«فيتو» تكشف تداعيات أزمة مياه النيل داخل الحكومة رئيس الوزراء يوبخ وزير الرى لتوقيعه مذكرة تفاهم بشأن توزيع المياه فى أفريقيا دون الرجوع للقيادة السياسية «مصر فى شربة ميه» .. هكذا كان حال «هبة النيل» عقب إعلان أثيوبيا الأسبوع الماضى عن تحويل مجرى النيل الأزرق إيذانا بدخول سد النهضة مرحلة جديدة ، فقد ساد الارتباك ، والتوتر ، والتصريحات المتناقضة ، أروقة الحكومة ، وسط مخاوف بلاحدود ، ومطالبات ملايين المصريين بضرورة التحرك سريعا للتعاطى مع هذه الأزمة قبل أن يأتى وقت لا يجد فيه المواطنين نقطة مياه يروون بها عطشهم أو جفاف أراضيهم . «فيتو» ترصد فى هذا الملف كواليس ما جرى داخل الحكومة وتحديدا الاتصال الهاتفى الذى تم بين الدكتور هشام قنديل ، رئيس الوزراء ، والدكتور محمد بهاء الدين ، وزير الموارد المائية والري ، فضلا عن حوار مع الدكتور محمود أبوزيد وزير الري الأسبق يكشف فيه تفاصيل مثيرة ، وحوار مع النائب السلفي عبدالفتاح شاهين حول أزمة سد النهضة . كشفت مصادر مطلعة داخل وزارة الموارد المائية والري عن مشادة كلامية حادة دارت بين الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الذي كان يشغل منصب وزير الري من قبل والدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية الحالي، بسبب توقيع الأخير على مذكرة تفاهم بشأن توزيع المياه فى أفريقيا. وأوضحت المصادر ل «فيتو» أن قنديل وبّخ بهاء الدين بسبب توقيعه على المذكرة دون العودة إلى مجلس الوزراء أو القيادة السياسية، فيما تبادلا الاتهامات حول تسبب كليهما في أزمة حوض النيل، حتى وصلت تفاصيل المشادة إلي رئاسة الجمهورية، وتم استدعاء رئيس الوزراء ووزير الري للفصل بينهما. وقالت المصادر إن معلومات مؤكدة انتشرت داخل أروقة مجلس الوزراء والرئاسة بقرب الإطاحة بقنديل من رئاسة الحكومة هو ووزير الري، لفشلهما في إدارة المفاوضات في الملف الذي انتهي بإعلان إثيوبيا تحويل مجري نهر النيل. وأشارت إلي أن وزير الري عقد اجتماعا عاجلا بقيادات الوزارة وخبراء المياه لمناقشة الأزمة الراهنة لم يثمر عن أية حلول، كما فشل بهاء الدين فى إقناع نظيره الإثيوبي - خلال زيارته القصيرة للقاهرة - بالعدول عن استكمال بناء السد، وانتظار قرار اللجنة الثلاثية. وتعليقا على اتفاقية عنتيبي وأزمة السدود على النيل خاصة سد النهضة ، نبه الدكتور نادر نور الدين - أستاذ الموارد المائية وخبير المياه العالمي- إلى أن أوغندا هددت من قبل بإنشاء 12 سدا، لمرور أنهار عديدة بها تنبع من بحيرتى فيكتوريا وكايوجا، وتصب في بحيرات ألبرت وإدورد وجورج، وهي تمثل خطورة كبيرة علي حصة مصر والسودان من مياه النيل الأبيض التي تصل إلي 12 مليار متر مكعب، مناصفة بين مصر والسودان، محذرا من تجرؤ دول النيل الأبيض على مصر بعد تجاهل إثيوبيا للدور المصرى، رغم أن العلاقات المصرية بهذه الدول طيبة فى الوقت الحالى ولم تصل إلي العدوانية التي وصلت إليها إثيوبيا، وكل ما تطلبه دول كينيا وتنزانيا وأوغندا من مصر والسودان هو 3 مليارات متر مكعب من المياه، تحصل عليها من حصة مصر والسودان مناصفة، نظير وقوف هذه الدول في صف الجانب المصري، لافتا إلى أن انضمام الدول الثلاث إلي اتفاقية عنتيبي لا يعني تصويتهم لصالح إثيوبيا ضد مصر. وأكد نور الدين أن إثيوبيا لم تحترم اتفاقية عنتيبي رغم أنها قادت خمس دول إفريقية من حوض النيل للتوقيع عليها، لأن الاتفاقية نصت على أنه إذا أرادت أي دولة بناء سد، فإنها ملزمة بعقد اجتماع للدول 11 المشتركين في حوض النيل، وتبدي رغبتها في بناء سد جديد ثم تأخذ التصويت بالأغلبية، بعد أن كان في السابق بالإجماع، وإثيوبيا ضربت بنص الاتفاقية عرض الحائط وأخذت قرارها المنفرد، مما اعتبرته الدول الخمس الموقعة بمثابة إهانة لها. لم يغلق نور الدين باب الحلول أمام مصر، قائلا: الفرصة سانحة أمام الجانب المصري لاستغلال الانقسام وحالة الاختلاف التي حدثت، عن طريق فتح علاقات اقتصادية ومفاوضات مع هذه الدول لضمان ولائها لمصر، ومنها استيراد الشاي الكيني والبن الأوغندي والتنزاني»، معتبرا حديث الدكتور أحمد الجيزاوي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي عن الشراكة المصرية مع إثيوبيا في بناء سد النهضة بدعوى اتقاء شر السد وإثيوبيا دليلا علي العته السياسي لوزراء الإخوان. الخبير المائي يرى أن سدا بسعة 12 مليار متر مكعب فقط، وليس 75 مليارا، يكفي لتوليد الكهرباء، ولكن إثيوبيا تريد أن تتربع علي عرش الطاقة، بدليل أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أعلنت أن النمر الإثيوبي ينتفض علي حساب جيرانه، وأن الخسائر ستكون فادحة، تدفع ثمنها مصر والسودان، محذرا: إذا انكسرنا فلن يستقيم لنا عود، لأن إثيوبيا ستكون مثالا لكسر الإرادة ورضوخ مصر والسودان لما تريده. غير أن الدكتور علاء الظواهري - عضو اللجنة الثلاثية لدراسة سد النهضة - اعتبر تصريحات الجانب الإثيوبي عن كسر الإرادة المصرية، والعمل بسياسة لي الذراع لن تجدي مع مصر، موضحا أنه «إذا أرادت إثيوبيا التفاوض مع مصر بشأن إقامة سد فيجب فورا إزالة سد النهضة قبل التفاوض ، وذلك بمواصفات جديدة وبشراكة بين مصر والسودان وإثيوبيا، لأن نهر النيل مشترك وليس نهرا إثيوبيا، وستكون الشراكة في كمية الكهرباء المولدة منه، أما أن يتم فرض إنشاء سد من باب استعراض القوة علي مصر فهو أمر لا يمكن قبوله». الظواهري حذر من إنشاء سدود عملاقة على النيل الأزرق باعتبارها الخطر الحقيقي علي مصر، مشيرا إلى أن سد النهضة يعد رقم 14 لإثيوبيا، غير أن سدود النهر الأبيض لن تضر بمصر.