- فى الهجوم على معسكرات الجيش وإعلان الحرب على القوات المسلحة والشرطة، مهدرين دماء أبناء الوطن لتنفيذ رسالة زعيمهم ولنصرة رئيسهم المعزول، وكذلك المشهد الذى شاهده جميع المصريين لأحد المنتمين للقاعدة، وهو يلقى بمعارضى الرئيس السابق من أعلى أسطح أحد المبانى بمحافظة الإسكندرية، ويحمل فى يده علم القاعدة الأسود المكتوب عليه عبارة: "لا إله إلا الله". وهذه ليست لغة غريبة على أول اسم فى قائمة الإرهابيين المطلوبين للولايات المتحدةالأمريكية منذ عام 2001، ورصدت لذلك 25 مليون دولار لمن يساعد فى الوصول إليه. وهذه لم تكن الرسالة الوحيدة للظواهرى، ففى رسالة أخرى أرسلها عبر "تويتر": أن التنظيم على استعداد تام لإرسال جيشه إلى القاهرة لمنع انتشار الفتنة بها، وأنهم سوف يعلنون النفير والجهاد فى كافة أنحاء العالم من أجل إخماد هذه النار التى على وشك الاشتعال فى مصر والوطن العربى، وتنظيم القاعدة يسعى بكل الطرق إلى وقف العنف الطائفى الذى يتم التحريض عليه فى مصر، وعلى الشباب الثائر العودة إلى رشدهم لأن هذا هو الفوز المبين". "الظواهرى".. هو الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة بعد مؤسسه أسامة بن لادن، وقد وضعه مكتب التحقيقات الفيدرالى (FBI) فى قائمة المطلوبين للاشتباه به فى عدة قضايا، منها تفجير سفارتى الولاياتالمتحدة فى نيروبى ودار السلام عام 1998، والمدمرة "كول" فى عدن عام 2000، وتفجيرات مركز التجارة العالمى، ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية فى سبتمبر 2001. وأيمن الظواهرى مصرى، ولد فى يونيو 1951 بالقاهرة، وانخرط فى نشاطات حركات الإسلام السياسى وهو لا يزال فى المدرسة، إذ انضم لجماعة الإخوان، وكان ذلك سببا لاعتقاله وهو فى الخامسة عشرة من عمره. وبعد تخرجه فى كلية الطب، انجذب إلى الجماعات الإسلامية المتشددة التى كانت تدعو للإطاحة بالحكومة، وكان من مؤسسى جماعة الجهاد عام 1973، وكان ضمن من قبض عليهم لاتهامهم باغتيال الرئيس أنور السادات، وتم تبرئته فى القضية، ولكن حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة حيازة أسلحة بصورة غير مشروعة. بعد خروجه من السجن توجه إلى السعودية ومنها إلى باكستان وبعدها أفغانستان، مؤسسا فيهم فصيلا لحركة الجهاد الإسلامى، ثم عاد للظهور عام 1993 كرئيس لحركة الجهاد، فكان الشخصية الرئيسية فى أحداث الإرهاب فى التسعينيات، التى أسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص، ومن ضمن عمليات العنف والإرهاب محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقى، ووزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، الأمر الذى جعل أجهزة الأمن تتعامل مع أفراد هذه الجماعة بعنف، عبر عنه وزير الداخلية الأسبق زكى بدر بمقولته الشهيرة "الضرب فى سويداء القلب"، أى إطلاق الشرطة النار واغتيال بعض قيادات التنظيم فى وضح النهار وفى عرض الشارع إذا تمكنت الشرطة من ذلك. وفى 1995 وقعت محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى أديس أبابا، وكان "الظواهرى" أول من توجهت صوبه أصابع الاتهام. وفى 1997 قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن زعيم جماعة "طلائع الفتح" -فصيل من فصائل حركة الجهاد الإسلامي- يقف وراء المذبحة التى تعرض لها السياح الأجانب فى مدينة الأقصر فى العام نفسه، وبعد ذلك بعامين صدر حكم على الظواهرى بالإعدام غيابيا من قبل محكمة عسكرية لدوره فى الكثير من الهجمات فى مصر. وبعد مقتل أسامة بن لادن على يد قوات أمريكية فى مايو2011، تولى "الظواهرى" قيادة التنظيم، فقد كان الساعد الأيمن ل"بن لادن" والمنظر الرئيسى لتنظيم القاعدة، وأصدر بعدها بيانا حذر فيه الأمريكيين من أن أسامة بن لادن سيستمر فى ترويع الولاياتالمتحدة حتى من قبره، ليظل اسم "الظواهرى" وجماعته يثير الفزع فى أى دولة يظهر بها، وبعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى وسقوط نظام الإخوان، بدأت رسالته لأتباعه، وبدأت أعلامه تظهر، فهل سيكون له دور فى المرحلة القادمة فى زيادة العنف وتكرار ما فعله فى تسعينيات القرن الماضى؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة، وإن كان اسم "الظواهرى" سيظل فزاعة للآمنين فى كل دول العالم، طالما ظل على قيد الحياة هو وتنظيمه.