ثروت الخرباوى يطرح رؤية الأمس واليوم والغد فى صالون «فيتو» أحذر من تكوين جماعات تكفيرية تخرج عن السيطرة الإخوان .. زيت لايختلط بماء مصر وحضارتها أمريكا تلعب من وراء الكواليس لضرب جيش مصر القوى عبدالمجيد محمود ترفع .. ومحمد مرسى تنفع مشروع الجماعة مثل الماسونية كلاهما بلا وطن يستند إليه بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين وإقصاء رئيسها عن الحكم بإرادة شعبية ساندها الجيش المصرى، أصبح الحديث الآن عن ضرورة دمج أعضاء التنظيم فى الحياة السياسية فى مصر وإشراكهم فى المشروع الوطنى، على اعتبار أنهم فصيل سياسى لا يجب إقصاؤه، رغم أخطائه، خصوصا شباب الجماعة. صالون «فيتو» استضاف الكاتب والمفكر الكبير ثروت الخرباوى – القيادى الإخوانى السابق- للحديث عن إمكانية حدوث ذلك وتوضيح الأسباب الحقيقية وراء سرعة سقوط الإخوان، وهل كان للإخوان فعلا مشروع وطنى. بدأ الزميل عصام كامل - رئيس تحرير «فيتو»- بالترحيب بالكاتب والمفكر ثروت الخرباوى القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، وقال كامل إن التاريخ سيكتب أن الخرباوى ربما كان الإشارة الأولى لعملية كشف الحقائق والأفكار الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين، لدرجة أن بعض المتابعين كانوا ينظرون بشك وريبة لما يقوله، إلى أن أصدر الخرباوى أكثر من كتاب لاقى نجاحا كبيرا من الجماهير، وهذا يدل على أن الجماهير كانت أكثر وعيا من النخبة، لذا نرحب بك فى صالون «فيتو»، لتدور المناقشة تحت عنوان: «هل يمكن دمج شباب التيار الإسلامى بشكل عام، وشباب الإخوان بشكل خاص، فى الحياة السياسية؟ وماهى الشروط اللازمة لذلك؟ «. وتحدث الخرباوى معترضا على كلام عصام كامل - رئيس التحرير- فيما يخص ترحيب كامل به فى صالون «فيتو»، قائلًا: ثروت الخرباوى من أهل فيتو، وفيتو من أهله، ولست وحدى، ولكن كل مصر من أهل فيتو، وفيتو من أهل مصر، لأنها قامت منذ اللحظة الأولى لنشأتها بدور كبير فى التوعية وتنوير الرأى العام والجماهير، لأن قيادات هذه الجريدة تقوم بدور وطنى، لأنها شخصيات وطنية، وتحدثت «فيتو» كثيرًا عن ضرورة عودة التيارات المتطرفة إلى الرشد، وعانت كثيرا مقابل هذا، بالتعدى على صحفييها ومراسليها فى عدة محافظات، وتعرضت للعنف، «فيتو» كانت تتحدث بالقلم والتيار الآخر كان يتحدث بالإرهاب والعنف. وعن فكرة دمج شباب الإخوان فى الحياة السياسية مرة أخرى قال الخرباوى: إمكانية دمج شباب جماعة الإخوان فى الحياة السياسية والمشروع الوطنى المصرى مستحيلة، وأننا جميعا، بسلبياتنا وإيجابياتنا، شركاء فى المشروع الوطنى المصرى، لأن أى مشروع له سلبيات وإيجابيات، وليس معنى المشروع أنه مقدس لأنه إنتاج بشرى يرد عليه النقص والسلبية، وفى أثناء مسيرتنا سوف نصحح السلبيات، لأن الإنسان العاقل الرشيد هو الذى يصحح مساره عندما يشعر بالخطأ، لكن الإنسان الذى يرى أن مشروعه «إلهى» لا يمكن أن يقبل بأى تصحيح، وهناك مقولة شهيرة للمرشد الأسبق للجماعة مصطفى مشهور، عندما سئل: هل من الممكن أن تصحح الجماعة مسارها؟ فكان رده: وكيف يصحح الإخوان القرآن والسنة؟ وهنا شبه «مشهور» الجماعة بالقرآن والسنة، وهذه الأفكار تشربت بها الجماعة، واختلطت بنسيج ودماء شباب الإخوان على مدى عقود طويلة، لذا فمسألة «الدمج» تقتضى تغيير أفكار العنصر لكى يصل أن يكون طرفا فى المشروع الوطنى، ولكى يكون ذلك لا ينبغى أن يكون العنصر مثل «الزيت» ومصر مثل «الماء»، لأن الزيت والماء لا يختلطان، فكيف يختلط زيت الإخوان بماء مصر وحضارتها؟ ومشروعها الوطنى يلتقى عندما يتحول إلى مادة قابلة للذوبان فى الماء، وكل المشاريع السياسية والفكرية لدى التجمعات المصرية قابلة للذوبان فى الماء، عدا المشروع الإخواني، فهو مشروع مستقل ومنفصل وغير قابل للذوبان، ولكن هناك أفرادا بدأوا يندمجون، لكنهم يندمجون بالركون للسلبية، وأصيبوا بصدمة من المشروع الوطني، ولم يتم مسح عقولهم - كما حدث للقدامى- هؤلاء من الممكن استدعاؤهم. وسنجد أن بعض الذين ظهروا لنا بعد الثورة على أنهم انفصلوا عن الجماعة، وعلى رأسهم إبراهيم الزعفرانى وزوجته جيهان الحلفاوى، من الذين نادوا بحرية المرأة، وتم إقصاؤه، وأيضًا هيثم أبو خليل، كلهم عادوا مرة أخرى ينتصرون للجماعة. وأكد الخرباوى أن فكرة دمج أفراد التنظيم فى الحياة السياسية والمشروع الوطنى مستحيلة، مشيرًا إلى أنه خلال الفترة المقبلة سوف يتم تكوين عدة جماعات «عنقودية تكفيرية جهادية» تعتمد على السلاح، وترفع راية الانتقام، ولن يكون لأحد السيطرة عليها. وقف العنف ويقول الخرباوي: هناك حل لوقف العنف، عن طريق اللجوء لبعض العلماء ممن يحظون بقدر من الاحترام والمصداقية لدى الإخوان وخاصة الشباب، ومن هؤلاء العلماء: الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية السابق، لأن علاقته بهم طيبة، والمستشار طارق البشرى أيضا يحظى بقدر كبير من الاحترام بين عدد من المتعلمين داخل الإخوان، وأيضا الدكتور سعد الهلالى، أحد علماء الأزهر، مثل هؤلاء نبحث عنهم لكى يتوقف الشباب عن العنف فقط، لكن لدمجهم فى الحياة السياسية والمشروع الوطنى فهذا مستحيل، ومن تحدثوا قبل ثورة 25 يناير وطالبوا مبارك بدمج الإخوان فى المشروع الوطنى كانوا يظنون أن الإخوان لديهم مشروع وطني يمكن الاستفادة منه، لكن الإخوان ليس لديهم مشروع يستند إلى الوطن، ولكنه يستند إلى الأممية، والدراسة المتأنية لتاريخهم تثبت ذلك. خطايا الجماعة البناء دائمًا يستغرق وقتا وزمنا، لكن الهدم يأتى سريعًا طالما أن هذا البناء أقيم على أسس فاسدة وعلى أفكار سطحية وإحساس بالاستعلاء فى التعامل مع الآخرين، لكن مثل هذه المشروعات لا تهدم وهى فى صفوف المعارضة، لأن من يهدم هذه المشاريع الشعوب فقط عندما ترى أن هذا المشروع لا تنتمى إليه، والشعب المصرى لم ينتبه إلى هذا الأمر، لأن الإخوان لم يحكموا من قبل، لأن الجماعة كانت تعيش فى رداء الدين والاضطهاد، لذلك كان يتعاطف معها الشعب لفترات، والشعب أتى بجماعة الإخوان وليس بمرسي، لأن مرسى وحده لم يكن يصل للحكم بدون أن يكون مستندًا لهذا المشروع الذى تعاطف معه الشعب، لكن عندما وصلوا للحكم فقد انتظر الشعب تحقيق المشروع، ليس مشروع النهضة، لكن المشروع الذى بشر به الإخوان منذ عام 1928 حتى الآن، هذا المشروع الذى قالوا فيه إنه يحمل الخير لمصر، وضد إسرائيل، المشروع الذى يؤمن بالديمقراطية ويرفض القمع والتهميش، لكن الإخوان عندما وصلوا إلى الحكم تناسوا هذه الشعارات، وتحدثوا مع الشعب باستعلاء وكبرياء، ووصل بهم الأمر عندما هاجمهم معارضوهم قال أحد قيادتهم وهو صبحى صالح: « لولا الإخوان كان الله يرحم الإسلام فى مصر»، وقيام قيادات الإخوان بمهاجمة مؤسسات الدولة، وكذلك حديث محمد مرسى الذى كان يصيب المواطنين بالملل والإحباط، ومن هنا بدأ تصدير الصورة السلبية للشعب خلال عام، ولم يستطع أن يصبر عليهم أكثر من ذلك، لشعور الشعب بخطورة الجماعة على مستقبل مصر، فقرروا خلعه بعد كراهيتهم للإخوان. الخلايا المسلحة «العنقودية» يواصل الخرباوي: هذه أشياء فجائية لا تستطيع أن تحسب حسابها أو تعرفها، لأنها تكوينات منفصلة، وستكون أولى ضرباتهم موجهة صوب الكنائس والمسيحيين، لأن نفسيتهم - فى بادئ الأمر- لن تتقبل أن تقتل مسلما، ثم بعد ذلك سيزداد التطرف وستتوجه هذه الضربات إلى التجمعات الجماهيرية دون تمييز. وأن ما يحدث الآن فى الشارع من عنف ليس من «الخلايا العنقودية»، ولكن هو محاولة مقاومة لاستعادة الإخوان الحكم، وبالتالى العنف سيوجه لكل من يعارض مشروعهم، وهم يحاولون إحداث حالة من الاضطراب فى المجتمع، ثم يظهرون بمظهر الضحايا لإحداث بلبلة فى الشارع، مشيرًا إلى أن خيالهم المريض الذى اخترع أن سيدنا جبريل «عليه السلام» متواجد وسط المعتصمين بميدان التحرير، سيقوم باختراع تمثيليات لكسب تعاطف الشعب. لا عودة للجماعة جماعة الإخوان لن تعود على الإطلاق، لأن الجماعة بمشروعها انتهت وليس جماعة الإخوان فقط، ولكن أيضًا الجماعات التى سميت ب«جماعات الإسلام السياسي»، كل هذا سقط وانتهى، والإسلام باق ولا ينتهى، أما المشروع المستمد من الإسلام فقد انتهى، لأن الرسول «صلى الله عليه وسلم» مات ولم ينته الإسلام، وانتهاء الإخوان لا يعنى انتهاء الإسلام فى مصر، وهناك أفراد كثيرون سيعتزلون الجماعة نهائيا، والبعض الآخر سيلجأ للعنف. ومشروع الإخوان عندما قدمه حسن البنا - مؤسس الجماعة- كان يلبى بعض متطلبات المجتمع فى وقته، ولكن مع مرور الزمن أصبح المشروع لا يصلح، فقد تغيرت الظروف، ولم يتغير المشروع، مشيرا إلى أن قيم مشروع «البنا» ليست قيم الحرية والعدالة، لقد تحدث البنا عن الإسلام بشموله، ولكنه لم يطبقه على هذا الشمول، واعتبر أن الإسلام «سيف» واتخذ منه شعارا للجماعة، وهذا السيف لابد أن يسقط، وقد سقط، لأننا الآن فى عوالم مستقرة، والله -عز وجل- طالبنا بالتغيير بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أن البنا لم يفهم ذلك واستدعى آيات أخرى تتحدث عن الحرب وقت إنشاء الدولة، واستخدمها فى غير موضعها، واستدعى روح الجهاد فى غير موضع الجهاد، ويستدعى استخدام القوة فى غير موضع القوة، بل جعل القوة هى السند الرئيسى له، مع أن الإسلام لا ينتشر بحد السيف، لذا فهو مشروع ثأر سقط ولن يعود، ويجب أن نفكر فى مشاريع إنسانية أخرى مختلفة عن تلك المضامين، ترفع من القيم، ويوجد بها قواسم حضارية مشتركة، نطبقها وفقًا لمبادئنا. الإخوان وأمريكا أمريكا تراهن على مصالحها ومشاريعها، فهى تتصرف بعقلية الشركة الاقتصادية، والإدارة الأمريكية - وهى منفصلة عن الكونجرس الذى يعادى الإخوان- مازالت بمساعدنها المخابرات الأمريكية تساند الجماعة، وتهرب السلاح للجهاديين عن طريق غزة، للدخول فى صراع مع الجيش للقضاء عليه، لأنه الجيش العربى الوحيد الصامد، ومعنى ضرب الجيش هو ضعف مصر وانقسامها، وأمريكا تنفذ هذا المشروع، ومن يساعدوها بإثارة القلاقل من خلال جماعة الإخوان، ولكى يتم دفعها إلى التمسك بالحكم تقوم الإدارة الأمريكية باستخدام وسائل للضغط على مصر من وراء الكواليس، مثل إجبار الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» على تجميد عضوية مصر وعدم التعامل مع الاتحاد المصرى، لأنه يوجد فى بلد حدث بها انقلاب عسكري، كما أن الإدارة الأمريكية غير حريصة على الإخوان، لكنهم يسعون لإطالة عمر الجماعة من أجل الدخول فى معركة مع الجيش، لذلك لابد أن نساند الجيش. مستقبل التنظيم الدولى انتهى عصر التنظيم الدولى للإخوان، لكن ستكون هناك تنظيمات للإخوان فى بلدان العالم، ولن يكون متصلا وسيعمل كل تنظيم مستقلا، ولن يتبع مكتب إرشاد واحد، ومن المتوقع أن ثانى تنظيم سيسقط بعد مشروع الإخوان بمصر و تونس. وأمريكا تسعى لاستمرار تنظيم الإخوان، لكن فى صورته المتطرفة، عن طريق زرع الحقد بداخلهم من خلال إدخالهم فى صراع مسلح مع الجيش، يسقط فيه قتلى ويصبح هناك ثأر. غياب الوطنية مفهوم الوطنية غائب عن مشروع الإخوان المسلمين، لأن مشروعه ليس به وطنية، ولكن به أممية، والمشاريع التى تستند للأممية ليس لها وطن تنحاز إليه مثل المشروع الماسونى ليس له وطن، ففكرة الوطنية غائبة عن الإخوان المسلمين. سقوط المشروع سقوط المشروع بأكمله يعنى سقوطهم فى كل مكان، فمثلا فى نقابة المحامين التى كانوا يحصلون فيها على إجماع، وصلت الكراهية لهم إلى أقصى درجة، وأتحدى أن تجرى انتخابات فى نقابة المحامين ويخوضها أحد الإخوان، لن يستطيع حتى المتحالفين مع الإخوان من أجل مصالحهم، مثل «محمد الدماطى» فى نقابة المحامين، هذه الشخصيات راهنت على الحصان الخاسر من أجل مصالحهم، فسقطوا أيضا ولن يكون للجماعة وجود. السيناريو الجزائرى وعندما وصل الإسلاميون للحكم فى الجزائر واستحوذوا على أغلبية البرلمان، وبدأوا محاولات فرض الرأى بالقوة، وقتها اكتشف المجتمع الجزائرى أن هؤلاء ليسوا رجال سياسة ولا حكم ولا فكر ولا دعوة، وبدأ رفض الشعب الجزائرى لهم، وتحولت الجزائر إلى دولة بها صراع مسلح استمر عدة سنوات، لكن السيناريو الجزائرى لا يمكن تكراره فى مصر لأسباب كثيرة، نظرا لاختلاف طبيعة الشعبين، وبالتالى ستحاول الجماعات المتطرفة ممارسة العنف على الشعب، لكن هذا العنف سينتهى سريعا كما انتهى حكم الإخوان فى خلال عام. اعتقال المرشد يؤكد الخرباوى أن نظام مبارك أرسى مبدأ عدم اعتقال أو سجن المرشد العام للجماعة، وهذا سوف يستمر، خصوصا مع ظهور دعوات لدمج الجماعة والتعامل معهم واحتضانهم، وهذا سيكون توجها فى الفترة القادمة، وقرار اعتقال المرشد يعنى الدخول مع هذا التيار فى صراع دموى، والفترة الانتقالية لا تستوعب ذلك، والمرشد سيحقق معه وسيفرج عنه، وكذلك بعض قيادات الإخوان سيفرج عنهم إلا من ثبت فى حقه أنه اضر بالوطن. صراع المعارضة صراع المعارضة غير وارد على الإطلاق، ويجب أن نفرق بين أمرين: اختلاف المعارضة وصراعها، لأن الاختلاف غير الصراع، والاختلاف أمر وارد وسيحدث، لكن الصراع لن يحدث، وسيتم احتواء الخلاف بطريقة بسيطة وسهلة، لأن الخلاف طبيعى نتيجة الاختلاف الفكرى. استقالة عبد المجيد محمود يضيف المفكر والكاتب الكبير ثروت الخرباوي: إن استقالة المستشار عبد المجيد محمود - النائب العام- أدخلته التاريخ من أوسع أبوابه، لأن هذا رجل جاء له الكرسى يتهادى، فآثر الاستقالة، أما مرسى فعزله الشعب لكنه أصر على البقاء على الكرسى، وسوف يحكم التاريخ بين الاثنين ،هذا رجل ترفع، وهذا رجل تنفع.