الحق اشتري شبكتك النهارده، تعرف على أسعار الذهب اليوم الأربعاء 11/6/2025    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    محافظ الدقهلية يتحفظ على تروسيكل لأحد النباشين في جولة ليلية بالمنصورة    محافظ سوهاج يُتابع تنفيذ كوبري المشاة بمنطقة الثلاث كباري    ترامب: لوس أنجلوس تتعرض لاجتياح من قبل "أعداء أجانب"    بكاء هيستيري لوسام أبو علي لضياع حلم فلسطين في كأس العالم 2026.. صور    منتخب هولندا يقسو على مالطا في تصفيات المونديال    زيزو: طموحاتي مع الأهلي بلا حدود ولست نادمًا على أي قرار أتخذه في حياتي    ليفربول يوافق على طلبات ليفركوزن ويحسم صفقة ضم فيرتز    بثلاثية قاسية.. إنجلترا تسقط أمام السنغال وديًا    أسر الشهداء لوزير الداخلية: «كنتم السند في أطهر بقاع الأرض»    يحيى الفخراني عن فيلم عودة مواطن: نافس على جوائز عالمية وفشل في مصر (فيديو)    الصحة الواحدة.. رؤية شاملة تحولها من نظرية علمية إلى نمط حياة    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "يمثل نفسه".. الخارجية الأمريكية تتبرأ من تصريحات سفيرها في تل أبيب    الحوثيون: نحذر كافة الشركات والجهات المختلفة من التعامل مع ميناء حيفا    "يتحدث نيابة عن نفسه".. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم إطلاق النار بمدرسة بالنمسا إلى 11 قتيلًا    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية بمدينة العاشر من رمضان    المرحلة الثانية من الأتوبيس الترددي BRT.. موعد التشغيل والمحطات    مقابل 92 مليون جنيه..أكت فاينانشال تزيد حصتها في بلتون القابضة إلى 4.64%    ماسكيرانو يعلق على مواجهة الأهلي وإنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية    حسن مصطفى: الأهلي قادر على التأهل من دور المجموعات بمونديال الأندية    أحمد أبو مسلم: الأهلي قادر على التأهل في مونديال الأندية.. وميسي لاعب عادي    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    استعلام.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2025 الترم الثاني برقم الجلوس بجميع المحافظات    تحرير 6 محاضر صحية في حملة رقابية ببني سويف    قبول دفعة ناجحين بالصف السادس الابتدائي للالتحاق بالمدارس الرياضية بالوادي الجديد    إصابة شاب فلسطيني برصاص قوات خاصة إسرائيلية.. والاحتلال يقتحم عدة قرى وبلدات    "ليه وقفات نفتخر بيها".. ماذا قال يحيى الفخراني عن الزعيم عادل إمام؟    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    يحللون كل شيء.. 3 أبراج يفكرون في الأمور كثيرًا    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    يحيى الفخراني: مفاجآت بالجملة في العرض الثالث ل"الملك لير"    شيرين رضا تحتفل بعيد ميلاد ابنتها نور    أبرزهم أسماء جلال وتارا عماد.. 20 صورة لنجمات الفن في حفل زفاف أمينة خليل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني    مرصد التعاون الإسلامي: الاحتلال يرتكب جرائم حرب بقصفه المستشفيات في غزة    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    دهون الكبد، الأعراض والتشخيص وطرق العلاج والوقاية    رئيس الوزراء يطالب بتكثيف الجهود للقضاء على مرض الجذام    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    القبض على لص «النقل الذكى»    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم إطلاق لقب "الغوث" على الولي الصالح؟؟.. الإفتاء تجيب
نشر في فيتو يوم 10 - 12 - 2021

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ما حكم إطلاق لقب "الغوث" على الولي الصالح؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

الغوث: اسم مصدر من الإغاثة لُقِّب به بعض من اشتهروا بالنجدة والفتوة من باب إطلاق الحدث على الذات لتمكُّن الشخص في المعنى كأنه تجسد فيه.
قال العلامة ابن دريد في "جمهرة اللغة" (1/ 429، ط. دار العلم للملايين): [الْغَوْث: اسْم، يُقَال: غاثه يغوثه غوثًا، وَهُو الأَصل، وأغاثه يغيثه إغاثة؛ فأميت الأصل من هَذَا وَاسْتُعْمل أغاثه يغيثه إغاثة، وَقد سمَّوا غوثًا ومغيثًا وغياثًا] اه.
وقال السيد المرتضى الزبيدي في "تاج العروس" (5/ 315، ط. دار الهداية): [(و) قد (سمَّوْا غوثًا) وهو اسم يوضع موضع المصدر من أغاث (وغِيَاثًا) بالكسر (ومغيثًا) بالضم] اه.
إطلاق لقب الغوث على الولي الصالح
وقال العلامة ابن عقيل في "شرحه على ألفية ابن مالك" (3/ 201، ط. دار التراث): [يكثر استعمال المصدر نعتًا؛ نحو: مررت برجل عدْل، وبرجلين عدْل، وبرجال عدْل، وبامرأة عدْل، وبامرأتين عدْل، وبنساء عدْل، ويلزم حينئذٍ الإفراد والتذكير، والنعت به على خلاف الأصل؛ لأنه يدل على المعنى لا على صاحبه، وهو مُؤَوَّلٌ: إما على وضع عدل موضعَ عادِل، أو على حذف مضاف؛ والأصل: مررت برجل ذي عَدْل، ثم حذف "ذي" وأقيم "عدل" مقامه، وإما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى مجازًا أو ادِّعاءً] اه.
وتلقيب الولي الصالح بالغوث -حيًّا كان أو ميتًا- ليس فيه معنًى سوى أنه سببٌ في إغاثة الخلق؛ والإغاثة مندوب إليها شرعًا؛ سواء في ذلك الإغاثة في مصالح الدنيا والإغاثة في مصالح الدين.
والعقيدة الإسلامية ناطِقةٌ بأمرين على السواء:
الأول: أن الخلق والتأثير في الإغاثة على الحقيقة إنما هو لله تعالى وحده دون أحدٍ مِن خَلقِه؛ حيًّا كان هذا المخلوق أو ميتًا؛ وقد ورد وصف الله تعالى "بالمغيث" كما ورد ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في عد الأسماء الحسنى عند الحاكم في "المستدرك على الصحيحين".
الثاني: أنه قد يُسنَد إلى بعض الخلائق شيءٌ أُسند للذات الإلهية مِن باب أن الله تعالى أقام هذا المخلوق سببًا في هذا الأمر على سبيل المجاز المرسل أو العقلي؛ كما أسند إلى عيسى عليه السلام الخلق والإحياء وإبراء الأكمه والأبرص باعتبار أن الله تعالى أجرى هذه الأمور والتصرفات على يديه فجعله سببًا فيها؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 49]
وفي قوله: ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: 110]؛ ولذا قيدت هذه الأمور في الآيات بقوله: ﴿بِإِذْنِ اللهِ﴾ و﴿بِإِذْنِي﴾، ولذلك جاز طلب الغوث من الخلق على جهة التسبب لا على جهة التأثير؛ كما في قوله تعالى حكاية عن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: 15].
وعليه: فتلقيب المخلوق بأنه "غوث" إنما يُقصَد به أنه سببٌ للإغاثة، أما الله سبحانه وتعالى فإنه المغيث على الحقيقة أي المُؤَثِّرُ الخالق، والاشتراك في لفظ الوصف لا يقتضي الاشتراك في تَمَام المعنى بين الخالق والمخلوق؛ فشَتَّان بين صاحب القُدرة المُطلَقة وبين مَن يُنعَم عليه ببعض أوصاف الكمال البشرية؛ فالعبدُ عبدٌ والربُّ ربٌّ، وهناك فارقٌ بين المخلوق والخالق، فالله تعالى موصوفٌ بالكريم والرحيم، وبعضُ خَلقِه موصوفٌ بهما كذلك، وهو تعالى الهادي على الحقيقة وقد نَسَبَ الهدايةَ لِبَعضِ خَلقِهِ؛ كما قال في حَقِّ نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: 52]، وهو المتوفِّي للآجال، وهو المحيي المميت على الحقيقة، وقد نَسَبَ إلى ملائكته فِعلَ هذا فقال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61].
وقد خَلَقَ اللهُ تعالى على يد بعض عباده مِن الأحياء والأموات أسبابًا لإغاثة الخلق؛ ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَضَلَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوْ أَرَادَ أَحَدُكُمْ عَوْنًا وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسٌ، فَلْيَقُلْ: يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، يَا عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونِي، فَإِنَّ للهِ عِبَادًا لا نَرَاهُمْ» أخرجه الطبراني في "الكبير" وقال عقب رواية الحديث: [وَقَدْ جرِّبَ ذَلِكَ] اه.
وابن حجر في "المطالب العلية"" وأبو يعلى بلفظ آخر، ونحوه عند البزار من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه: «إن لله ملائكةً في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط مِن ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فلينادِ: أعينوا عباد الله».
فهذا الحديث فيه مشروعية أن بعض الخَلق الذين لا نراهم جعلهم اللهُ نجدةً لِمَن يَستغيث بهم، وقد فعل ذلك إمامُ أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله واستغاث بعباد الله الغائبين عنه؛ كما نَقل ذلك عنه ابنُه عبدُ الله في "المسائل" (217) -وأسنده عنه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/ 128)، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/ 298)- قال: سمعت أبي يقول: "حججت خمس حِجَجٍ؛ اثنتين راكبًا، وثلاثًا ماشيًا، أو ثلاثًا راكبًا، واثنتين ماشيًا، فضَلَلْتُ الطريقَ في حجةٍ وكنت ماشيًا، فجَعَلْتُ أقولُ: يا عباد الله! دُلُّونِي على الطريق، قال: فلم أزل أقول ذلك حتى وَقَفْتُ على الطريق"، أو كما قال أبي. وذكر هذه القصة أيضًا العلَّامة ابن مفلح الحنبلي تلميذ ابن تيمية في كتاب "الآداب الشرعية".
وقال الإمام النووي الشافعي في "الأذكار" في "باب ما يقول إذا انفَلَتَتْ دابَّتُه" (ص: 331، ط. دار الفكر): [قلت: حكى لي بعضُ شيوخنا الكبار في العلم أنه انفَلَتَتْ له دابَّةٌ أظُنُّها بَغلةً وكان يَعرف هذا الحديثَ، فقاله، فحَبَسَها اللهُ عليهم في الحال. وكنت أنا مَرةً مع جماعةٍ فانفَلَتَتْ منها بَهِيمَةٌ وعجزوا عنها، فقُلتُه فوَقَفَتْ في الحال بغير سببٍ سوى هذا الكلام] اه.
وإذا جازت الاستغاثة بالغائب -الذي لا يَعرف المستغيثُ عينَه ولا يَتحقق سماعَه- فلأن تجوز بمن عُرِفَتْ أعيانُهم وتحققت حياتُهم وثبت في السُّنة سماعُهم من باب أَوْلَى، وليس نداءُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم والأولياءِ الصالحين وخطابُهم أقلَّ مِن عباد الله الذين أمرنا أن نناديهم ونستغيث بهم في ردِّ الدابة، ومقصودُه صلى الله عليه وآله وسلم هو التسبُّب، فإن الله رَبَطَ الأمورَ بالأسباب، وهو صلى الله عليه وآله وسلم أعظمُ الوسائل والأسباب.
معنى إطلاق لقب الغوث على الولي الصالح
وقد شاع إطلاق الغوث والغياث على الأشخاص تسمية وتلقيبًا وتكنيةً:
قال العلامة السيد محمد مرتضى الزبيدي في "تاج العروس" (5/ 315، ط. دار الهداية): [غوث قبيلة من اليمن، وهو غوث بنُ أُدَدَ بن زيد بن كهلان بن سبأ، وفي التهذيب: غوث: حي من الأزد.. والغوث بن مر، في مضر، والغوث بن أنمار، في اليمن، كذا في أنساب الوزير، وغوث بن سليمان الحضرمي القاضي: مصري] اه.
وقد حاز المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من معنى "الغوثية" كمالَه من بين المخلوقين؛ حتى صار معدودًا في أسمائه الشريفة عند كل مَن صنف في عَدِّ أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنه أعظم الخلق سببًا للإغاثة ونجدة المستغيثين.
قال الحافظ السيوطي في "الرياض الأنيقة في أسماء خير الخليقة" (ق 60/ أ): ["المُغيث": ذكره ابن خالويه وغيره، قال ابن دحية: وسُمِّيَ به لأنه كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وتقدم في اسمه "الأجود" وما يتعلق بهذا، وقد استسقى وأُمطِرَ في الحين بالمطر الجود العامر، قال فيه عمه أبو طالب: وأبيض يُستسقى الغمامُ بوجهه... ثمال اليتامى عصمة للأرامل] اه.
وقال العلامة القسطلاني في "المواهب اللدنية بالمنح المحمدية" (1/ 448، ط. المكتبة التوفيقية) في عد أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم:[الغوث، الغيث، الغياث] اه.
وقال العلامة الزرقاني في "شرحه على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية" (4/ 207، ط. دار الكتب العلمية): [الغوث: النصير الذي يستغاث به في الشدائد والملمات، ويستعان به في النوازل والمهمات. الغيث الغياث: ذكرهما ابن دحية، والغيث المطر الكثير؛ لأنه كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكم استسقى فأُمطِروا في الحين، فذكر سبعًا منها ثلاث من أسمائه تعالى، وزاد الشامي الغطمطم بطاءين بوزن زبرجد: الواسع الأخلاق الحليم] اه.
ونحوه للإمام الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (1/ 493، ط. دار الكتب العلمية).
وقال العلامة ابن أطفيش الجزائري في كتابه "الغسول من أسماء الرسول" (ص: 124-125، ط. حجر 1319ه): [ومن أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم: (الغَوْثُ)؛ بمعنى: الذي يُستَغاثُ به في الشدائد والمُلِمَّات، ويُستَعانُ به في النوازل والمُهِمَّات، ومن أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم: (الغَيْثُ)؛ لأنه كالمطر الكثير، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، وإذا استسقى أُمْطِرَ في الحين، ويُستَسقَى به طفلًا فيُسقَوْن، ويُستَسقَى بعمه العباس فيُسقَوْن ببركته صلى الله عليه وآله وسلم] اه.
وعرف صلى الله عليه وآله وسلم بأنه سبب يتوسل به في إنزال الغيث وعرف بأنه كان سبب في غوث المستغيث به.
فروى البخاري في "صحيحه" بسنده عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يتمثل بشعر أبي طالب:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وعند ابن ماجه في "السنن" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر، فما نزل حتى يجيش كل ميزاب بالمدينة فأذكر قول الشاعر:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وهو قول أبي طالب.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 496، ط. دار المعرفة): [قوله ثِمَال بكسر المثلثة وتخفيف الميم: هو العِمَاد والمَلجأ والمُطعِم والمُغيث والمُعين والكافي قد أطلق على كل من ذلك] اه.
وروى البخاري في "صحيحه" عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتَسْقِينا، وإنا نتوسل إليك بِعَمِّ نبينا فاسْقِنا"، قال: فيُسْقَون.
وقد اصطلح أهل الله من السادة الصوفية على تلقيب خير أهل الوقت وأقربهم إلى الله تعالى وأعظمهم ولايةً له وموضعًا لِنَظَرِهِ "بالقطب" و"الغوث"؛ وذلك لِمَا تحقق فيه من معاني الولاية والصلاح التي تجعله مستجاب الدعاء عند الله تعالى أكثر من غيره؛ فيكون ذلك سببًا لالتجاء الخلق إليه.
قال العلامة السيد الشريف الجرجاني رحمه الله في "التعريفات" (ص: 163، ط. دار الكتب العلمية): [الغوث: هو القطب حينما يُلتجأ إليه، ولا يُسَمَّى في غير ذلك الوقت: غوثًا] اه.
وفي تعبيرهم بأن "الغوث" إنما يسمى بذلك في حالة الالتجاء إليه إشارة إلى أن "الغوثية" في الولي حالة يهبها الله تعالى له إذا التجأ إليه أحد الخلائق لقضاء حاجته، بخلاف إمداد الله تعالى للخلائق وإغاثته إياهم فليس هذا عارضًا ولا نسبيًّا فهو تعالى الفاعل القادر المختار على الإطلاق دون تقييد.
ومعلومٌ أنَّ مَن تَسَمَّى باسمٍ أو تَلَقَّب به ظَلَّ مَعروفًا به بعد وفاته ولم يَزُلْ عنه بالوفاة؛ فلا زال الأعمش والأعرج وغيرهم مِن المُحَدِّثِين معروفين بهذه الألقاب أحياءً وأمواتًا.
وقد وردت السُّنة المُشَرَّفة بإقرار أصل تلقيب الصالحين بما يشعر بمنزلتهم عند الله تعالى بنحو ما اشتهر عند السادة الصوفية مِن الأوتاد والأبدال.. إلخ حتى صنف الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي رسالته الشهيرة المضمنة كتابه "الحاوي في الفتاوي" والمسماة "الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال" قال في أولها: (2/ 291، ط. دار الفكر للطباعة والنشر): [بلغني عن بعض من لا علم عنده إنكار ما اشتهر عن السادة الأولياء من أنَّ منهم أبدالًا ونقباء ونجباء وأوتادًا وأقطابًا، وقد وردت الأحاديث والآثار بإثبات ذلك فجمعتها في هذا الجزء لتستفاد -ولا يُعوَّل على إنكار أهل العناد- وسميته: الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال. والله الموفق] اه، ثم ساق الأحاديث والآثار الدالة على ذلك.
ونقل فيها عن الحافظ ابن حجر أنه قال في "فتاويه": [الأبدال ورد في عدة أخبار؛ منها ما يصح وما لا، وأما القطب فورد في بعض الآثار، وأما "الغوث" بالوصف المشتهر بين الصوفية فلم يثبت] اه.
وإن يكن التلقيب بالغوث لم يرد بعينه فإنه لا يدل على منع الوصف والتلقيب به؛ إذ عدم ورود اللفظ لا يدل على منع التلقب والاتصاف به، وإلا حرمت كثير من الألقاب العلمية ومصطلحات الفنون التي جعلت بحيال تنوع المعاني أو تفاوت المراتب التي تلحق الذوات والأعراض؛ من مثل تقسيم المحدثين إلى مسند ومحدث وحاكم إلى أن يصل إلى شيخ الإسلام في الحديث، ومراتب الناس حيال الأحكام الشرعية إلى مقلد ومجتهد في المذهب ومجتهد مطلق ومجتهد مستقل إلى آخر ذلك من اصطلاحات العلوم الدالة على مراتب أصحابها في التمكن في العلم.
ثم إن النظر في جواز التلقيب باللقب أو عدم جواز ذلك إنما هو في المعنى الذي يدل عليه اللقب؛ فإن دل على معنًى غير ممنوع شرعًا لم يمنع التلقيب به وإلَّا مُنعَ.
ما حكم الشرع في الطواف بقبور الصالحين؟.. دار الإفتاء تجيب
دار الإفتاء توضح حكم التوقيع على الطلاق دون النطق به
وهذا المعنى هو الذي جعل بعضَ السلف الصالح يتخذ هذا اللقب لبعض الأولياء حتى مع عدم العلم بوروده؛ إجراءً للمعنى الذي ورد فيه نصٌّ على ما لم يرد فيه نص.
فروى الإمام الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/ 127، ط. دار الغرب الإسلامي) بسنده عن عبيد الله بن محمد العيشي،[ قَالَ: سمعتُ الكتاني، يقول: النقباء ثلاثمائة، والنجباء سبعون، والبدلاء أربعون، والأخيار سبعة، والعمد أربعة، والغوث واحد، فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمد، فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث؛ فلا يتم مسألته حتى تجاب دعوته] اه.
وعليه: فإن إطلاق لقب القطب والغوث على بعض الأولياء الذين اشتهر في الناس تسبُّبُهم في الإغاثة واستجابة الدعاء جائز شرعًا، وعليه جرى عمل المسلمين، والقول بأنه حرام قول باطل لا يُعوَّل عليه ولا يُلتفَتُ إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.