استثمارات 147.3 مليون جنيه تعزز أداء شركة الوجه القبلي لإنتاج الكهرباء    مدبولي يناقش عددا من خريجي مبادرات وزارة الاتصالات وأصحاب الشركات الناشئة حول مشروعاتهم    وزير خارجية تشاد: نتطلع للتعاون مع مصر في البنية التحتية وإنشاء ممر بين القاهرة وبنجامينا    المعارضة الإسرائيلية تهاجم قرار الحكومة بشأن تشكيل لجنة تحقيق غير رسمية بأحداث 7 أكتوبر    إمام الأقصى بعد تحديد موعد محاكمته: لن نغير مواقفنا من الاحتلال    شراكة أوكرانية يونانية جديدة بشأن إمدادات الغاز.. مراسلنا يكشف التفاصيل    كالافيوري يغيب عن إيطاليا وأرسنال يدرس مشاركته أمام توتنهام    وزير الرياضة يقدم واجب العزاء في الراحل محمد صبري    جابرييل يغيب عن أرسنال بسبب إصابة مع منتخب البرازيل    تأجيل محاكمة سارة خليفة و27 آخرين في قضية المخدرات الكبرى ل18 نوفمبر    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تحميل ركاب بمقابل مادي في محيط المتحف المصري بالتحرير    تامر أمين: المتحف المصري الكبير أعاد شحن بطارية الانتماء لدى المصريين    وزير الثقافة: مشروع أكاديمية الفنون في الإسكندرية ترجمة حقيقية لرؤية الدولة لنشر التعليم المتخصص    آخر تطورات الحالة الصحية لعمر خيرت.. حالته مستقرة ويجرى فحوصات على الصدر    مسكن بحيوات كثيرة    داعية توضح حكم منع الميراث من زوجة الأب الثانية    أمين البحوث الإسلامية يتفقد منطقة وعظ أسيوط لمتابعة الأداء الدعوي    ألبانيا ضد إنجلترا.. شوط سلبى بتصفيات كأس العالم    مصر تتجاوز مليار دولار في الأمن السيبراني وتستعد لقيادة الحماية الرقمية    وزير الاستثمار: مصر تتطلع للتعاون مع تشاد في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة    "علوم" القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" غدا الإثنين.    هاني تمام: برنامج دولة التلاوة أعاد الريادة لمصر وجمع المصريين حول القرآن    منتخب مصر بالقميص الأحمر والأسود أمام كاب فيردي غداً    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    هاني تمام: برنامج «دولة التلاوة» جمع المصريين حول كتاب الله    حصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    توقيف أفراد من وزارتى الدفاع والداخلية السورية بعد تحقيق فى أحداث السويداء    قضايا الدولة تفتتح مقرا جديدا لها بالوادي الجديد (صور)    طريقة عمل الدجاج المشوي المسحب بتتبيلة لا تقاوم    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    لا خلاف بين الحضري وحسام حسن.. المنتخب جاهز لكأس العرب    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بسبب معاكسة فتاة.. التحقيق مع طرفي مشاجرة بشوارع المطرية    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    الجامعة العربية: قطاع التعليم في مقدمة القطاعات التي استهدفها الاحتلال    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    أيمن عاشور يبحث سبل التعاون مع وزيرة التعليم والعلوم وسفيرة دولة مقدونيا الشمالية بالقاهرة    منافسات التارجت سبرنت تشعل اليوم الحادي عشر ببطولة العالم للرماية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    مصر تواصل تقديم شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة في قطاع غزة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمود حميدة عن إحراج الناس بردوده: مش قاصد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم الشرع في عمليات تجميل رفع الحواجب للنساء؟... مفتي الجمهورية يجيب
نشر في فيتو يوم 02 - 02 - 2021

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "تتوجه بعض النساء إلى تغيير شكل الحاجين بعدة طرق منها ما هو جراحي ومنها ما هو بغير الجراحة، وأكثر ما يكون رفع الحاجبين عن طريق العمليات الجراحية وذلك بشد جلد الجبهة أو الجبين ليرتفع الحاجب من المنتصف أو من الطرف، وربما يكون ذلك لإصلاح عيب خلقي أو إعادة التجميل إثر حادث أو نحوه، وربما يكون لمجرد الزينة والتجمل بغير حاجة أو ضرورة، فما الحكم؟"، ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
طلب الشرع الشريف العلاج والتداوي، بل ندب إليه وحثَّ عليه؛ روى أبو داود والترمذي عن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ: الْهَرَمُ» (والهَرَمُ: الكِبَر)، وهذا الحديث جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة أن المطلق يجري على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده.
قال الإمام الخَطَّابي في "معالم السنن" (4/ 217، ط. المطبعة العلمية بحلب): [في هذا الحديث إثبات الطبِّ والعلاجِ، وأن التداويَ مباحٌ غير مكروهٍ] اه.
وقال الإمام عز الدين بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [إن الطبَّ كالشرع وُضِع لجلب مصالح السلامة والعافية، ولدرء مفاسد المعاطب والأسقام، ولدرء ما أمكن دَرْءُهُ من ذلك، ولجلب ما أمكن جلبه من ذلك] اه.
ومن المقرر شرعًا أنه لا يجوز للشخص تغيير شيء في خلقته التي خلقه الله عليها بصورة تنبئ عن الاعتراض على قضائه وقدره؛ فهذا من فعل الشيطان، قال تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾ [النساء: 119] وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن علقمة قال: لَعَنَ عَبْدُ اللهِ بن عمر رضى الله عنهما الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ، فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَمَا لِيَ لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، وَفِى كِتَابِ اللهِ. قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ. قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قَرَأتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [سورة الحشر: 7].
ولكن يُستَثْنَى مِن ذلك ما يكون لسبب علاجي؛ كإزالة العيوب الخِلقية، وإزالة ما يحصل به الضرر والأذى سواء أكان ضررًا ماديًّا كالألم والإعاقة وإعادة وظائف أعضاء الجسم لحالتها المعهودة وإصلاح العيوب الخِلْقية والطارئة، أم معنويًّا كإزالة ما يكون من دمامة قد تسبب للشخص أذًى نفسيًّا أو عضويًّا، والرجل كالمرأة في ذلك؛ فمن القواعد المقررة في الشرع الشريف أن: "الضرر يزال"؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وغيرهم وحسنه الإمام النووي.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 377-378، ط. دار المعرفة): [قال الطبري: (لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادةٍ أو نقصٍ؛ التماسًا للحُسنِ لا للزوج ولا لغيره.. فكل ذلك داخل في النهي وهو من تغيير خلق الله تعالى). قال: (ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذيَّة.. فيجوز ذلك، والرجل في هذا الأخير كالمرأة)] اه.
وقد روى الشيخان -البخاري ومسلم- في "صحيحهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ؛ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ؛ قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ فَأُعْطِىَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا.. وَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّى هَذَا؛ قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ وَأُعْطِىَ شَعَرًا حَسَنًا.. وَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ يَرُدُّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ..».
فإن الثلاثة طلبوا من الملَك أن يزيل عنهم العيب ولم ينكر عليهم ذلك، بل حققه لهم، كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حكاه من غير نكير.
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن مَسْرُوقٍ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَتْ: أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم. فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ. قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنِ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ".
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/ 226، 229، ط. دار الحديث): [قوله: «إِلَّا من داءٍ» ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداءٍ وعلةٍ، فإنه ليس بمحرم] اه.
وكما حثَّ الشرع الشريف المسلم على تحسين الخُلُق لصاحبه والرفق به واحتمال أذاه، فقد حثَّ كذلك على تحسين الخَلْق بالتجمُّل والتزيُّن ويدخل في ذلك إزالة التجاعيد والتشوهات وتحسين المظهر أو إزالة ما يؤذي العين ويُنفِّرها، فقد سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلم تنظيف بدنه وتجميله بإزالة جميع ما هو مظنة لأَذَى البدن وقد ينفر منه الآخرون؛ كتقليم الأظفار ونتف الإبط والاستحداد وغيرها؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الشيخان: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ».
وتتأكد مشروعية إصلاح العيوب الخِلقية بالجراحات والإجراءات التجميلية لأجل تحسين الشكل والمنظر وإزالة التشوهات وعلاج الأضرار النفسية والحسية بما رواه أبو داود في سننه عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ: "أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ".
ومن المعلوم أن الشرع الشريف راعى حاجيات النساء في التجمل والزينة فرخص للزوجة الكحل والخضاب وأخذ الزائد من شعر الحاجبين بالحف أو الحلق إذا كان خارجًا عن الحد المألوف، أو مما يؤذي العين أو مما يُنفِّر الزوج عن زوجته إذا لم تُهذبه؛ لأنه ينبغي على المرأة أن تزيل ما في إزالته جمال لها، فقد أجاز متأخرو الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في قولٍ لها أن تفعل ذلك بإذن الزوج؛ لأنه من باب المعاشرة بالمعروف.
كما أجاز الفقهاء للمرأة أن تختار أنواعًا مخصوصة من الأكل أو التداوي؛ قصدًا إلى التجمل والحسن خاصة إذا كان للزوج، حيث نقل الإمام برهان الدين ابن مازة الحنفي في "المحيط البرهاني" (5/ 373، ط. دار الكتب العلمية) عن "فتاوى أهل سمرقند": [إن كانت تسمن نفسها لزوجها لا بأس به؛ لأن هذا فعل مباح لقصد المباح] اه.
وجاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 355-356، ط. دار الفكر): [وسئل أبو مطيع عن امرأة تأكل القبقبة وأشباه ذلك تلتمس السمن قال: لا بأس به ما لم تأكل فوق الشبع وإذا أكلت فوق الشبع لا يحل لها، كذا في "الحاوي للفتاوي". والمرأة إذا كانت تسمن نفسها لزوجها لا بأس به ويكره للرجل ذلك، كذا في "الظهيرية"] اه.
وقال العلامة داماد أفندي في "مجمع الأنهر" (2/ 555، ط. دار إحياء التراث العربي): [(و) تجوز (الحقنة للرجال والنساء) للتداوي بالإجماع أو لأجل الهزال إذا فحش يفضي إلى السل] اه.
وقال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (20/ 193، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولا يمنع من الأدوية التي تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج، وكذا أخذ الشعر منه، وسئلت عائشة، رضي الله تعالى عنها عن قشر الوجه فقالت: إن كان شيء حدث فلا بأس بقشره، وفي لفظ إن كان للزوج فافعلي، ونقل أبو عبيد عن الفقهاء الرخصة في كل شيء وصل به الشعر ما لم يكن الوصل شعرًا] اه.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (10/ 378، ط. دار المعرفة): [وقال النووي: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها بل يستحب. قلت: وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه وإلا فمتى خلا عن ذلك مُنع؛ للتدليس. وقال بعض الحنابلة: إن كان النمص أشهر شعارًا للفواجر امتنع وإلا فيكون تنزيهًا، وفي رواية: يجوز بإذن الزوج إلا إن وقع به تدليس فيحرم. قالوا: ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج؛ لأنه من الزينة، وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال، فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت. وقال النووي: يجوز التزين بما ذكر إلا الحف فإنه من جملة النماص] اه.
وقال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار" (6/ 229-230، ط. دار الحديث): [وعن عائشة قالت: كانت امرأة عثمان بن مظعون تتخضب وتتطيب، فتركته فدخلت علي، فقلت: أمشهد أم مغيب؟ فقالت: مشهد، قالت: عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء، قالت عائشة: فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته بذلك، فلقي عثمان فقال: «يَا عُثْمَانُ، أَتُؤْمِنُ بِمَا نُؤْمِنُ بِهِ؟» قال: نعم يا رسول الله، قال: «فَأُسْوَةٌ مَا لَكَ بِنَا».. «أَمُشْهِدٌ أَمْ مُغِيبٌ» أي أزوجك شاهد أم غائب؟ والمراد أن ترك الخضاب والطيب إن كان لأجل غيبة الزوج فذاك، وإن كان لأمر آخر مع حضوره فما هو؟ فأخبرتها أن زوجها لا حاجة له بالنساء، فهي في حكم من لا زوج لها، واستنكار عائشة عليها ترك الخضاب والطيب يشعر بأن ذوات الأزواج يحسن منهن التزين للأزواج بذلك] اه.
هذا، وقد بيَّن الحالات المشروعة وغير المشروعة وضوابط ذلك مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره رقم 173 المنبثق عن دورته الثامنة عشرة بماليزيا في الفترة من 24 إلى 29 جمادى الآخرة عام 1429ه، الموافق: 9-14 يوليو عام 2007م بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها، حيث جاء نصه كالتالي:
[(1) يجوز شرعًا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها:
أ- إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها؛ لقوله سبحانه: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [العلق: 4].
ب- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.
ج- إصلاح العيوب الخلقية مثل: الشفة المشقوقة -الأرنبية– واعوجاج الأنف الشديد والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر.
د- إصلاح العيوب الطارئة -المكتسبة– من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليًّا حالة استئصاله، أو جزئيًّا إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة.
ه- إزالة دمامة تُسبب للشخص أذى نفسيًّا أو عضويًّا.
(2) لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعًا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين أو بقصد التدليس وتضليل العدالة وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات.
(3) يجوز تقليل الوزن -التنحيف– بالوسائل العلمية المعتمدة ومنها الجراحة -شفط الدهون– إذا كان الوزن يشكل حالة مرضية، ولم تكن هناك وسيلة غير الجراحة بشرط أمن الضرر.
(4) لا يجوز إزالة التجاعيد بالجراحة أو الحقن ما لم تكن حالة مَرَضِية شريطة أمن الضرر] اه.
وبناءً على ذلك: فإنه يجوز للمرأة رفع الحاجبين عن طريق العمليات الجراحية أو غيرها إذا كان للتداوي وإصلاح العيب، ولم يكن فيه غرر أو تدليس أو قصد لتغيير خلق الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.