كما كانت تقول جدتى وجدتك بعد أن تسمعك مصمصة شفتيها، "الحال لا يسر عدو ولا حبيب"، هكذا هو حال المستشفيات الحكومية بالشرقية.. "الأطباء يعملون فى جو إرهابى.. والمرضى يعانون الأمرين من أجل الحصول على العلاج، ومن هؤلاء من لا يملك ثمن التذكرة "جنيه واحد".. فإذا كان المريض لا يملك ثمن هذه التذكرة فمن أين يأتى بالعلاج؟ .. والطبيب الذى لا يجد دواء أو جهازًا أو أمنًا، ولا يجد بيئة نظيفة للعمل.. ماذا يفعل؟.. ولن أخبرك ماذا لو احتاج "منحوس" تدخلًا جراحيًا. المكان: محافظة الشرقية.. مستشفى السلام "التى اختفى منها الأطباء ووجدنا صيدليتها مغلقة". الزمان: عرض مستمر والأحداث: أشبه بأغان لمصطفى كامل!. وجدناها تقف أمام موظف الاستقبال، تريد الحصول على تذكرة أمراض جلدية.. طلب منها الموظف ثلاثة جنيهات فأخبرته بأن كل ما معها جنيهان. رفض الموظف إعطاءها تذكرة، فطلب منه أحد الواقفين أن يعطيها إياها، وقام هو بدفع الفارق. راحت السيدة تبحث عن الطبيب فلم تجده، وأخبروها بأن تأتى فى اليوم التالى! " أنا هبة سيد عبد الله، من سكان المنطقة، وحالتى المادية يرثى لها، ولو أننى أمتلك ثمن الكشف عند طبيب خارجى لما أتيت إلى هنا، لكى أعانى الأمرين وإذا وجدنا الطبيب لا نجد العلاج". داخل المستشفى.. الأبواب مفتوحة على مصراعيها.. ولا يوجد أحد سوى المرضى.. الصيدلية مغلقة والتعساء ينتظرون صرف العلاج.. تساءلنا عن السبب فعلمنا أن الموظفة والعامل توجهوا إلى المديرية لصرف حصة الأدوية. فى الجناح الآخر من المستشفى وجدنا عددًا من الموظفين يجلسون داخل غرفة واحدة "يتسامرون". قطعنا جلسة السمر، محاولين معرفة ما يحدث، فقالوا " نعانى الأمرين داخل المستشفى.. هناك نقص حاد فى الأدوية والأجهزة، والموجود منها معطل لعدم وجود صيانة، بالإضافة إلى أن معظم المرضى يصبون علينا جام غضبهم بسبب ذلك، ونحن لا نملك من الأمر شيئا، ولا نرفض العمل، ولكنها الإمكانات المعدومة فى مستشفيات الدولة". اتصلنا بمدير المستشفى، الدكتور محمد الفهلوى، فأخبرنا أنه توجه للإدارة لصرف حصة الأدوية، حيث إنهم يعانون من نقص حاد فى كل الأدوية، حتى المسكنات غير موجودة. وناشد الفهلوى وزير الصحة بتوفير الأدوية وإلا فإغلاق هذه المستشفيات أفضل، لأن المريض يأتى بمرض واحد ويخرج بعدة أمراض.. بسبب ما يعانيه داخل هذه المستشفيات. "محمد فراج" ذهب بزوجته التى تعانى آلام الولادة.. دخل إلى المستشفى ثم خرج حزينا يقول "حسبى الله ونعم الوكيل".. أعلمنا فراج أن طبيب النساء والتوليد طلب منه أن يصطحب زوجته إلى عيادته الخاصة". التقينا كذلك "هانى فرحان"، الذى يبدو أنه ليس له من اسمه نصيب، فقال "الناس ملت وتعبت من المعاناة.. أنا مريض بالفشل الكلوى وأتى يومًا بعد يوم للغسيل، وأعانى المذلة والمهانة من أجل الحصول على حقى فى العلاج.. المعاملة السيئة من العاملين بالمستشفى لدرجة أننى أتمنى الموت من أجل ألا أتى إلى هنا وأرى كل هذا الذل والهوان. الدكتورة سامية زيدان طبيبة بالمستشفى، قالت لنا "نعانى من البلطجية، والهجوم علينا فى كل وقت وإهانتنا أمام الجميع، ولا أحد يتدخل لحمايتنا.. فالأمن لدينا غير قادر على التصدى لهؤلاء، والشرطة نائمة فى ثبات عميق، فمنذ عام ونصف العام ونحن نعمل تحت التهديد بسبب الانفلات الأمنى والأخلاقى من أهالى المرضى والبلطجية، ويعود ذلك لسوء الخدمات ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، ولابد من وضع حد لهذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا.