استقرار أسعار الذهب عالميً اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي الجاري تنفيذها بالتعاون مع شركاء التنمية    «القومي لحقوق الإنسان»: مطالبة مدعي «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو شهادة على جرائم إسرائيل    الوكالة اللبنانية للإعلام: مقتل اثنين في غارة إسرائيلية على جنوبي لبنان    ليفركوزن يسعى لمواصلة تحطيم الأرقام القياسية.. ماذا قدم في مبارياته أمام أتالانتا؟    عبر تليجرام.. تداول امتحان العلوم لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    أزمات وشائعات طاردت زوجة محمد صلاح    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    أسعار الدواجن اليوم 22 مايو 2024    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارعي رمسيس والهرم (فيديو)    طريقة عمل العجة المصرية، لفطار سريع وبأقل التكاليف    توافد طلاب أولى ثانوى بالجيزة على اللجان لأداء الكيمياء في آخر أيام الامتحانات    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    «حديد عز» بعد الانخفاض الكبير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    روسيا تبدأ تدريبا لمحاكاة إطلاق أسلحة نووية تكتيكية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخطط إخواني إرهابي لاستعادة السلطة
نشر في فيتو يوم 09 - 07 - 2013


الساعات الأخيرة فى حكم مرسى(2)
مرسى طلب الخروج الآمن هو وأعضاء مكتب الإرشاد
المعزول رفض طلب السيسى ثلاث مرات بإجراء استفتاء حول الانتخابات الرئاسية
المخطط شمل هجوما من السودان وآخر من ليبيا ونشاطا إرهابيا في سيناء لتشتيت الجيش
رئيس الأركان حذر قادة حماس إذا تورطوا فى شئوننا الداخلية
مرسى ظل يتظاهر بالتماسك وطلب أن يحضروا له من منزله «كوتشى»
الرئيس المعزول أبلغ أوباما أن المتظاهرين لايتجاوزون 160 ألفا ورفض الاستجابة لطلب تقديم تنازلات
منذ الساعات الأولى ليوم 30 يونيو كان الرئيس السابق مرسي عمليا لم يعد يحكم بالفعل، منذ صار في ضيافة القوات المسلحة عندما تم إقناعه بالانتقال إلى دار الحرس الجمهوري، بعيدا عن قصور الرئاسة لتوفير الأمن له.. وبذلك صار الرئيس السابق تحت عين قيادة القوات المسلحة وكل ما يقوم به ويتصرفه اصبحت تعلم به.. فقد كانت هذه الساعات عصيبة بالفعل في ظل المعلومات التي توافرت لدي قيادة المؤسسة العسكرية عن مخطط كبير أعدته جماعة الإخوان وشرعت بالفعل في تنفيذه استباقا للتحرك الشعبي المنتظر في يوم 30 يونيو لعزل الرئيس مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، فقد كان هذا المخطط واسعا ومركبا وشاملا ويتضمن إعلانا بحرب واسعة على الشعب المصري كله.. فهو كان يقضي بفتح اربع جبهات في وقت واحد.. جبهة من الجنوب عبر السودان حيث تهاجم مجموعات جهادية وإرهابية غير مصرية البلاد عبرها وتتعاون معها جماعات جهادية معها لفرض السيطرة على الصعيد كله، وإحكام قبضتها على الجهاز الإداري فيه، وطرد قوات الشرطة من محافظاته، اما الجبهة الاخري فقد كانت في الشمال الغربي، حيث تهاجم مجموعات جهادية غير مصرية أيضا عبر ليبيا مصر، وتتعاون مع جماعات جهادية وعدد من المسلحين المؤيدين للإخوان والمنتمين اليهم للسيطرة على المنطقة الغربية، وإحكام قبضتها إداريا عليها.. بينما كانت الجبهة الثالثة في سيناء حيث كان من المقرر أن تهاجم مجموعات مسلحة تنتمي لحماس ومنظمات جهادية فلسطينية وغير فلسطينية مصر عبرها وتتعاون مع المجموعات الإرهابية التي استوطنت سيناء خلال العام الماضي، والتي يقدر عددها ببضعة آلاف من الجهاديين الذين تم ترحيلهم من افغانستان، لتوفير الهدوء الأمني لها قبل انسحاب القوات الامريكية منها طبقا لما هو مقرر سلفا.
إشعال الجبهة الداخلية
ويتبقي بعد ذلك الجبهة الداخلية ولعلها كانت ومازالت الجبهة الأهم حيث خطط الإخوان لتفجيرها وإشعالها من خلال جماعات مسلحة منتشرة في جميع مدن وقري مصر حاليا، تقوم بعمليات قتل وتخريب وترويع لمصريين، حتي يتوقفوا عن التظاهر والاحتجاج والأهم حتي يسقط عدة مئات من القتلي في الشوارع، ويكون ذلك مسوغا لطلب تدخل قوات اجنبية امريكية وأوربية وتحديدا من حلف الناتو دفاعا عن الشرعية المزعومة،بعد تصوير ما يحدث أنه انقلاب عسكري يتم إعداده للإطاحة بالرئيس المنتخب وهذا ما اضطر د.عصام الحداد للإفصاح عنه صراحة بعد أن تأكد له أن الأمور لاتسير لصالحهم. وكان هذا المخطط الإخواني يتضمن تخريب القوات المسلحة من خلال الإطاحة بكل قياداتها العليا وحتي الوسطي، وتحريض المجندين على ترك وحداتهم العسكرية، حاملين معهم اسلحتهم ، خاصة المجندين الذين ينتمون إلى الصعيد، بالإضافة بالطبع إلى اجبار القوات المسلحة على خوض مواجهات على الحدود المصرية مع غزة، ومع وليبيا، ومع السودان في وقت واحد، والسعي لقتل أكبر عدد من الضباط والجنود، ويصاحب ذلك السيطرة على كل الوزارات وكل المحافظات والمقرات الحكومية في المدن الرئيسية، وهذا ما كان يقصده الإخوان وحلفاؤهم من الجماعة الإسلامية، بإعلان الثورة الإسلامية إذا ما تمت الاطاحة بمرسي.
لذلك.. كان من الضروري أن تفتح القوات المسلحة عيونها علي آخرها لتري وتتابع ما يقوم به ويفعله الرئيس مرسي عندما اقتربت ساعة الصفر لتنفيذ هذا المخطط، مثلما فعلت الاجهزة الأمنية والاستخباراتية أيضا ولقد وفر نقل الرئيس السابق إلى دار الحرس الجمهوري ذلك لقيادة القوات المسلحة حيث اصبح في حوزتها، وكل ما يقوله ويفعله تعرفه في حينه.. وهذا ما حدث بالنسبة للخطاب الذي القاه مرسي يوم الاثنين الماضي الأول من يوليو ، حيث علم الفريق السيسي ومعه قيادة القوات المسلحة بكل ما في هذا الخطاب الذي سجله الرئيس السابق في دار الحرس الجمهوري، ورؤي ألا تتخذ اي إجراءات لمنع إذاعة هذا الخطاب، لأنه كان ثمة تقدير بان هذا الخطاب سوف يزيد الاحتجاجات الشعبية أكثر فضلا عن أنه يوفر أسباب تنفيذ ماوعد به الفريق السيسي في بيانه مساء يوم الحشد الشعبي العظيم 30 يونيو، بان تشرف القوات المسلحة على خارطة المستقبل التي تلبي طلبات جموع الشعب والتي تركزت على إنهاء حكم الإخوان والاطاحة بمرسي.
غير أن قيادة القوات المسلحة لم تكتف بذلك فقط لإجهاض المخطط الإخواني الذي كان معدا لشن حرب شاملة ضد الشعب المصري، فقد عمدت على نشر القوات في مواقع شتي لتأمين الحدود المصرية أولا سواء مع ليبيا، أو السودان، ووجه الفريق صدقي تحذيرا صارما لقيادات حماس بدخول القوات المصرية إلى غزة والسيطرة عليها في غضون ساعتين إذا ما فكروا في مجرد التدخل في الشئون المصرية، ولعل هذا هو ما جعل حماس تتراجع عن القيام بما كان مقررا في المخطط الإخواني خوفا من إلقاء القبض علي عناصرها قبل تحذير رئيس الاركان المصري لقادتها، كما أهتمت قيادة المؤسسة العسكرية بالسيطرة على كل المواقع الحيوية في البلاد، خاصة مقار الحكومة، ومقار المحافظات، وقناة السويس والمحاور الرئيسية والمهمة في كل ربوع البلاد، وتم ذلك كله قبل 30 يونيو، واكملت القوات المسلحة سيطرتها على ما تبقي من مواقع قبل إعلان الفريق السيسي خارطة المستقبل، والتي تمت استجابة لمطالب الشعب بعزل مرسي ولذلك تأخر إعلان هذه الخارطة حتي يأخذ القائد العام ورئيس الاركان العام بالتنفيذ لخطة الانتشار العسكري والسيطرة من كل القادة العسكريين المنتشرين في ربوع البلاد.
إقناع الرئيس
وقد كانت قيادة المؤسسة العسكرية تتمني حتي اللحظة الاخيرة أن ينصاع الرئيس السابق لمطالب شعبه وان يحسن هو وإخوانه إخوانه تقدير خطورة الموقف، واستحالة استمراره في منصبه امام هذا الطوفان الشعبي الرائع الذي اجتاح مصر كلها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، يطلب وضع نهاية لحكم الإخوان، كان الفريق السيسي ومعه بقية قادة القوات المسلحة يسعون لإقناع الرئيس السابق لأن يسارع بالدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي على الانتخابات الرئاسية المبكرة، فالفريق السيسي كان يعلم أنه في ظل هذا الرفض الشعبي الواسع لاستمرار مرسي وإخوانه في الحكم ستأتي نتيجة الاستفتاء لصالح الانتخابات الرئاسية المبكرة، وبذلك يتحقق خروج مرسي وإخوانه من الحكم بشكل لا يتضمن اي شبهات بأن خروجه تم بانقلاب عسكري فالفريق السيسي الذي ادرك منذ وقت مبكر استحالة بقاء مرسي في منصبه كرئيس للجمهورية بسبب الرفض الشعبي الكاسح، كان أيضا يضع في اعتباره إجهاض أحد عناصر المخطط الإخواني، والذي يستهدف منح مبرر لدخول قوات اجنبية مصر، بدعوي حماية الرئيس المنتحب من انقلاب عسكري دبر ضده، ولتجنيب البلاد من اي اضرار أخرى مثل المقاطعة الاقتصادية، وحجب المساعدات العسكرية الامريكية وغيرها.
غير أن الرئيس السابق رفض بشدة أي حديث عن ترك السلطة سواء من خلال استفتاء، أو بالاستقالة وبرر ذلك بما قاله في خطابه يوم أول يوليو بأنه رئيس منتخب، والرئيس المنتخب يجب أن يستكمل الفترة التي انتخب رئيسا ليتولي الرئاسة فيها وهي اربع سنوات، وإن كان مرسي ابدي استعداده فقط للاستجابة للمبادرة التي سبق أن قدمها حزب النور قبل شهور، والتي تقضي بتشكيل حكومة جديدة ائتلافية، تضم كفاءات مهنية، وتغيير النائب العام، وتشكيل لجنة لتعديل دستور 2012، اما ما لم يقله الرئيس السابق في خطابه وقاله للفريق السيسي ليبرر به رفض الاستجابة لمطالب الشعب بالانتخابات الرئاسية المبكرة، وقاله أيضا للرئيس الامريكي اوباما خلال اتصالهما التليفوني فهو أن مؤيديه أكبر من معارضيه، وان حشود المعارضين لا تزيد علي 160 ألف متظاهر، منهم الفلول، وانصار النظام السابق، ومن حشدته الكنيسة ومن حشده عدد من رجال الاعمال الذين يدافعون عن مصالحهم، ويرفضون اداء ما استحق عليهم للدولة.
لقد ظل الرئيس السابق محمد مرسي ثابتا على موقفه، رافضا التنحي وترك السلطة أو إجراء استفتاء حول الانتخابات الرئاسية المبكرة، لأنه كان ينفذ القرار الذي اتخذه مكتب الارشاد بعدم التفريط في السلطة، ولو اقتضي الأمر شن حرب شاملة على الشعب المصري بكل مؤسساته، من جيش، وشرطة وقضاء، واجهزة إدارية، وإعلام، واستباحة ارضه مع الاستعانة بالجماعات الجهادية في السودان وليبيا والموجودة في سيناء، وكذلك حماس التابعة للتنظيم الدولي للإخوان.. ورفض مكتب إرشاد الجماعة في هذا الصدد نصائح من بعض قيادات التنظيم الدولي الموجودين خارج مصر كان أبرزهم راشد الغنوشي بالانحناء قليلا امام العاصفة الشعبية العاتية، والتضحية بالدكتور مرسي لإنقاذ كيان الجماعة، والاستعداد لخوض جولة أخرى للعودة إلى حكم مصر.
الطوفان الشعبى الجارف
وكانت ثقة مرسي بإخوانه وجماعته كبيرة جدا طوال الوقت، حتي بعد أن شاهد الطوفان الشعبي الجارف في 30 يونيو، لأنه كان يعرف بالمخطط الذي أعدته وجهزته جماعته لتنفيذه للاحتفاظ بالحكم، من خلال شن الحرب على الشعب المصري وجيشه، ورغم الارتباك والفزع الذي ساد اوساط الرئاسة والجماعة إلا أن الرئيس السابق وقيادة جماعته لم يراجعوا أنفسهم وتصرفوا طوال الوقت على أن بقاءهم في السلطة أمر مسلم به.. بل إنهم مضوا في تنفيذ المخطط الذي اعدوه بالفعل، وهذا يفسر لماذا اختار د.محمد بديع مرشد الجماعة أن يسافر في هذا الوقت الدقيق والعصيب إلى مرسي مطروح، ويقيم في قرية اندلسية المملوكة لرجل الاعمال الإخواني «تاج» حتي يكون قريبا مما يتم تدبيره عبر الحدود الليبية، ويتابع تنفيذه كما أن هذا يفسر أيضا لماذا سافر المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد ثاني اقوي رجل في الجماعة إلى الغردقة حتي يكون قريبا لما يخطط له عبر الحدود السودانية.
كذلك هذا يفسر لماذا لم يستوعب الرئيس السابق ما شاهده من افلام ترصد ضخامة الطوفان الشعبي الذي اكتسح بر مصر كله ، مطالبا باستقالته وهي الأفلام التي صورها سلاح الطيران المصري، بتكليف من القائد العام الفريق أول السيسي، ليثبت له أن اعداد المتظاهرين ليست متواضعة وهي اضعاف اضعاف الرقم الذي يتحدث عنه الرئيس السابق، وهو 160 ألف متظاهر، وليثبت أيضا لكافة دول العالم خاصة الولايات المتحدة أنه لا قبل لاحد أن يقف في مواجهة هذه القوة الشعبية الكبيرة والضخمة، وانه ليس امام المؤسسة العسكرية سوي الاستجابة لإرادة الشعب التي عبر عنها في خروج أكثر من 33 مليون مواطن ومواطنة في جميع انحاء مصر يطالبون الرئيس السابق بترك السلطة.
مرسى يطلب «كوتشى»
بل إن الرئيس السابق ظل حريصا على أن يتصرف بشكل يظهر فيه متماسكا لدرجة أنه في ظل هذه الظروف الدقيقة وبعد أن تم نقله إلى دار الحرس الجمهوري تأمينا له، طلب أن يحضروا له حذاء «كوتشي» من منزله، ليستخدمه حيث يوجد!
وربما ساعده على التصرف على هذا النحو أنه حتي اللحظة الاخيرة ظل يعامل بقدر من الاحترام الكافي بوصفه رئيسا، فهو كان في مقدوره الاتصال بمعاونيه والتحدث معهم سواء من كانوا برفقته مثل خالد القزاز سكرتيره، وأحمد عبدالعال مدير مكتبه، وأسعد الشيحة نائب رئيس الديوان، أو الذين كانوا موجودين في مكاتبهم حيث المقر الرئاسي الخاص بالمستشارين مثل د.عصام الحداد أو رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان أو مساعدته باكينام الشرقاوي.. كما كان في مقدور الرئيس تلقي التعليمات دوما من مكتب الارشاد الذي حدد له جوهر خطابه يوم الأول من يوليو، والذي ظل فيه يتحدث لمدة نحو ساعة عن الشرعية الدستورية.. حتي الاتصالات الخارجية كانت متاحة له بوصفه رئيسا، وكان اهم الاتصالات التليفونية التي تلقاها من الرئيس الامريكي اوباما الذي طالبه بأمرين عدم استخدام العنف مع المتظاهرين، وتقديم تنازلات لتهدئة الجماهير الغاضبة، ولم يطالبه بالتنحي سواء فورا أو فيما بعد مثلما فعل اوباما مع مبارك يوم الأول من فبراير 2011.
هكذا كان الرئيس السابق مرسي متأكدا أنه لن يضطر لترك منصبه، وان المؤسسة العسكرية لن تغامر بدفعه إلى ترك منصبه استجابة لمطالب الشعب.. وظل د.مرسي هكذا حتي بعد أن فوجئ مساء يوم 30 يونيو ببيان الفريق أول السيسي الذي كتبه بنفسه، وطالب فيه الجميع بالتوقف عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي الذي برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالاخلاص والتفاني من أجله وهو البيان الذي منح فيه السيسي مرسي والجميع مهلة 48 ساعة كفرصة اخيرة لتحمل اعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن، واذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المهلة فسوف يكون لزاما على القوات المسلحة استنادا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الاطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب، الذي كان ولايزال مفجرا لثورته المجيدة دون إقصاء أو استبعاد لاحد.
لقد كان الرئيس السابق يثق إلى ابعد حد في قدرة جماعته على تنفيذ المخطط الذي أعدته للاحتفاظ بحكم مصر، خاصة وان هذا المخطط كان قد بدأ بالفعل تنفيذه قبل 30 يونيو بالحشود التي تم جمعها في ميدان رابعة العدوية التي تجمعت دفاعا عن استمرار مرسي في الحكم، بل ونشر حشود أخرى امام تمثال نهضة مصر بالقرب من جامعة القاهرة، بالإضافة إلى تنظيم مسيرات ومظاهرات في عدد من المناطق في بعض المحافظات، لإظهار أن للرئيس السابق مؤيدين مثلما له معارضون أو أن هناك انقساما شعبيا حوله، وليس هناك رفضا شعبيا واسعا وغالبا له.
بل إن الأمر حتي عزل الرئيس السابق استجابة لمطالب الشعب لم يقتصر على حشد مؤيدين له فقط، إنما اتسع أيضا لتدبير مصادمات واحتكاكات بالمتظاهرين والشرطة، حتي تسيل دماء ويسقط ضحايا، ويكون ذلك ذريعة للتدخل الاجنبي لحماية حكم مرسي وإخوانه.. وكان الذي ينتظر التنفيذ حتي ذلك الوقت هو عمليات الاجتياح التي خطط أن تقوم بها مجموعات إرهابية عبر الحدود الليبية، والحدود السودانية، وفي سيناء للسيطرة بالقوة المسلحة على البلاد.
إرباك للمشهد الوطنى
غير أن الرئيس رغم غضبه من بيان الفريق السيسي، حرص على ألا يفصح علنا عن هذا الغضب، واكتفي بتوجيه نقد للقائد العام في البيان الذي أصدرته مؤسسة الرئاسة يوم الأول من يوليو، والذي جاء فيه «يلزم التنويه أن البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة لم تتم مراجعة السيد رئيس الجمهورية بشأنه وتري الرئاسة أن بعض العبارات الواردة فيه تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث ارباك للمشهد الوطني المرتبك».
وربما راعي الرئيس السابق وهو يصدر بيانه هذا أنه كان وقتها في حوزة القوات المسلحة.. صحيح أنه لم يكن في وضع المتحفظ عليه أو المحدد إقامته إلا أنه ربما راودته شكوك في أنه رغم معاملته باحترام يليق بالرؤساء إلا أنه قد لا يسمح له بالخروج خارج دار الحرس الجمهوري إذا ما رغب في ذلك ، ولذلك حينما القي الرئيس السابق خطبة عصماء أخرى عن الشرعية الدستورية في اليوم التالي 2 يوليو، حرص على تحذير مؤيديه من التصادم مع الجيش أو التعرض لجنوده، ولعل الرئيس السابق كان يضع في اعتباره تحذيرات بعض أعضاء مكتب الارشاد في جماعته من أن السيسي يلعب به أو يضحك عليه، لذلك لم يشأ أن يجهر بالعداء للقائد العام تفاديا لاستفزازه فيقدم على اتخاذ تصرفات ضده قبل أن يتمكن من أن يطيح هو بوزير دفاعه كما كان مقررا في المخطط الذي اعدته جماعته، خاصة وان الرئيس أخبر أن الفريق السيسي لن يسكت على أي استفزاز مثلما حدث عندما اتصل رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السفير الطهطاوي بقائد المنطقة المركزية بشكل مباشر متجاوزا القائدا العام ورئيس الاركان معا ليسأله عن بعض الأمور، ومن بينها مقر إقامة الرئيس السابق قبل أن يعرف أنه تم نقله إلى دار الحرس الجمهوري.
مرسى يتجنب استفزاز السيسى
لقد راعي الرئيس السابق عدم استفزاز الفريق السيسي والمؤسسة العسكرية بتصرفات تغضبها لكنه رغم ذلك أغضبها واغضب الشعب كله، حينما اصر على التمسك بمنصبه، ورفضه للانتخابات الرئاسية المبكرة التي طالبه الشعب بها، حينما خرج في طوفان كاسح على مدي عدة ايام متوالية يزأر مطالبا برحيل رئيس رأي أداءه فاشلا ومستبدا، ولذلك ادركت قيادة المؤسسة أن بقاءه في الحكم صار مستحيلا، لأنه بات خطرا على الأمن القومي المصري، وعلي الشعب المصري، لأن إخوانه قد خططوا لإعلان الحرب عليه، وهنا الإدراك تأكد في آخر اجتماع ضم الرئيس السابق محمد مرسي مع القيادة العامة للقوات المسلحة بأسبوع يوم 22 يونيو، وهو الاجتماع الذي لم يأخذ فيه مرسي تحذيرات المؤسسة العسكرية بجدية، ثم تأكدت قناعة المؤسسة العسكرية باستحالة بقاء مرسي في موقعه كرئيس للجمهورية يوم 30 يونيو، بعد الطوفان الشعبي الهادر الذي اكتسح ربوع البلاد، ولذلك اصدر بعدها القائد العام للقوات المسلحة بيان مهلة الثمانية والاربعين ساعة، والذي كان واضحا فيه انحيازه للإرادة والرغبة الشعبية في التخلص من حكم استبدادي يتخفي وراء الدين.. لكن مرسي وإخوانه أهدروا المهلة واصروا على موقفهم الرافض لترك السلطة، والاحتكام مجددا لصندوق الانتخابات الذي بدا وكأنهم يقدسونه، رغم انهم في كل مرة ذهب فيها الناخبون إلى هذا الصندوق فعل الإخوان كل مافي جعبتهم من حيل وألاعيب حتي لا تأتي نتيجة الصندوق الانتخابي تعبيرا صادقا وحقيقيا عن إرادة الناخبين، فقد كان قرار الإخوان هو الحرب للاحتفاظ بالسلطة، والحرب ضد الشعب إذا افتقدها انتقاما من هذا الشعب الذي رفض حكمهم.
وهكذا لم يكن هناك سبيل آخر سوي تنفيذ القوات المسلحة القرار الذي اصدره الشعب بعزل مرسي وإجراء انتخابات رئاسية جديدة، لاختيار رئيس جمهورية بديل، بعد إصدار دستور يحظي بتوافق الشعب ولا يفرض عليه فرضامثل دستور 2012 فقد انقضت المهلة التي منحتها لمرسي وإخوانه وهو مصر على ضرب عرض الحائط بطلب شعبه، وفي ذات الوقت كان موعد تنفيذ المخطط الإخواني بإعلان الحرب على الشعب يقترب، والخطر يلوح في الافق، والقوات المسلحة لايمكن أن تتقاعس عن دورها الرئيسي في حماية الشعب، ولذلك دعا الفريق السيسي ممثلي القوى السياسية وحملة تمرد وكلا من شيخ الأزهر وبابا الكنيسة للتشاور حول خارطة مستقبل تلبي مطالب الشعب التي كانت تتركز كلها حول إنهاء حكم مرسي وإخوانه أولا والتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد صياغة دستور جديد يحظي بالتوافق ورغم أن الرئيس السابق مرسي بدا غير مصدق لما حدث، وكأنه لم يكن يتوقعه، ووصفه زورا بأنه انقلاب ضده، وسخر من ذلك عندما علم به من شاشة التليفزيون، إلا أنه بعد إبلاغه التخفظ عليه بدأ يتراجع وطلب أن تتاح له فرصة خروج آمن هو وكل أعضاء مكتب الارشاد، غير أن السيف كان قد سبق العذل، وقضي الأمر وتم الإعلان عن تولي رئيس جديد للبلاد لفترة مؤقتة هو رئيس المحكمة الدستورية العليا التي حاربها مرسي وإخوانه وكانوا يضمرون لها كل شر هي وبقية هيئات السلطة القضائية.
منذ الساعات الأولى ليوم 30 يونيو كان الرئيس السابق مرسي عمليا لم يعد يحكم بالفعل، منذ صار في ضيافة القوات المسلحة عندما تم إقناعه بالانتقال إلى دار الحرس الجمهوري، بعيدا عن قصور الرئاسة لتوفير الأمن له.. وبذلك صار الرئيس السابق تحت عين قيادة القوات المسلحة وكل ما يقوم به ويتصرفه اصبحت تعلم به.. فقد كانت هذه الساعات عصيبة بالفعل في ظل المعلومات التي توافرت لدي قيادة المؤسسة العسكرية عن مخطط كبير أعدته جماعة الإخوان وشرعت بالفعل في تنفيذه استباقا للتحرك الشعبي المنتظر في يوم 30 يونيو لعزل الرئيس مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، فقد كان هذا المخطط واسعا ومركبا وشاملا ويتضمن إعلانا بحرب واسعة على الشعب المصري كله.. فهو كان يقضي بفتح اربع جبهات في وقت واحد.. جبهة من الجنوب عبر السودان حيث تهاجم مجموعات جهادية وإرهابية غير مصرية البلاد عبرها وتتعاون معها جماعات جهادية معها لفرض السيطرة على الصعيد كله، وإحكام قبضتها على الجهاز الإداري فيه، وطرد قوات الشرطة من محافظاته، اما الجبهة الاخري فقد كانت في الشمال الغربي، حيث تهاجم مجموعات جهادية غير مصرية أيضا عبر ليبيا مصر، وتتعاون مع جماعات جهادية وعدد من المسلحين المؤيدين للإخوان والمنتمين اليهم للسيطرة على المنطقة الغربية، وإحكام قبضتها إداريا عليها.. بينما كانت الجبهة الثالثة في سيناء حيث كان من المقرر أن تهاجم مجموعات مسلحة تنتمي لحماس ومنظمات جهادية فلسطينية وغير فلسطينية مصر عبرها وتتعاون مع المجموعات الإرهابية التي استوطنت سيناء خلال العام الماضي، والتي يقدر عددها ببضعة آلاف من الجهاديين الذين تم ترحيلهم من افغانستان، لتوفير الهدوء الأمني لها قبل انسحاب القوات الامريكية منها طبقا لما هو مقرر سلفا.
إشعال الجبهة الداخلية
ويتبقي بعد ذلك الجبهة الداخلية ولعلها كانت ومازالت الجبهة الأهم حيث خطط الإخوان لتفجيرها وإشعالها من خلال جماعات مسلحة منتشرة في جميع مدن وقري مصر حاليا، تقوم بعمليات قتل وتخريب وترويع لمصريين، حتي يتوقفوا عن التظاهر والاحتجاج والأهم حتي يسقط عدة مئات من القتلي في الشوارع، ويكون ذلك مسوغا لطلب تدخل قوات اجنبية امريكية وأوربية وتحديدا من حلف الناتو دفاعا عن الشرعية المزعومة،بعد تصوير ما يحدث أنه انقلاب عسكري يتم إعداده للإطاحة بالرئيس المنتخب وهذا ما اضطر د.عصام الحداد للإفصاح عنه صراحة بعد أن تأكد له أن الأمور لاتسير لصالحهم. وكان هذا المخطط الإخواني يتضمن تخريب القوات المسلحة من خلال الإطاحة بكل قياداتها العليا وحتي الوسطي، وتحريض المجندين على ترك وحداتهم العسكرية، حاملين معهم اسلحتهم ، خاصة المجندين الذين ينتمون إلى الصعيد، بالإضافة بالطبع إلى اجبار القوات المسلحة على خوض مواجهات على الحدود المصرية مع غزة، ومع وليبيا، ومع السودان في وقت واحد، والسعي لقتل أكبر عدد من الضباط والجنود، ويصاحب ذلك السيطرة على كل الوزارات وكل المحافظات والمقرات الحكومية في المدن الرئيسية، وهذا ما كان يقصده الإخوان وحلفاؤهم من الجماعة الإسلامية، بإعلان الثورة الإسلامية إذا ما تمت الاطاحة بمرسي.
لذلك.. كان من الضروري أن تفتح القوات المسلحة عيونها علي آخرها لتري وتتابع ما يقوم به ويفعله الرئيس مرسي عندما اقتربت ساعة الصفر لتنفيذ هذا المخطط، مثلما فعلت الاجهزة الأمنية والاستخباراتية أيضا ولقد وفر نقل الرئيس السابق إلى دار الحرس الجمهوري ذلك لقيادة القوات المسلحة حيث اصبح في حوزتها، وكل ما يقوله ويفعله تعرفه في حينه.. وهذا ما حدث بالنسبة للخطاب الذي القاه مرسي يوم الاثنين الماضي الأول من يوليو ، حيث علم الفريق السيسي ومعه قيادة القوات المسلحة بكل ما في هذا الخطاب الذي سجله الرئيس السابق في دار الحرس الجمهوري، ورؤي ألا تتخذ اي إجراءات لمنع إذاعة هذا الخطاب، لأنه كان ثمة تقدير بان هذا الخطاب سوف يزيد الاحتجاجات الشعبية أكثر فضلا عن أنه يوفر أسباب تنفيذ ماوعد به الفريق السيسي في بيانه مساء يوم الحشد الشعبي العظيم 30 يونيو، بان تشرف القوات المسلحة على خارطة المستقبل التي تلبي طلبات جموع الشعب والتي تركزت على إنهاء حكم الإخوان والاطاحة بمرسي.
غير أن قيادة القوات المسلحة لم تكتف بذلك فقط لإجهاض المخطط الإخواني الذي كان معدا لشن حرب شاملة ضد الشعب المصري، فقد عمدت على نشر القوات في مواقع شتي لتأمين الحدود المصرية أولا سواء مع ليبيا، أو السودان، ووجه الفريق صدقي تحذيرا صارما لقيادات حماس بدخول القوات المصرية إلى غزة والسيطرة عليها في غضون ساعتين إذا ما فكروا في مجرد التدخل في الشئون المصرية، ولعل هذا هو ما جعل حماس تتراجع عن القيام بما كان مقررا في المخطط الإخواني خوفا من إلقاء القبض علي عناصرها قبل تحذير رئيس الاركان المصري لقادتها، كما أهتمت قيادة المؤسسة العسكرية بالسيطرة على كل المواقع الحيوية في البلاد، خاصة مقار الحكومة، ومقار المحافظات، وقناة السويس والمحاور الرئيسية والمهمة في كل ربوع البلاد، وتم ذلك كله قبل 30 يونيو، واكملت القوات المسلحة سيطرتها على ما تبقي من مواقع قبل إعلان الفريق السيسي خارطة المستقبل، والتي تمت استجابة لمطالب الشعب بعزل مرسي ولذلك تأخر إعلان هذه الخارطة حتي يأخذ القائد العام ورئيس الاركان العام بالتنفيذ لخطة الانتشار العسكري والسيطرة من كل القادة العسكريين المنتشرين في ربوع البلاد.
إقناع الرئيس
وقد كانت قيادة المؤسسة العسكرية تتمني حتي اللحظة الاخيرة أن ينصاع الرئيس السابق لمطالب شعبه وان يحسن هو وإخوانه إخوانه تقدير خطورة الموقف، واستحالة استمراره في منصبه امام هذا الطوفان الشعبي الرائع الذي اجتاح مصر كلها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، يطلب وضع نهاية لحكم الإخوان، كان الفريق السيسي ومعه بقية قادة القوات المسلحة يسعون لإقناع الرئيس السابق لأن يسارع بالدعوة إلى إجراء استفتاء شعبي على الانتخابات الرئاسية المبكرة، فالفريق السيسي كان يعلم أنه في ظل هذا الرفض الشعبي الواسع لاستمرار مرسي وإخوانه في الحكم ستأتي نتيجة الاستفتاء لصالح الانتخابات الرئاسية المبكرة، وبذلك يتحقق خروج مرسي وإخوانه من الحكم بشكل لا يتضمن اي شبهات بأن خروجه تم بانقلاب عسكري فالفريق السيسي الذي ادرك منذ وقت مبكر استحالة بقاء مرسي في منصبه كرئيس للجمهورية بسبب الرفض الشعبي الكاسح، كان أيضا يضع في اعتباره إجهاض أحد عناصر المخطط الإخواني، والذي يستهدف منح مبرر لدخول قوات اجنبية مصر، بدعوي حماية الرئيس المنتحب من انقلاب عسكري دبر ضده، ولتجنيب البلاد من اي اضرار أخرى مثل المقاطعة الاقتصادية، وحجب المساعدات العسكرية الامريكية وغيرها.
غير أن الرئيس السابق رفض بشدة أي حديث عن ترك السلطة سواء من خلال استفتاء، أو بالاستقالة وبرر ذلك بما قاله في خطابه يوم أول يوليو بأنه رئيس منتخب، والرئيس المنتخب يجب أن يستكمل الفترة التي انتخب رئيسا ليتولي الرئاسة فيها وهي اربع سنوات، وإن كان مرسي ابدي استعداده فقط للاستجابة للمبادرة التي سبق أن قدمها حزب النور قبل شهور، والتي تقضي بتشكيل حكومة جديدة ائتلافية، تضم كفاءات مهنية، وتغيير النائب العام، وتشكيل لجنة لتعديل دستور 2012، اما ما لم يقله الرئيس السابق في خطابه وقاله للفريق السيسي ليبرر به رفض الاستجابة لمطالب الشعب بالانتخابات الرئاسية المبكرة، وقاله أيضا للرئيس الامريكي اوباما خلال اتصالهما التليفوني فهو أن مؤيديه أكبر من معارضيه، وان حشود المعارضين لا تزيد علي 160 ألف متظاهر، منهم الفلول، وانصار النظام السابق، ومن حشدته الكنيسة ومن حشده عدد من رجال الاعمال الذين يدافعون عن مصالحهم، ويرفضون اداء ما استحق عليهم للدولة.
لقد ظل الرئيس السابق محمد مرسي ثابتا على موقفه، رافضا التنحي وترك السلطة أو إجراء استفتاء حول الانتخابات الرئاسية المبكرة، لأنه كان ينفذ القرار الذي اتخذه مكتب الارشاد بعدم التفريط في السلطة، ولو اقتضي الأمر شن حرب شاملة على الشعب المصري بكل مؤسساته، من جيش، وشرطة وقضاء، واجهزة إدارية، وإعلام، واستباحة ارضه مع الاستعانة بالجماعات الجهادية في السودان وليبيا والموجودة في سيناء، وكذلك حماس التابعة للتنظيم الدولي للإخوان.. ورفض مكتب إرشاد الجماعة في هذا الصدد نصائح من بعض قيادات التنظيم الدولي الموجودين خارج مصر كان أبرزهم راشد الغنوشي بالانحناء قليلا امام العاصفة الشعبية العاتية، والتضحية بالدكتور مرسي لإنقاذ كيان الجماعة، والاستعداد لخوض جولة أخرى للعودة إلى حكم مصر.
الطوفان الشعبى الجارف
وكانت ثقة مرسي بإخوانه وجماعته كبيرة جدا طوال الوقت، حتي بعد أن شاهد الطوفان الشعبي الجارف في 30 يونيو، لأنه كان يعرف بالمخطط الذي أعدته وجهزته جماعته لتنفيذه للاحتفاظ بالحكم، من خلال شن الحرب على الشعب المصري وجيشه، ورغم الارتباك والفزع الذي ساد اوساط الرئاسة والجماعة إلا أن الرئيس السابق وقيادة جماعته لم يراجعوا أنفسهم وتصرفوا طوال الوقت على أن بقاءهم في السلطة أمر مسلم به.. بل إنهم مضوا في تنفيذ المخطط الذي اعدوه بالفعل، وهذا يفسر لماذا اختار د.محمد بديع مرشد الجماعة أن يسافر في هذا الوقت الدقيق والعصيب إلى مرسي مطروح، ويقيم في قرية اندلسية المملوكة لرجل الاعمال الإخواني «تاج» حتي يكون قريبا مما يتم تدبيره عبر الحدود الليبية، ويتابع تنفيذه كما أن هذا يفسر أيضا لماذا سافر المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد ثاني اقوي رجل في الجماعة إلى الغردقة حتي يكون قريبا لما يخطط له عبر الحدود السودانية.
كذلك هذا يفسر لماذا لم يستوعب الرئيس السابق ما شاهده من افلام ترصد ضخامة الطوفان الشعبي الذي اكتسح بر مصر كله ، مطالبا باستقالته وهي الأفلام التي صورها سلاح الطيران المصري، بتكليف من القائد العام الفريق أول السيسي، ليثبت له أن اعداد المتظاهرين ليست متواضعة وهي اضعاف اضعاف الرقم الذي يتحدث عنه الرئيس السابق، وهو 160 ألف متظاهر، وليثبت أيضا لكافة دول العالم خاصة الولايات المتحدة أنه لا قبل لاحد أن يقف في مواجهة هذه القوة الشعبية الكبيرة والضخمة، وانه ليس امام المؤسسة العسكرية سوي الاستجابة لإرادة الشعب التي عبر عنها في خروج أكثر من 33 مليون مواطن ومواطنة في جميع انحاء مصر يطالبون الرئيس السابق بترك السلطة.
مرسى يطلب «كوتشى»
بل إن الرئيس السابق ظل حريصا على أن يتصرف بشكل يظهر فيه متماسكا لدرجة أنه في ظل هذه الظروف الدقيقة وبعد أن تم نقله إلى دار الحرس الجمهوري تأمينا له، طلب أن يحضروا له حذاء «كوتشي» من منزله، ليستخدمه حيث يوجد!
وربما ساعده على التصرف على هذا النحو أنه حتي اللحظة الاخيرة ظل يعامل بقدر من الاحترام الكافي بوصفه رئيسا، فهو كان في مقدوره الاتصال بمعاونيه والتحدث معهم سواء من كانوا برفقته مثل خالد القزاز سكرتيره، وأحمد عبدالعال مدير مكتبه، وأسعد الشيحة نائب رئيس الديوان، أو الذين كانوا موجودين في مكاتبهم حيث المقر الرئاسي الخاص بالمستشارين مثل د.عصام الحداد أو رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان أو مساعدته باكينام الشرقاوي.. كما كان في مقدور الرئيس تلقي التعليمات دوما من مكتب الارشاد الذي حدد له جوهر خطابه يوم الأول من يوليو، والذي ظل فيه يتحدث لمدة نحو ساعة عن الشرعية الدستورية.. حتي الاتصالات الخارجية كانت متاحة له بوصفه رئيسا، وكان اهم الاتصالات التليفونية التي تلقاها من الرئيس الامريكي اوباما الذي طالبه بأمرين عدم استخدام العنف مع المتظاهرين، وتقديم تنازلات لتهدئة الجماهير الغاضبة، ولم يطالبه بالتنحي سواء فورا أو فيما بعد مثلما فعل اوباما مع مبارك يوم الأول من فبراير 2011.
هكذا كان الرئيس السابق مرسي متأكدا أنه لن يضطر لترك منصبه، وان المؤسسة العسكرية لن تغامر بدفعه إلى ترك منصبه استجابة لمطالب الشعب.. وظل د.مرسي هكذا حتي بعد أن فوجئ مساء يوم 30 يونيو ببيان الفريق أول السيسي الذي كتبه بنفسه، وطالب فيه الجميع بالتوقف عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي الذي برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالاخلاص والتفاني من أجله وهو البيان الذي منح فيه السيسي مرسي والجميع مهلة 48 ساعة كفرصة اخيرة لتحمل اعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن، واذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المهلة فسوف يكون لزاما على القوات المسلحة استنادا إلى مسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الاطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب، الذي كان ولايزال مفجرا لثورته المجيدة دون إقصاء أو استبعاد لاحد.
لقد كان الرئيس السابق يثق إلى ابعد حد في قدرة جماعته على تنفيذ المخطط الذي أعدته للاحتفاظ بحكم مصر، خاصة وان هذا المخطط كان قد بدأ بالفعل تنفيذه قبل 30 يونيو بالحشود التي تم جمعها في ميدان رابعة العدوية التي تجمعت دفاعا عن استمرار مرسي في الحكم، بل ونشر حشود أخرى امام تمثال نهضة مصر بالقرب من جامعة القاهرة، بالإضافة إلى تنظيم مسيرات ومظاهرات في عدد من المناطق في بعض المحافظات، لإظهار أن للرئيس السابق مؤيدين مثلما له معارضون أو أن هناك انقساما شعبيا حوله، وليس هناك رفضا شعبيا واسعا وغالبا له.
بل إن الأمر حتي عزل الرئيس السابق استجابة لمطالب الشعب لم يقتصر على حشد مؤيدين له فقط، إنما اتسع أيضا لتدبير مصادمات واحتكاكات بالمتظاهرين والشرطة، حتي تسيل دماء ويسقط ضحايا، ويكون ذلك ذريعة للتدخل الاجنبي لحماية حكم مرسي وإخوانه.. وكان الذي ينتظر التنفيذ حتي ذلك الوقت هو عمليات الاجتياح التي خطط أن تقوم بها مجموعات إرهابية عبر الحدود الليبية، والحدود السودانية، وفي سيناء للسيطرة بالقوة المسلحة على البلاد.
إرباك للمشهد الوطنى
غير أن الرئيس رغم غضبه من بيان الفريق السيسي، حرص على ألا يفصح علنا عن هذا الغضب، واكتفي بتوجيه نقد للقائد العام في البيان الذي أصدرته مؤسسة الرئاسة يوم الأول من يوليو، والذي جاء فيه «يلزم التنويه أن البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة لم تتم مراجعة السيد رئيس الجمهورية بشأنه وتري الرئاسة أن بعض العبارات الواردة فيه تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث ارباك للمشهد الوطني المرتبك».
وربما راعي الرئيس السابق وهو يصدر بيانه هذا أنه كان وقتها في حوزة القوات المسلحة.. صحيح أنه لم يكن في وضع المتحفظ عليه أو المحدد إقامته إلا أنه ربما راودته شكوك في أنه رغم معاملته باحترام يليق بالرؤساء إلا أنه قد لا يسمح له بالخروج خارج دار الحرس الجمهوري إذا ما رغب في ذلك ، ولذلك حينما القي الرئيس السابق خطبة عصماء أخرى عن الشرعية الدستورية في اليوم التالي 2 يوليو، حرص على تحذير مؤيديه من التصادم مع الجيش أو التعرض لجنوده، ولعل الرئيس السابق كان يضع في اعتباره تحذيرات بعض أعضاء مكتب الارشاد في جماعته من أن السيسي يلعب به أو يضحك عليه، لذلك لم يشأ أن يجهر بالعداء للقائد العام تفاديا لاستفزازه فيقدم على اتخاذ تصرفات ضده قبل أن يتمكن من أن يطيح هو بوزير دفاعه كما كان مقررا في المخطط الذي اعدته جماعته، خاصة وان الرئيس أخبر أن الفريق السيسي لن يسكت على أي استفزاز مثلما حدث عندما اتصل رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السفير الطهطاوي بقائد المنطقة المركزية بشكل مباشر متجاوزا القائدا العام ورئيس الاركان معا ليسأله عن بعض الأمور، ومن بينها مقر إقامة الرئيس السابق قبل أن يعرف أنه تم نقله إلى دار الحرس الجمهوري.
مرسى يتجنب استفزاز السيسى
لقد راعي الرئيس السابق عدم استفزاز الفريق السيسي والمؤسسة العسكرية بتصرفات تغضبها لكنه رغم ذلك أغضبها واغضب الشعب كله، حينما اصر على التمسك بمنصبه، ورفضه للانتخابات الرئاسية المبكرة التي طالبه الشعب بها، حينما خرج في طوفان كاسح على مدي عدة ايام متوالية يزأر مطالبا برحيل رئيس رأي أداءه فاشلا ومستبدا، ولذلك ادركت قيادة المؤسسة أن بقاءه في الحكم صار مستحيلا، لأنه بات خطرا على الأمن القومي المصري، وعلي الشعب المصري، لأن إخوانه قد خططوا لإعلان الحرب عليه، وهنا الإدراك تأكد في آخر اجتماع ضم الرئيس السابق محمد مرسي مع القيادة العامة للقوات المسلحة بأسبوع يوم 22 يونيو، وهو الاجتماع الذي لم يأخذ فيه مرسي تحذيرات المؤسسة العسكرية بجدية، ثم تأكدت قناعة المؤسسة العسكرية باستحالة بقاء مرسي في موقعه كرئيس للجمهورية يوم 30 يونيو، بعد الطوفان الشعبي الهادر الذي اكتسح ربوع البلاد، ولذلك اصدر بعدها القائد العام للقوات المسلحة بيان مهلة الثمانية والاربعين ساعة، والذي كان واضحا فيه انحيازه للإرادة والرغبة الشعبية في التخلص من حكم استبدادي يتخفي وراء الدين.. لكن مرسي وإخوانه أهدروا المهلة واصروا على موقفهم الرافض لترك السلطة، والاحتكام مجددا لصندوق الانتخابات الذي بدا وكأنهم يقدسونه، رغم انهم في كل مرة ذهب فيها الناخبون إلى هذا الصندوق فعل الإخوان كل مافي جعبتهم من حيل وألاعيب حتي لا تأتي نتيجة الصندوق الانتخابي تعبيرا صادقا وحقيقيا عن إرادة الناخبين، فقد كان قرار الإخوان هو الحرب للاحتفاظ بالسلطة، والحرب ضد الشعب إذا افتقدها انتقاما من هذا الشعب الذي رفض حكمهم.
وهكذا لم يكن هناك سبيل آخر سوي تنفيذ القوات المسلحة القرار الذي اصدره الشعب بعزل مرسي وإجراء انتخابات رئاسية جديدة، لاختيار رئيس جمهورية بديل، بعد إصدار دستور يحظي بتوافق الشعب ولا يفرض عليه فرضامثل دستور 2012 فقد انقضت المهلة التي منحتها لمرسي وإخوانه وهو مصر على ضرب عرض الحائط بطلب شعبه، وفي ذات الوقت كان موعد تنفيذ المخطط الإخواني بإعلان الحرب على الشعب يقترب، والخطر يلوح في الافق، والقوات المسلحة لايمكن أن تتقاعس عن دورها الرئيسي في حماية الشعب، ولذلك دعا الفريق السيسي ممثلي القوى السياسية وحملة تمرد وكلا من شيخ الأزهر وبابا الكنيسة للتشاور حول خارطة مستقبل تلبي مطالب الشعب التي كانت تتركز كلها حول إنهاء حكم مرسي وإخوانه أولا والتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد صياغة دستور جديد يحظي بالتوافق ورغم أن الرئيس السابق مرسي بدا غير مصدق لما حدث، وكأنه لم يكن يتوقعه، ووصفه زورا بأنه انقلاب ضده، وسخر من ذلك عندما علم به من شاشة التليفزيون، إلا أنه بعد إبلاغه التخفظ عليه بدأ يتراجع وطلب أن تتاح له فرصة خروج آمن هو وكل أعضاء مكتب الارشاد، غير أن السيف كان قد سبق العذل، وقضي الأمر وتم الإعلان عن تولي رئيس جديد للبلاد لفترة مؤقتة هو رئيس المحكمة الدستورية العليا التي حاربها مرسي وإخوانه وكانوا يضمرون لها كل شر هي وبقية هيئات السلطة القضائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.