«مدبولي» عن زيادة أسعار الوقود: «المجتمع كان مهيأً.. والحكومة لم تخفِ شيئًا»    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الخميس 23-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    «تردد دولي» فى إرسال قوات إلى غزة تجنبًا ل«الصدام» مع حماس    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    «إنت عايز تهد نادي الزمالك».. ميدو يفتح النار على أسامة حسني    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    أحمد جمال: رانيا يوسف بتغير عليا في المعقول.. وشخصيتها حلوة زي ما هي    جمهور الموسيقى العربية 33 فى دنيا الحجار وأصوات نجوم الأوبرا تتوهج بالحب والطرب    عاجل | بلومبرغ: ارتفاع أسعار النفط بعد فرض عقوبات أمريكية على روسيا    البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها    الرئيس السيسى: مصر تولى اهتماما كبيرا لتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى    رئيس الوزراء البريطاني: يسعدني انضمام أمريكا إلينا بفرض عقوبات كبيرة على شركتى النفط الروسيتين    سان دييجو أو اتحاد جدة أو الهلال.. من الأقرب لضم محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول؟    ترامب يدعو مربي الماشية إلى خفض الأسعار ويؤكد استفادتهم من الرسوم الجمركية    مسئول كبير بالأمم المتحدة: سوء التغذية فى غزة ستمتد آثاره لأجيال قادمة    كوريا الشمالية تعلن نجاح اختبار منظومة أسلحة فرط صوتية جديدة لتعزيز قدراتها الدفاعية    ختام فعاليات الدورة التثقيفية للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بمكتبة مصر العامة بالمنصورة.. صور    رسميًا إعارات المعلمين 2025.. خطوات التقديم والمستندات المطلوبة من وزارة التعليم    الرئيس السيسى: إنشاء ممر استثمارى أوروبى فى مصر كبوابة للأسواق الإفريقية والعربية    لاعب سابق بالأهلى يدعم محمد صلاح: لولا أنت كان ليفربول بالمركز السابع    محمد صلاح يثير الجدل بعد حذف صورته بقميص ليفربول    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    العاصي يكشف رد فعل جنش بعد هدف الاتحاد فى الأهلى وسر تنبؤ ياس توروب بطرد كوكا.. فيديو    نشوب حريق مخزن أخشاب بطريق بلبيس – أبوحماد بالشرقية    شبورة كثيفة وتحذير شديد من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم.. وحقيقة تعرض مصر ل شتاء «قارس» 2025-2026    «التعليم» تكشف مواصفات امتحان اللغة العربية الشهري للمرحلة الابتدائية.. نظام تقييم متكامل    نفذها لوحده.. كاميرات المراقبة تكشف تفاصيل جديدة في "جريمة المنشار" بالإسماعيلية    "مياه الفيوم" زيارات ميدانية لطلاب المدارس لمحطات تنقية مياه الشرب.. صور    رئيس الوزراء: رفع أسعار البنزين لا يبرر زيادة أسعار السلع    بعد تداول فيديو مفبرك.. حنان مطاوع تنتقد استخدام الذكاء الاصطناعي في تشويه الحقيقة    الفلسطيني كامل الباشا ل"البوابة نيوز": كلمة حب واحدة قادرة على إنهاء صراع الأجيال.. لو قلت كلمة ثانية بعد "فلسطين".. ستكون "مصر".. أستعد لتصوير فيلم فلسطيني جديد عن القدس وأهلها ومعاناتهم    علي الحجار يطرب جمهور الموسيقى العربية ويحيي تراث أم كلثوم بصوته    الصحف المصرية.. حراك دولى لإلزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة    خالد الجندي: الغنى والشهرة والوسامة ابتلاء من الله لاختبار الإنسان    حياة كريمة.. الكشف على 1088 مواطنا خلال قافلة طبية بقرية البعالوة فى الإسماعيلية    طفل دمنهور يلحق بشقيقه.. مصرع طفلين سقطا من الطابق التاسع في البحيرة    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب    رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    هيلث إنسايتس تساهم في تنفيذ مشروع ڤودافون بيزنس ومصر للطيران عبر حلول رقمية متكاملة للرعاية الصحية    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    بدء غلق كوبري الأزهر السفلي أحمد ماهر 3 أيام لاستكمال تغيير الأرضية    قرمشة من برة وطراوة من جوة.. طريقة تحضير الفراخ الأوكراني المحشية زبدة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    دوللي شاهين تحقق أول مليون مشاهدة على «يوتيوب» بكليب «ترند»    د.حماد عبدالله يكتب: " للخصام " فوائد !!    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    بمشاركة 158 استشاريا.. بورسعيد تحتضن أكبر تجمع علمي لخبراء طب الأطفال وحديثي الولادة    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم إمامة الصبي المميز لأمه أو أفراد أسرته في صلاة الفريضة
نشر في فيتو يوم 28 - 05 - 2022

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ما حكم إمامة الصبي المُمَيِّز لأمه أو أفراد أسرته في صلاة الفريضة بهدف تحصيل ثواب الجماعة؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
إمامة الصلاة في الإسلام لها شأنٌ عظيمٌ ومنزلةٌ رفيعة؛ إذ بها تُقام جماعة المسلمين فتفضل صلاتهم وترتفع درجاتها، وتزيد بسبعٍ وعشرين درجةً عن صلاتهم منفردين؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه.
حكم إمامة الصبي
ولِعِظَمِ شأن الإمامة قَدَّمَ الشرع لها أفضلَ مَن يحضُرُ الصلاة مِن المسلمين؛ فكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إمامَ المسلمين في صلاتهم إذا حضرها، وتبعه على ذلك أفضل الأمة علمًا وعملًا من الصحابة والتابعين ومَن تَبِعَهُم من أهل القرون المفضَّلة المُثْلَى، وهذا ما عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا في تقديم مَن يؤُمُّهُم في صلاتهم، وإلى يوم الناس هذا.
فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (2/ 299-300، ط. مكتبة الرشد): [وقال الطبري: لما استخلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصديق رضي الله عنه على الصلاة بعد إعلامه لأمته أنَّ أحقهم بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله؛ صح أنه يَوْمَ قَدَّمَهُ للصلاة كان أقرأَ أُمَّتِهِ لكتاب الله وأعلمَهم وأفضلَهم] اه.
حكم إمامة الصبي المميز
وإنما قَدَّم الشرع لإمامة المصلين أفضلهم وأعلمهم: رعايةً لأحكام الصلاة وشروطها؛ إذ الإمام ضامنٌ لصلاتهم، فإن أصاب فَلَهُ وَلَهُم، وإن أخطأ فعليه ولا عليهم؛ ولذلك استحقَّ الأئمةُ دعاءَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم بالرشد؛ لِعِظَمِ ما أقامهم اللهُ فيه من أمر الصلاة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي في "السنن"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط".
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ؛ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وصححه ابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك".
حكم إمامه الصبي البالغ
وقد اختلف الفقهاء في صحة اقتداء البالغ بالصبي المُمَيِّز في صلاة الفريضة على قولين:
الأول: عدم صحة إمامة الصبي فيها؛ بناءً على أنَّ صلاة الإمام متضمنة لصلاة المأموم؛ كما جاء في الحديث: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ»؛ فيجبُ أنْ تكونَ مشتملةً على كلِّ أوصافِ صلاته، ومِن جملة أوصاف صلاة المأموم البالغ: الوجوب، وهو متعذرٌ في صلاة الصبي؛ لارتفاع التكليف عنه، فلا تقع صلاتُهُ فريضةً، وإنَّما تقع نافلةً، وصلاة المفترض خلف المتنفل لا تصح؛ لامتناع بناءِ القَوّيِّ -وهو صلاة الفرض في حق المأموم- على أساسٍ ضعيف -وهو صلاة الصبي التي هي في حقه نافلة-، ولأنَّه لا يؤمَنُ منه الإخلال بأركان الصلاة أو شروط صحتها؛ لكونه غير مخاطبٍ بها لعدم التكليف.
وهذا القول هو المروي عن علي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة.
فعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُمْ وَلَا سُفَهَاءَكَم فِي صَلَاتِكُم؛ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُم إِلَى اللهِ» أخرجه البيهقي في "الخلافيات".
وعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: "لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ" رواه البيهقي في "السنن الكبرى"، وعبد الرزاق في "المصنف".
وعن عطاء والشعبي ومجاهد: "لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ"، وبلفظ: "لَا يَؤُمُّ غُلَامٌ حَتَّى يَحْتَلِمَ" أخرجهما عبد الرزاق الصنعاني وابن أبي شيبة في "المصنف".
وأما نصوص جمهور الفقهاء:
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [لو قدَّم صبيًّا فسدت صلاته وصلاة القوم؛ لأن الصبي لا يصلح خليفة للإمام في الفرض، كما لا يصلح أصيلًا في الإمامة في الفرائض، وهذا على أصلنا أيضًا؛ فإنه لا يجوز اقتداء البالغ بالصبي في المكتوبة عندنا] اه.
وقال العلامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (2/ 356، ط. دار الكتب العلمية): [م: «وَالْإِمَامُ ضَامِنٌ» ش: والضمان ليس في الذمة، فإن صلاة المقتدي لا تصير في ذمته، فثبت معناه: أنَّ صلاة الإمام في ضِمنه صلاة المقتدي، وإليه أشار بقوله م: (بمعنى أنه تضمن صلاته صلاة المقتدي) ش: هذا معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» ومِن المعلوم أنَّ صلاة القوم ليست في ذمة الإمام كما ذكرنا، فيكون معنى ضامن لصلاته لتبعية صلاتهم صحةً وفسادًا، والتضمن إنما يتحقق إذا كان التضمن مثله أو فوقه، أما إذا كان دونه فلا] اه.
وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 25، ط. دار الفكر): [إنما لم تَجُزْ إمامة الصبي للبالغين؛ لأنه لا يؤمَن أن يصلي بغير طهارة؛ إذ لا حرج عليه في ذلك، ألا ترى أن شهادته إنما رُدَّتْ مِن أجْل أنه لا يؤمَنُ أن يَشهد بالزور إذ لا حرج عليه في ذلك، ولا يتعرض الصبي في صلاته لفرضٍ ولا نفلٍ، وإنما ينوي فعل الصلاة المُعَيَّنة] اه.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 479-480، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا) تصح (إمامة مُمَيِّز لبالغ في فرض)..؛ لأنها حالُ كمالٍ، والصبي ليس مِن أهلها..؛ لأنه نقصٌ يمنع التكليفَ وصحةَ الإقرار، والإمام ضامنٌ، وليس هو من أهل الضمان؛ ولأنه لا يؤمن منه الإخلال بالقراءة حال السِّرِّ] اه.
والثاني: أنَّ إمامة الصبي للبالغ في صلاة الفرض صحيحةٌ إذا كان عالمًا بأحكام الصلاة، ملتزمًا بشروط صحتها، حافظًا لما يلزم من القراءة فيها، وهو من رواية عمرو بن سلمة رضي الله عنهما، وجماعة من التابعين: كالحسن البصري، وإسحاق، وأبي ثور، والأشعث، وهو معتمد المذهب عند الشافعية؛ لأنه لا شركة بين الإمام والمأموم في الصلاة، بل كُلُّ مصلٍّ يُصَلِّي لنفسه أداءً وحُكمًا، واقتداءُ المأموم بالإمام إنما هو في متابعته في الأفعال الظاهرة فقط؛ تحرزًا من السهو والغفلة، وهو ما وجَّه به الشافعية حديث: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ»؛ كما نص على ذلك الإمام الماوردي في "الحاوي" (2/ 228، ط. دار الكتب العلمية)، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 193، ط. دار الكتاب الإسلامي).
فعن عمرو بن سلمة رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ أَبِي: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: «إذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا»، قَالَ: فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. أخرجه البخاري في "صحيحه". والحديث حجة في إمامة الصبي المُمَيِّز في الفريضة؛ كما أفاد بذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (8/ 23، ط. دار المعرفة).
ولا يُعتَرَض بأنَّ تقديمه إنَّما كان في صلاة النافلة؛ لقول عمرو بن سلمة رضي الله عنهما في رواية أخرى: "فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ، وَأُصَلِّي جَنَائِزَهُمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا" أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والبيهقي في "السنن". فأفاد تقديمه في كُلِّ صلاةٍ حضرها فيهم، ولم يُفَرِّق في ذلك بين فَرْضٍ ونَفْلٍ.وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ".
وعَنْ هِشَام بن عروة، عَنْ أَبِيهِ أنه قَالَ: لَمَّا قَدَّمَ الْأَشْعَثُ -أي: لإمامة الصلاة- قَدَّمَ غُلَامًا، فَعَابُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "مَا قدَّمْتُهُ، وَلَكِنِّي قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ" أخرجهما ابن أبي شيبة في "المصنف".
قال الإمام ابن المنذر الشافعي في "الإشراف على مذاهب العلماء" (2/ 129، ط. مكتبة مكة الثقافية): [واختلفوا في إمامة غير البالغ؛ فمِمَّن رأى أنَّ الصلاةَ خَلْفَ مَن لم يَبْلُغْ جَائِزَةٌ: الحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور] اه.
وقال الإمام الجويني في "نهاية المطلب" (2/ 373، ط. دار المنهاج): [ومعتمد المذهب أنَّ الاقتداءَ متابعةٌ في ظاهر الأفعال، والغرض منه أن يربط المقتدي فعلَه بفعل إمامه حتى لا يتكاسل ولا يتجوَّز في صلاته، وإلا فكُلُّ مُصَلٍّ لنفسه، والنيات ضمائر القلوب؛ فلا يتصوّر الاطلاع عليها حتى يفرض اقتداءٌ بها] اه.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 249، ط. دار الفكر): [(فرع): في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين: قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها] اه.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 483، ط. دار الكتب العلمية): [(و) تصح القدوة (للكامل) وهو البالغ الحر (بالصبي) المُمَيِّز للاعتداد بصلاته] اه.
ويُستدلّ أيضًا على صحة إمامة الصبي المُمَيِّز للبالغ: بما روي من عموم الأمر بتقديم الأقرأ للقرآن والأعلم بالسنة، دون تفرقة بين البالغ منهم وغير البالغ؛ فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط في السنن" (4/ 152، ط. دار طيبة): [إمامة غير البالغ جائزةٌ إذا عقل الصلاة وقام بها؛ لدخوله في جملة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» لم يذكر بالغًا ولا غير بالغٍ، والأخبار على العموم لا يجوز الاستثناء فيها إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو إجماع] اه.
وقال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (4/ 173، ط. دار ابن الجوزي): [«يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ».. وقد استدل بِهِ بنو جَرْمٍ فِي عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى إمامة الصبي، حَتَّى قدَّموا عَمْرَو بنَ سَلَمَةَ أخذًا بعمومه] اه.
هذا، بالإضافة إلى ما سبق ذِكره مِن عظيمِ مكانةِ الصلاةِ في جماعةٍ، وأنها تزيد في الفضل عن صلاة المنفرد بسبعٍ وعشرين درجة، علاوةً على أن السؤال الوارد إنما هو في سياق التواصي بالعمل الصالح بين أفراد الأسرة الواحدة، وليس في بيان الأحقّ بالإمامة في الصلاة منهم.
الإفتاء عن حكم الصلاة بالتاتو الثابت "الوشم": جائزة في هذه الحالة
ما حكم الصلاة والسلام على النبي بعد الأذان؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ إمامة الصبي المميِّز لأمِّه أو أفراد أسرته في صلاةِ الفريضة، خاصةً إذا تضمنت تشجيع الصغار مِن الأولاد على التهيُّؤ لها، والرغبة في الوصول لمنزلتها، وقصدًا لتحصيل ثواب الجماعة في البيت؛ جائزة شرعًا، وصلاة المقتدي به صحيحةٌ كما هو معتمد مذهب الشافعية ومَن وافقهم؛ بشرط أن يكون عالِمًا بأحكام الصلاة، ملتزمًا بشروط صحتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.