القطاع الخاص غير النفطي في مصر يسجل أقوى نمو خلال 5 سنوات    أسعار اللحوم اليوم الأربعاء 3-12-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بالأقصر    جولة مفاجئة.. محافظة الغربية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات فجرًا    أسعار السمك اليوم الاربعاء 3-12-2025 في محافظة الأقصر    "لكنه خائف من شيء ما"، رئيس كوريا الجنوبية يعتزم تقديم اعتذار إلى كيم    تفاصيل المكالمة بين ترامب ونتنياهو.. ضغوط أمريكية بشأن غزة وتحذيرات بخصوص سوريا    القلاوي حكما للقاء الجونة وبترول أسيوط في دور 32 لكأس مصر    نادي الزهور ينعى يوسف محمد لاعب السباحة ويعلن الحداد 3 أيام    ننشر أسماء ضحايا حريق محل تجاري بسوق الخواجات بمدينة المنصورة    طقس اليوم الأربعاء.. غطاء سحابي وأمطار متوسطة تذرب هذه المحافظات    الأمم المتحدة تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة    توجيه تهم القتل والاعتداء للمشتبه به في حادث إطلاق النار بواشنطن    انتخابات النواب | انتظام الخدمات الأمنية بمحيط الدوائر ال19 الملغاة بالمرحلة الأولى    د.حماد عبدالله يكتب: " ينقصنا إدارة المواهب " !!    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    متحدث الصحة: تحذير للمسافرين من أدوية ومستلزمات خاضعة للرقابة الدولية    تجديد حبس المتهمين باستدراج موظف وسرقته    منها المسيّرات الانتحارية والأرضية.. الهيئة العربية للتصنيع تكشف 18 منتجًا جديدًا في إيديكس 2025    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    مطروح للنقاش.. نجاح خطة ترامب لحصار الإخوان وتأثير طموحات ماسك على منصة إكس    موعد صلاة الفجر..... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر2025 فى المنيا    توقيع مذكرة تفاهم بين "الاتصالات" و"الاعتماد والرقابة "بشأن التعاون فى تنفيذ التطوير المؤسسي الرقمى    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    «أحكام الإدارية» تُغير خريطة البرلمان    5 محاذير يجب اتباعها عند تناول الكركم حفاظا على الصحة    5 وفيات و13 مصابًا.. ننشر أسماء المتوفين في حريق سوق الخواجات بالمنصورة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    سوريا تعلن إحباط محاولة تهريب ألغام إلى حزب الله في لبنان    مصر توسّع حضورها في الأسواق الأفريقية عبر الطاقة الشمسية والتوطين الصناعي    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    تحت شعار "متر × متر"، مكتبة الإسكندرية تفتح باب التقديم لمعرض أجندة 2026    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    بروتوكول تعاون بين نادي قضاه جنوب سيناء وجامعة القاهرة    التنمية المحلية ل ستوديو إكسترا: توجيهات رئاسية بتحقيق العدالة التنموية في الصعيد    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لاجتماع المصلين؟.. دار الإفتاء تجيب
نشر في فيتو يوم 01 - 01 - 2021

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول صاحبه " ما حكم تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها؛ من أجل اجتماع المصلين، والقرية لم يكن بها إلا جامعٌ واحدٌ، فهل يجوز تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لاجتماع المصلين أم لا؟، وجاء رد الدار كالتالي:
تأخير الجمعة عن أول الوقت جائزٌ كتأخير الظهر مطلقًا؛ سواء كان في زمن الصيف أو في زمن الشتاء متى وقعت الصلاة بأكملها في وقتها، ولكن الأفضل في زمن الشتاء هو التبكير أي التعجيل، وفي زمن الصيف هو التأخير.
تأخير صلاة الجمعة عن أول وقتها لاجتماع المصلين
وحَدُّ التأخير زمنَ الصيف أن يُصلِّيَ قبل بلوغ ظلِّ كلِّ شيءٍ مثله؛ قال في "البحر" (1/ 260) عند قول "الكنز": [وندب تأخير الفجر وظهر الصَّيف] ما نصه: [أَيْ: نُدِبَ تَأْخِيرُهُ؛ لِرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: "كَانَ إذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ"، وَالْمُرَادُ: الظُّهْرُ؛ لِأَنَّهُ جَوَابُ السُّؤَالِ عَنْهَا، وَحَدُّهُ: أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْمِثْلِ، أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ لَا، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي بِلَادٍ حَارَّةٍ أَوْ لَا، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ لَا. وَلِهَذَا قَالَ فِي "الْمَجْمَعِ": وَنُفَضِّلُ الْإِبْرَادَ بِالظُّهْرِ مُطْلَقًا، فَمَا فِي "السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ" مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ -عَلَى مَا قِيلَ- وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ أَصْلًا وَاسْتِحْبَابًا فِي الزَّمَانَيْنِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ] اه.
حكم التخطي بين المصلين
كما ورد سؤال إلى دا الإفتاء يقول فيه صاحبه " في ظل الإجراءات الاحترازية من عدوى كورونا، والتزام المصلين بالتباعد بينهم في الصفوف؛ تحرزًا من الوباء، وخوفًا من انتقال عدواه؛ فهل والحالة هذه يجوز للمصلي المرور بين الجالسين يوم الجمعة في وقت الخطبة، إذا وجد مكانًا خاليًا في الأمام يريد أن يجلس فيه؟ وهل حكم الجمعة كغيرها من صلوات الجماعة؟، ومن جانبه أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، وأن يُفرِّقَ الرجل بين الاثنين؛ لِما في ذلك من سوء الأدب وإيذاء الجالسين؛ فعن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب النّاس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ؛ فَقَدْ آذَيْتَ، وَآنَيْتَ» أخرجه الإمام أحمد والبزار في "مسنديهما"، وأبو داود والنسائي في "سننيهما"، وابن خزيمة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"معرفة السنن والآثار".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: "لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة، خير له من أن يقعد، حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة" أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" وابن أبي شيبة في "المصنف".
ومع اختلاف الفقهاء في النهي الوارد عن التخطي؛ هل هو قبل جلوس الإمام على المنبر أم بعده؟ إلَّا أنهم مجمعون على أنه لا يفسد شيئًا من الصلاة.
قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 50، ط. دار الكتب العلمية):
[روى ابن القاسم عن مالك قال: أكره التخطي إذا قعد الإمام على المنبر، ولا بأس به قبل ذلك إذا كان بين يديه فُرَجٌ. وقال ابن وهبٍ عنه مثل ذلك، وزاد: تخطَّ قبل خروج الإمام في رفق. وذكر الثوري التخطي مطلقًا. وقال الأوزاعي: التخطي الذي جاء فيه القول إنما هو والإمام يخطب؛ حينئذ كره أن يفرق بين اثنين.
وقال الأوزاعي في الذي يجلس على طريق الناس في المسجد يوم الجمعة: تَخَطَّوْهم؛ فإنهم لا حرمة لهم. وقال الشافعي: أكره تخطيَ الرقاب يوم الجمعة قبل دخول الإمام وبعده؛ لما فيه من سوء الأدب.
وذكر محمد بن الحسن عن مالك أنه قال: لا بأس بالتخطي بعد خروج الإمام. قال محمد: أراه قبل خروج الإمام ولا أراه بعده؛ ولم يحك عن أصحابه خلافًا في ذلك.
وأجمعوا أن التخطي لا يفسد شيئًا من الصلاة] اه.
أحكام صلاة الجمعة في زمن الوباء
وقد نص العلماء على أن المقصود من النهي عن التخطي في هذه الأحاديث: هو حثُّ المسلم على التبكير للجمعة، وأن لا يتباطأ في حضورها فيأتي وقد جلس المصلين فيتخطى رقابهم ويسبب لهم الإيذاء، وأن لا يزاحم مُصليَيْنِ فيدخل بينهما فيُضيِّق عليهما.
قال الإمام الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (4/ 1273، ط. نزار الباز) في شرح معنى النهي عن التخطي: [كناية عن التبكير، أي: عليه أن يُبَكِّر، فلا يتخطى رقاب الناس، ويفرق بين اثنين، أو يكون عبارة عن الإبطاء، أي: لا يبطئ حتى لا يفرق] اه.
وقال الإمام البدر العيني في "عمدة القاري" (6/ 175، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويقال: معناه لا يزاحم رجلين فيدخل بينهما، لأنه ربما ضيق عليهما، خصوصًا في شدة الحر واجتماع الأنفاس] اه.
وهذه العلة تشمل الجمعة وغيرها من الصلوات، والتقييد بالجمعة جريٌ على الغالب؛ لاختصاصها بالمكان وكثرة الناس؛ ففي قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمتخطي يوم الجمعة: «آذَيْتَ، وَآنَيْتَ» بيان أن التخطي أذى، ولا يحل أذى مسلم بحال؛ في الجمعة وغير الجمعة؛ كما قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (1/ 316، ط. أوقاف المغرب).
وقال الإمام البدر العيني في "عمدة القاري" (6/ 208): [قلت: هذا التعليل يشمل يوم الجمعة وغيره من سائر الصلوات في المساجد وغيرها، وسائر المجامع من حلق العلم وسماع الحديث ومجالس الوعظ، وعلى هذا يحمل التقييد بيوم الجمعة، على أنه خرج مخرج الغالب؛ لاختصاص الجمعة بمكان الخطبة وكثرة الناس، بخلاف غيره] اه.
أحكام الصلاة في زمن الكورونا
وقال الإمام القسطلاني الشافعي في "إرشاد الساري" (2/ 177، ط. المطبعة الأميرية): [قال ابن جريج: (قلت لنافع: الجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها) بالنصب في الثلاثة على نزع الخافض، أي في الجمعة وغيرها. ولأبي ذر: والجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها.. أي: الجمعة وغيرها متساويان في النهي عن التخطي في مواضع الصلوات] اه.
وقال العلامة الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 170، ط. دار السلام): [والظاهر أنه عامٌ في غير الجمعة من أوقات انتظار الجماعات] اه.
فالنهي عن التخطي يفيد الكراهة، وقد تقرر أن الكراهة تزول بأدنى حاجة؛ كما نص عليه الإمامُ ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 192، 5/ 403، ط. دار الكتب العلمية)، والإمامُ النووي في "المجموع" (1/ 486، ط. دار الطباعة المنيرية)، والعلامةُ السفاريني الحنبلي في "غذاء الألباب" (2/ 22، ط. مؤسسة قرطبة).
ولذلك جاءت الأحاديث بما يفيد الجواز إذا كانت هناك حاجة للتخطي؛ فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه، قال: صليت وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة العصر، فسلم، ثم قام مسرعًا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم عجبوا من سرعته، فقال: «ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ» أخرجه البخاري في "الصحيح".
أدلة جواز التخطي بين المصلين
وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر رضي الله عنه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف في الصف.. الحديث، متفقٌ عليه.
وقد نص الفقهاء على جواز التخطي عند الحاجة، وبوَّبوا على هذه الأحاديث بذلك؛ كما فعل الإمام ابن تيمية الجد في "المنتقى" (ص: 296، ط. دار ابن الجوزي)، واستثنوا من الكراهة المذكورة صورًا يجوز عندها التخطي وشقِّ الصفوف.
قال الإمام الشهاب الرملي الشافعي في "حاشيته" المطبوعة مع "أسنى المطالب" (1/ 268، ط. المطبعة الميمنية):
[ويستثنى من كراهة التخطي صورٌ: منها: الرجل العظيم في النفوس إذا ألف موضعًا فلا يكره له؛ لقصة عثمان المشهورة وتخطيه ولم ينكر عليه، قاله القفال والمتولي، قال الأذرعي: وهو ظاهر فيمن ظهر صلاحه وولايته.
ومنها: ما إذا أذن له القوم في التخطي، فلا يكره لهم الإذن والرضا بإدخالهم الضرر على أنفسهم، إلا أن يكره لهم من جهة أخرى، وهو أن الإيثار بالقرب مكروه، كذا قاله ابن العماد الأقفهسي] اه.
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (8/ 205، ط. مكتبة الغرباء):
[ومتى احتاج إلى التخطي لحاجة لا بد منها من وضوء أو غيره، أو لكونه لا يجد موضعًا للصلاة بدونه، أو كان إمامًا لا يمكنه الوصول إلى مكانه بدون التخطي: لم يكره، وقد سبق حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه في قيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم من صلاته مسرعًا، يتخطى رقاب الناسِ.
وكذا لو ضاق الموضع وآذتهم الشمسُ، فلهم -إذا أقيمت الصلاة- أن يشقوا الصفوف ويدخلوا لأذى الشمس، نص عليه أحمد في روايةٍ الأثرم] اه.
فضل صلاة الجمعة
كما أن النهي عن التخطي مقيَّدٌ بحصول الإيذاء، فإذا انتفى الإيذاء انتفى النهي؛ لما تقرر في قواعد الفقه من أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ولذلك جوَّز العلماء التخطيَ في الحالات التي ينتفي عندها الإيذاء.
فعن الحسن قال: "لا بأس أن يتخطى رقاب الناس، إذا كان في المسجد سعة" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
قال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 91، ط. دار الكتب العلمية): [إذا حضر الرجل يوم الجمعة والمسجد ملآن: إن كان تخطيه يؤذي الناس لم يتخطَّ، وإن كان لا يؤذي أحدًا بأن لا يطأ ثوبا ولا جسدًا: لا بأس بأن يتخطى ويدنو من الإمام] اه.
وقال الإمام ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 463، ط. مكتبة الرشد): [وقال المهلب: التخطي لا يكون مكروهًا إلا في موضع يشتغل الناس فيه عن الصلاة أو عن الخطبة؛ فحينئذ يكره التخطي من أجل شغل الناس بمن تخطاهم عما هم فيه من الذكر والاستماع، وقد تحضر الإنسان ضرورة حقن أو ذكر حاجة يخشى فوتها، فيستجاز التخطي في ذلك؛ كالراعف والمحدث يخرج من بين الصفوف] اه.
دعاء صلاة الجمعة
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "فتح الباري" (8/ 205): [ومتى كان بين الجالسين فرجة، بحيث لا يتخطاهما، جاز له أن يمشي بينهما، فإن تماست ركبهما بحيث لا يمشي بينهما إلاّ بتخطي ركبهما: كره له ذلك، فإن كانا قائمين يصليان، فمشى بينهما ولم يدفع أحدًا، ولم يؤذه، ولم يضيق على أحدٍ: جاز، وإلَّا: فلا] اه.
والتباعد بين المصلين في الصفوف بسبب جائحة "كورونا" (19-COVID)؛ بحيث يترك المصلي مسافةً بينه وبين من يجاوره؛ وبينه وبين من يصلي أمامه وخلفه: يُسوِّغ المرور بين المُصلين على ما قيَّد به الفقهاء جواز التخطي، لانتفاء معنى الإيذاء؛ بحيث إنَّ المارَّ لا يؤذي أحدا، ولم يدفع أحدًا، ولم يضيق على أحدٍ، ولم يطأ ثوبًا ولا جسدًا، ولا يمر في موضعٍ يشغل الناس فيه عن الصلاة أو عن الخطبة.
حكم التباعد بين المصلين
غير أنه لا بد أن يكون ذلك بقدر الحاجة؛ حتى لا يشوِّش على المصلين، وأن يُراعي المار إجراءات التباعد؛ حفاظًا على نفسه وغيره، وأن لا يجعل من هذه الإجراءات تكأةً للمرور بين المصلين وجعلها كالطرقات.
وبناءً على ذلك: فيجوز للمصلي -في حالة تطبيق التباعد بين المصلين بسبب فيروس كورونا المستجد- المرور بين الجالسين يوم الجمعة في وقت الخطبة قدر الحاجة إذا وجد مكانًا خاليًا في الأمام يريد أن يجلس فيه، ولا يدخل ذلك ضمن النهي الوارد عن التخطي عن رقاب الناس؛ لانتفاء معنى الإيذاء.
على أنه ينبغي الاقتصار على قدر الحاجة في المرور؛ حتى لا يشوش المار على الجالسين إنصاتهم لخطبة الجمعة، وعلى الحاضرين أن يعملوا على إتمام الأماكن المخصصة للصلاة في الصفوف الأول ثم الأول؛ حتى لا يُلجِئوا المتأخرين إلى تخطي الرقاب وشق الصفوف.
ولا بد في ذلك كله من مراعاة إجراءات التباعد واتخاذ كافة الوسائل للحفاظ على نفوس الناس، واتباع تعليمات الجهات المسؤولة وأهل الاختصاص، والالتزام بما يوصون به من نُظُمٍ وقائية وتوجيهاتٍ حِمائية.
حكم تخطي الرقاب أثناء خطبة الجمعة
وكما رد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه " بعض المصلين يقومون بجمع التبرعات في المسجد أثناء صلاة الجمعة والخطيب على المنبر ويتخطون الصفوف لجمع هذه التبرعات، فما حكم الشرع في ذلك، وهل هناك فرق بين أن يقوم الكبار والصغار؟ وهل يجوز ذلك في الخطبة الأولى أو الثانية؟، وجاء رد الدار كالتالي:
أجمع العلماء على أن صلاة الجمعة فرض عين وأنها ركعتان؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9].
وإنما تجب صلاة الجمعة على المسلم الحر العاقل البالغ المقيم القادر على السعي إليها، الخالي من الأعذار المبيحة للتخلف عنها، ولكن لا تجب الجمعة على الصبي.
وذهب جمهور أهل العلم إلى مشروعية الخطبة في الجمعة ومشروعية القيام للخطبتين والجلوس بينهما جلسة خفيفة، كما أنه يجب الإنصات أثناء الخطبة وحرمة الكلام أثناء الخطبة ولو كان أمرًا بالمعروف أو نهيًا عن منكر؛ لما روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا، وَالَّذِى يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ، لَا جُمُعَةَ لَهُ» رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار والطبراني واللفظ له.
أما بالنسبة لتخطي الرقاب فقد حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك، فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ -أي وتأخرت في المجيء إلى الصلاة-» رواه أبو داود والنسائي وأحمد واللفظ له.
أحكام صلاة الجمعة
ويستثنى من ذلك الإمام أو من كان بين يديه فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي، ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة، بشرط أن يتجنب أذى الناس، وقد قرر جمهور الفقهاء أنه يحرم تخطي الرقاب حال الخطبة يوم الجمعة. من كتاب "الدين الخالص" (4/ 146).
وبناءً على ذلك: يحرم تخطي الرقاب أثناء خطبتَي الجمعة، ولمن وجبت عليه صلاة الجمعة ما عدا الأمور المستثناة كالإمام وكالضرورة، وبشرط ألا يؤذي المصلين.
وجمع التبرعات والإمام يخطب ممنوع شرعًا؛ لما ورد من الأحاديث السابقة؛ لتأذي الناس، وحرمة تخطي الرقاب إلا للضرورة كما ذكر. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال إذا كان الحال كما ورد به.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.