الجريمة الثالثة لا تقل إثارة أو غرابة عن سابقيها.. ففيها حوَل سائق تاكسى السيارة التي يعمل عليها إلى ما يشبه غرفة النوم المتحركة، وراح يتجول في شوارع القاهرة يصطاد منها الفتيات ويغتصبهن داخل السيارة.. تمكن المتهم من اغتصاب فتاتين بالفعل وتحرش باثنتين أخريين بينهما فرنسية.. وبعد أسابيع من ارتكاب تلك الجرائم وإثارة الرعب في نفوس البنات، نجحت أجهزة الأمن بالقاهرة في إلقاء القبض على المتهم.. ترى ما هي تفاصيل جرائم ذلك السفاح.. وكيف تم تحديد هويته.. وكيف ألقى القبض عليه.. هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها محقق "فيتو" في السطور التالية: كانت البداية عندما فوجئ المقدم علاء بشندي، رئيس مباحث قسم أول مدينة نصر، بفتاة في العقد الثالث من العمر تدخل مكتبه في حالة انهيار تام.. هدأ من روعها وطلب منها أن تقص له حكايتها.. كفكفت دموعها وقالت: "اسمى إيمان وعمرى 25 سنة ومخطوبة.. أعمل سكرتيرة في منطقة مصر الجديدة.. خرجت إلى عملى كالمعتاد، وأوقفت تاكسى أبيض في مدينة نصر وطلبت من السائق توصيلى إلى مصر الجديدة.. وما أن ركبت معه حتى لاحظت شيئا غريبا في التاكسى.. به ستائر بنية على جميع النوافذ والأبواب تغلق أوتوماتيكيا، وتم تعديل وضع الكراسى بحيث تكون واسعة من الخلف.. فوجئت بالسائق ينطلق بسرعة زائدة في طريق غير المعتاد، وفى منطقة نائية بالقرب من النادي الأهلي أوقف السيارة، وعندما شرعت في سؤاله عن سبب توقفه، انقض علىَ ووضع قطعة قطن على فمى ومن فوقها لاصق طبى، وشل حركتى ثم أجبرنى على الانتقال للمقعد الخلفى، وجردنى من ملابسى واعتدى علىَ جنسيا لأكثر من ساعة، ثم ألقانى في الطريق وفر هاربا بعد أن استولى على الفيزا كارد الخاصة بى وأجبرنى على إخباره بالرقم السرى".. وأدلت الفتاة بأوصاف المتهم.. بعد أيام قليلة جاءت فتاة في ال15 من عمرها إلى القسم، وأكدت تعرضها للاغتصاب بنفس الطريقة على يد سائق تاكسى أبيض وأدلت بأوصاف ذات الشخص. أدرك رجال المباحث أنهم أمام مجرم من نوع خاص.. وعلى الفور تم عقد اجتماع داخل مديرية أمن القاهرة برئاسة اللواء جمال عبدالعال مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة.. وتم خلاله وضع خطة محكمة لضبط سفاح البنات.. تمثلت في الاستعانة برسام جنائى لرسم صورة تقريبية للمتهم اعتمادا على المعلومات والأوصاف التي قدمتها الضحيتان، وتم توزيع نسخ من تلك الصورة التخيلية على أقسام الشرطة ونقاط المرور المختلفة.. بعد أيام قليلة تقدمت فتاة ببلاغ جديد اتهمت فيه سائق تاكسى أبيض بالتحرش بها ومحاولة اغتصابها، وأدلت بأوصاف التاكسى وسائقه.. عقد رجال المباحث اجتماعا آخر انتهى بضرورة القبض على السفاح في أسرع وقت.. بعد أيام قليلة تلقت الأجهزة الأمنية بلاغا جديداً من فتاة أخرى أفادت فيه بتعرضها لمحاولة اغتصاب على يد نفس السائق، ولكنها هذه المرة نجحت في التقاط رقم السيارة وقدمته لرجال الشرطة.. تم إبلاغ جميع نقاط وأكمنة المرور في القاهرة والجيزة برقم السيارة، وفى أقل من 24 ساعة سقط المتهم في قبضة المباحث. سأل المحقق المقدم علاء بشندى عن السيارة فقال: "هي بالفعل مجهزة وكأنها غرفة نوم.. عثرنا بداخلها على قطن ولاصق طبى وسرنجات، واكتشفنا أن أبوابها مجهزة بحيث يتم إغلاقها بمفتاح خاص أمام السائق ولا يمكن فتحها إلا بذات المفتاح، كما أن زجاجها محكم الغلق ولا يمكن فتحه".. وعن اعترافات المتهم قال رئيس المباحث: "تمت مواجهته بضحاياه وتعرفن عليه، ولم يستطع الإنكار واعترف بالاعتداء على فتاتين والشروع في اغتصاب أخريين، وتم ترحيله إلى سجن طرة خوفًا من اقتحام الأهالي القسم والفتك به".