«1» ليل/ داخلي الحدث: مباراة أسود التيرانجا في مواجهة الديوك الفرنسية بافتتاحية كأس العالم 2002 المكان: قرية بامبالي في عمق جنوبالسنغال داخل قرية بامبالي الحماسة تصل أقصاها، القرية بأكملها تتابع المباراة الافتتاحية لكأس العالم. داخل أحد المنازل يقف الأطفال مشدوهين أمام الشاشة، تدور بينهم أحاديث جانبية عن روعة الحاج ضيوف ومراوغاته، فيما يتابع الطفل صاحب العشرة أعوام المباراة بشيء من الهدوء يكسوه الفخر. تمر دقائق المباراة الأولى سريعا، يبدأ منتخب السنغال في فرض شخصيته على الميدان، لتأتي لحظة الحسم في الدقيقة 26 من الشوط الأول. الكرة تخرج بالخطأ من أقدام الديوك تصل في تمريرة ساحرة إلى الحاج ضيوف يستلم الكرة من منتصف الملعب في الناحية اليسرى، يدخل في سباق سرعة يراوغ بخفة ورشاقة ليصل إلى منطقة الجزاء، يمرر كرة عرضية ترتطم بأقدام اللاعبين وتقف في مواجهة «مو بابا ديوب» ليسجل الهدف الأول في شباك الحارس فابيان بارتيز.. يا لها من مفاجأة السنغال تسجل في افتتاحية كأس العالم في مرمى حامل اللقب منتخب الديوك.. من قال إن المعجزات لا تحدث! لم يكن هذا الطفل الهادئ سوى «ساديو ماني» الذي سيصبح فيما بعد نجم فريق ليفربول الإنجليزي وأمل أسود التيرانجا في العودة للأمجاد مرة أخرى. (بعد مرور تسعة أعوام) «2» صباحي / خارجي المكان: العاصمة السنغالية داكار ولد لأسرة فقيرة، أب يعمل إماما لأحد المساجد، يأمل في يوم أن يصبح نجله معلما، فيما اختار نجله طريقا آخر. تعلق قلب ساديو بكرة القدم، كان لا يتركها في الصباح والمساء، أينما حضرت الكرة حضر ساديو، ليبدأ فصل جديد في قصته بالانضمام إلى أكاديمية محلية ساهمت من قبل في خروج العديد من لاعبي كرة القدم.
«منذ أنا كان لدي 3 أعوام كنت ألعب كرة القدم في الطرقات وفي الشوارع فقط على أن أجد كرة لأبدا مداعبتها بقدمي». الفرصة لا تأتي مرتين.. حضر مستكشفون من فرنسا إلى السنغال للبحث عن الأطفال الأكثر مهارة في بلاد أسود التيرانجا، يتخذ «ساديو ماني» قراره ويقرر الترحال مسافة 500 ميل إلى العاصمة السنغالية داكار لحضور الاختبارات حتى يحقق حلمه، ويدور هذا الحديث بينه وبين أحد الكشافين. المدرب: هل أتيت إلى هنا من أجل الاختبار والحصول على فرصة للعب كرة القدم؟ ساديو: نعم، أنا أريد أن ألعب كرة القدم المدرب: بهذا الحذاء؟ انظر إليه، كيف تلعب به؟ إنه مهترئ وقديم، ألا تملك حتى سراويل كرة قدم مناسبة؟ ساديو يجيب بخجل: جئت بأفضل ما لدي وأردت فقط الحصول على فرصة للعب وإظهار نفسي. بعد انتهاء التدريب يذهب إليه المدرب ويؤكد اختياره للعب في فريقه ليبدأ رحلة احترافه لكرة القدم داخل فريق ميتز بالدوري الفرنسي الدرجة الثانية الذي يعد بوابة الاحتراف بالنسبة لعدد من نجوم الكرة العالمية، أمثال لويس ساها، بابيس سيسيه، أيمانويل أديبايور، روبيرت بيريز. يتذكر ماني تلك اللحظة الحاسمة في مسيرته ضاحكا: «لن أنسى ذلك أبدًا، فقد كانت الفرصة بعيدة المنال لكنني حصلت عليها». «3» ليل / خارجي المكان: فرنسا يقف ساديو ماني أمام إحدى كبائن الاتصال المنتشرة في فرنسا آنذاك يرفع سماعة الهاتف ويطلب رقم منزله في قريته القديمة، على الخط الآخر تجيب والدته. ساديو: أمي مرحبا، أنا أحدثك من فرنسا الأم تجيب مندهشة: أي فرنسا؟! ساديو يجيب ضاحكا: فرنسا التي تقع في أوروبا. يقول ماني عن تلك اللحظة: «لم تصدقني، واصلت الاتصال بي هاتفيا يوميا للتأكد من الأمر، وحتى ذلك لم يكن كافيا لتصدقني حتى جاء اليوم الذي شاهدتني فيه عبر شاشة التليفزيون، لتدرك حينئذ أنني أحقق حلمي». تألق النجم السنغالي مع فريقه الفرنسي ليلفت أنظار نادي ريد بول سالزبورغ النمساوي الذي يشهد بزوغ نجمه ليكون بوابته الخاصة للانتقال إلى الدوري الإنجليزي.. حلم الطفولة. «كنت أشاهد الدوري الإنجليزي منذ صغري، حلمت أن ألعب هناك يوما ما والآن بات الحلم حقيقة». «4» ليل / خارجي المكان: ملعب سانت ماري الملعب الرئيسي لفريق ساوثهمبتون الإنجليزي عام 2015 يبدأ ساديو ماني المباراة ضمن التشكيلة الأساسية، تبدأ أحداث المباراة بهجوم كاسح من فريق ثاوثهمبتون. الدقيقة 13: يواصل اللاعب السنغالي ساديو ماني الضغط على المدافعين وينجح في استخلاص الكرة ويسجل هدفه الأول. الدقيقة 14: يخطئ مدافع ساوثهمبتون في إخراج الكرة بعيدا عن منطقة الجزاء ويرجعها إلى حارس المرمى الذي ينزلق وتبتعد عنه الكرة ليندفع ساديو ماني ويسجل الهدف الثاني. الدقيقة 16: على الجانب الأيمن للملعب ينطلق ساديو ماني في انتظار تمريرة حاسمة من زميله الجناح الأيسر ليضعها بقدمه في المرمي مسجلا هدفه الثالث. في أقل من 3 دقائق، سجل السنغالي ساديو ماني لاعب ساوثهامبتون هاتريك في مرمى ضيفه آستون فيلا في الجولة 37 من الدوري الإنجليزي. لفت ماني الأنظار سريعا في الدوري الإنجليزي، ليأتي صيف عام 2016، الذي شهد الخطوة الاحترافية الأكثر أهمية بالانتقال إلى ليفربول الإنجليزي. "الانتقال إلى ليفربول كان بمثابة حلم كبير لي، اللعب تحت قيادة يورجن كلوب فخر لي وأثق أنني سأقدم المزيد من الجهد وفاء لثقته في إمكانياتي" يقول ساديو ماني. «5» ليل/ داخلي الحدث: مباراة أسود التيرانجا في مواجهة اليابان في مونديال كأس العالم 2018 المكان: قرية بامبالا في عمق جنوبالسنغال داخل قرية بامبالا الحماسة تصل أقصاها، القرية بأكملها تتابع مباراة منتخبها الوطني في كأس العالم، لكن اليوم ليس كسابقه ابن قريتهم يلعب على الشاشات أمامهم. داخل أحد المنازل يقف الأطفال مشدوهين أمام الشاشة، تدور بينهم أحاديث جانبية عن روعة صاحب القميص رقم عشرة. تمر دقائق المباراة الأولى سريعا، يبدأ منتخب السنغال في فرض شخصيته على الميدان، لتأتي لحظة الحسم في الدقيقة ال 11 من الشوط الأول، يسجل ساديو ماني هدفه الأول في منتخب اليابان. «الحلم أصبح حقيقة».. حُلم الطفل صاحب العشرة أعوام الذي تمنى قبل ستة عشر عاما أن يكون بطلا لمنتخب بلاده، بات حقيقة. «أنا الآن أعيش الحلم»