كان أهل مصر في نكد وغم بعد أن وصلهم نبأ استشهاد الإمام الحسين بن على في "كربلاء"، وقتل عترة رسول الله وسبطه، فقد استشهد 72 من رجال بني هاشم والصحابة التابعين. وسارت همهمات في مدينة الفسطاط -عاصمة مصر بعد الفتح الإسلامى- هل يمكن أن يكون صحيحًا أن أخت الحسين زينب بنت على بن أبى طالب حفيدة رسول الله من ابنته فاطمة الزهراء قد قررت أن تأتي إلى مصر لتعيش فيها بقية عمرها. وتختار عقيلة بني هاشم مصر دارًا لإقامتها، لما سمعته عن أهلها من محبتهم لآل البيت وولائهم ومودتهم لذوي القربى، ولما تعرفه من أن مصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء خاصمه الله. ومع بزوغ هلال شهر شعبان بعد مضي ستة أشهر على استشهاد أخيها الحسين، تشرفت مصر بقدوم سيدتنا زينب، وكان معها فاطمة وسكينة وعلى أبناء الحسين. وحين وصل الركب استقبله أهل مصر بالترحاب، وكان في شرف استقبالها وجهاء وأعيان مصر وعلى رأسهم والى مصر، وقد انزل الوالي السيدة زينب في داره بالحمراء القصوى عند قنطرة السباع، في المكان المقام فيه ضريحها الآن، في شعبان سنة 61 ه وكان قد مضى على استشهاد شقيقها الإمام أبى عبد الله الحسين ستة أشهر وعدة أيام وأقامت في هذه الدار 11 شهرا، كانت دارها قبلة للزائرين والقاصدين والوافدين، حتى صعدت روحها الطاهرة إلى ربها عشية الأحد الرابع عشر من رجب سنة 62 ه، ودفنت حيث أقامت في دار والى مصر- مسلمة بن مخلد الانصارى. وكان ضريحها أول ضريح لواحدة من آل البيت في مصر وأقدمهم.. وضريحها كان موضع عناية الولاة الذين تعاقبوا على مصر، كما قام الكثير من أهل العلم بالتناوب بخدمة الضريح، ومنهم العارف بالله محمد بن أبى المجد القرشي الحسيني، المعروف بسيدي (محمد العتريس) الذي يقال أنه شقيق سيدي إبراهيم الدسوقي، وسيدي محمد العتريس له ضريح ومدفون بالجهة الشمالية الغربية من المشهد الزينبي، وأيضا يوجد مدفن لسيدي محمد العيدروس. ولعامة الشعب المصرى في المدينة والريف عشق خاص للسيدة زينب، تتداخل معه في عادات شعبية كثيرة، أولها تسمية كثير من البنات بهذا الاسم الطيب، أو القسم باسمها، أو النداء عليها وقت الشدة، أو تسمية النذور باسمها ،ولو كان في أطعمة بسيطة في الطبقة الشعبية (فول السيدة زينب)، أو إشعال الشموع باسمها، بل والتظلم لها من أي شكاية، ناهيك عن العشق الصوفى وهيام الروح في الديوان الزينبى في الحضرات الزاهية البهية، كالحضرة الشاذلية لأبناء سيدي سلامة الراضي.