قررت محكمة جنايات الإسكندرية المنعقدة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة تأجيل نظر قضية قتل متظاهرى الإسكندرية المتهم فيها تسعة من رجال وقيادات الشرطة على رأسهم اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية الأسبق واللواء عادل اللقاني رئيس قطاع الأمن المركزي بالإسكندرية الأسبق والمقدم وائل الكومي وعدد من الضباط والمخبرين السريين، بقتل المتظاهرين في أحداث ثورة 25 يناير، لجلسة غد الاثنين لسماع مرافعة دفاع المتهمين. صدر القرار برئاسة المستشار إسماعيل عطية محمد وعضوية المستشارين عمرو أحمد عشوش ووائل عوض غبور وسكرتارية سعد السعران ومحمد على بدأت الجلسة في الساعة الحادية عشرة صباحًا، ودخل المتهمون قفص الاتهام، وسط حراسة أمنية مشددة، نظرًا لحضور عدد كبير من أهالي الشهداء الذين توافدوا بأعداد كبيرة من محافظة الإسكندرية إلى القاهرة وجلسوا بقاعة المحاكمة بأكاديمية الشرطة، حاملين صور أبنائهم وذويهم، ورفعوا اللافتات التي تطالب بالقصاص. وصعد رئيس المحكمة على المنصة وسط هتافات أهالي الشهداء "القصاص يا ريس.. قصاص.. عدل.. شهيد مات بالغدر.. ويا نجيب حقهم يا نموت زيهم.. وحيات دمك يا شهيد هلبس أسود يوم العيد". واستمعت المحكمة إلى مرافعة المدعين بالحق المدنى، وقال المحامى محسن بهنسى المدعى بالحق المدنى عن أسر الشهداء، إن شهداء ثورة 25 يناير لم يوقعوا على ورقة يقولون فيها من قام بقتلهم لذلك وجب علينا البحث عن قاتليهم. وأضاف: "أتمنى ألا يحاكم هؤلاء المتهمون بقانون الإجراءات الجنائية الحالى، وأطلب من المحكمة في سابقة تاريخية تعليق الدعوى لحين إصدار قانون للعدالة الانتقالية يحاكم من خلاله جميع قتلة المتظاهرين لأن القاتل كان واحدًا في جميع المحافظات، فقال له رئيس المحكمة: إن ذلك لا يجوز من الناحية القانونية". واستكمل بهنسى مرافعته، وقال: إن وزارة الداخلية عندما ارتكبت جريمة القتل والشروع في القتل، فقد ارتكبته بطريقة منهجية دون رحمة أو شفقة، مشيرًا إلى أنه عندما يقضى القاضى بحكم الإعدام يتردد ألف مرة قبل أن يصدر هذا القرار، لكن هؤلاء القتلة من الشرطة لم تأخذهم شفقة ولا رحمة بالمتظاهرين السلميين. وأوضح بهنسى أنه في 23 يناير 2011 اجتمعت عصابة النظام واتفقوا فيما بينهم على ردع مظاهرات 25 يناير عن طريق ذراعها الأمنية، ووكلت عصابة النظام حبيب العادلى وزير الداخلية في التعامل معها، وكانت أول جريمة سهلت سقوط الشهداء والمصابين قطع اتصالات الإنترنت والمحمول، وقدم للمحكمة حكم محكمة القضاء الإداري بإلزام مبارك والعادلى برد مبلغ 500 مليون جنيه تعويضا عن قطع الاتصالات. وطالب محسن بهنسى إدخال العميد صابر أبو حليمة المشرف على التشكيل المتمركز بميدان عرابى بالمنشية بالإسكندرية يوم 28 يناير أثناء أحداث الثورة، وكذلك إدخال المقدم إيهاب سليمان أحد ضباط هذا التشكيل، والرائد تامر أبو زيد الذي أقر بالتحقيقات أنه كان متمركزا بميدان عرابى في الجزيرة الوسطى محل سقوط عدد من الشهداء. وأكد بهنسى أن تواجد هؤلاء الضباط على مسرح الجريمة يجعلهم شركاء في قتل المتظاهرين، وتسبب هذا المطلب في مشادة بين بهنسى وأحد دفاع المتهمين، حيث اعترض دفاع المتهمين على ضم متهمين جدد وتعطيل القضية، فرد عليه بهنسى أننا نسعى للحصول على حق الشهداء وأيدينا ليست ملطخة بالدماء، فقال له محامى المتهمين لسنا أقل منك وطنية، فتدخل رئيس المحكمة وأنهى الحديث بينهما. واستكمل بهنسى: أن جميع المتهمين فعلاء أصليون في قتل جميع الشهداء والشروع في قتلهم، وذلك لسابقة الاتفاق المقترن بسبق الإصرار والترصد لهؤلاء المتظاهرين، وثبوت حمل المتهمين لأسلحة الخرطوش والدخيرة، وكذلك توافر القصد الجنائى القائم على العلم بالجريمة وقصد وقوعها وانتفاء حالة الدفاع الشرعى عن النفس والدليل على ذلك قتل الشهيدة أميرة في شرفة منزل صديقتها حيث أصابتها رصاصة الغدر والعمد بعيدًا عن مسرح الأحداث وكذلك الدفع بعدم شيوع الاتهام. وفى نهاية مرافعته قال بهنسى: إن المدعين بالحق المدنى لا يطلبون التعويض لذاته وإنما يطالبون بالقصاص للشهداء. واستمعت المحكمة إلى مرافعة المحامى محمد ضيف الله المدعى بالحق المدنى، الذي أكد أن الشرطة استخدمت كل وسائل العنف لردع المتظاهرين السلميين الذين خرجوا يوم 25 و28 يناير للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، واستند إلى شهادة أربعة من المجندين الذين شهدوا في أوراق القضية بأن قوات الأمن والشرطة تسلحت بالأسلحة النارية والخرطوش واستعملت هذه الأسلحة ضد المتظاهرين يوم 28 يناير. وكشف المدعون بالحق المدنى خلال الجلسة، أن وزارة الداخلية أرسلت شيكا ب 3 ملايين جنيه إلى بعض أهالي الشهداء في محاولة منها لتعويضهم والتصالح وإنهاء القضية، وأشار المدعون إلى أن أحد المتهمين في قفص الاتهام هو أحد أبناء قيادات الحزب الوطنى بالإسكندرية الذي أفسد الحياة السياسية ونجله تربى على عقيدة الفاسدين من رجال الشرطة الذين استخدموا أقسام الشرطة "سلخانات تعذيب" ولم يكتفوا بذلك بل قتلوا المتظاهرين السلميين في وضح النهار. وأوضح المدعون أن الشهيدة أميرة قتلت في شرفة المنزل وهى تحمل الموبايل وتقوم بتصوير المتهم وائل الكومى وهو يطلق النار على المتظاهرين، كما أن تقديم وزارة الداخلية للشيك سالف الذكر من أجل التصالح هو اعتراف بالجريمة، وانتهى المدعون في مرافعتهم أنه على الرغم من صدور أحكام براءات عديدة في مثل هذه القضية، فإن هذه القضية حوت من الأدلة ما يؤكد الإدانة، ولابد من تطبيق شريعة الحياة وهو القصاص. وخلال الجلسة صرخت والدة أحد الشهداء ووقفت أمام هيئة المحكمة حاملة صورة ابنها، وطلبت من المحكمة القصاص له، وأشارت إلى قفص الاتهام وقالت "ربنا ينتقم منكم"، وعلى غرار ذلك وقف والد الشهيد محمد رمضان وقال للمحكمة: أنا أريد حق ابنى الشهيد اللى كان بيحلم يبقى رئيس نيابة، مضيفًا أنه رغم محاولة قتلى لكى أتنازل عن حق ابنى فلن أتركه متسائلا أحرام علىّ أن أعيش باقى حياتى بحثًا عن القصاص له؟. كان النائب العام قد أحال المتهمين إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل والشروع في قتل عدد من المتظاهرين خلال أحداث جمعة الغضب 28 يناير الماضي. وكشفت تحقيقات المستشار ياسر الرفاعي المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية عن مسئولية اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الإسكندرية السابق واللواء عادل طه اللقاني، ووجهت النيابة العامة لكل من مدير أمن الإسكندرية ومدير الإدارة العامة للأمن المركزي السابقين تهم الاشتراك مع بعض الضباط وأفراد الشرطة في قتل عدد من المتظاهرين مع سبق الإصرار، وكان ذلك من خلال التحريض والمساعدة بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلهم خلال المظاهرات السلمية في 25 و28 يناير2011، وأشارت التحقيقات إلى أنهما اتخذا فيما بينهما قرارا في لقاء جمع بينهما قبل الأحداث بتحريض بعض الضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين المظاهرات بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش على المتظاهرين لقتل بعضهم. واتهمت النيابة مدير أمن الإسكندرية السابق بالتسبب في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها ومصالح الغير المعهود بها لتلك الجهة حمايتها وذلك نظرا لإهماله في تقييم الموقف الأمني واتخاذ قرارات تتسم بالرعونة وسوء التقدير، حيث أمر بالتصدي للمتظاهرين بالعنف لردعهم ولتفريقهم بالمخالفة للقانون. كما تبين من تحقيقات المستشار عادل عمارة المحامي العام لنيابات شرق الإسكندرية مسئولية رئيس مباحث قسم الرمل ثان المقدم وائل الكومي والنقباء مصطفي الداني معاون مباحث قسم محرم بك "هارب" ومعتز العسقلاني معاون مباحث قسم الجمرك ومحمد سعفان معاون مباحث قسم المنتزه. وفي نفس الوقت أشارت التحقيقات إلى مسئولية اللواء مجدي أبوقمر مدير أمن البحيرة السابق والعميد محمود عبدالله مدير التدريب بإدارة الأمن المركزي بالبحيرة والنقيب عمرو صلاح رئيس مباحث رشيد، وملازم أول على لبيب معاون المباحث و5 من أفراد الشرطة السرية، وقد وجهت لهم النيابة تهم القتل والشروع في قتل المتظاهرين.