هى واحدة من أغرب الجرائم وأبشعها وأكثرها ألما للنفس.. فيها تخلت أم فى العقد الثالث من عمرها عن كل مشاعر الرحمة والإنسانية، وماتت بداخلها غريزة الأمومة.. واشتركت مع عشيقها فى تعذيب طفلها البالغ من العمر 4 سنوات عذابا شديدا تارة بالضرب المبرح بالعصا الغليظة، وأخرى بالكى بالنار، وثالثة بالعض وإطفاء السجائر المشتعلة فى جسده النحيل، كل ذلك بسبب مشاهدته لهما معا فى وضع مخل.. وعندما أوشك الصغير على الموت، حملته الأم من منطقة الوراق بالجيزة، وألقت به أمام مستشفى الساحل بالقاهرة وفرت هاربة.. محقق «فيتو» علم بالواقعة من مصادره الخاصة فحمل أدواته وانطلق إلى المستشفى والتقى الطفل الضحية، واستمع منه إلى تفاصيل مأساته مع والدته.. وتحدث مع الأطباء الذين شرحوا حالته، ثم انتقل إلى قسم الوراق واستمع إلى رجال المباحث الذين يحققون فى الواقعة.. وخلال رحلته هذه جمع معلومات وتفاصيل مثيرة يرويها فى السطور التالية: ببراءة شديدة بدأ الطفل عمار البالغ من العمر 4 سنوات يروى تفاصيل مأساته للمحقق قائلا: «أمى هى اللى عذبتنى وضربتنى علشان شفتها مع واحد اسمه «على».. كان بييجى عندنا كل يوم بعد موت أبويا ويقعد مع ماما فى أوضتها ويقفلوا الباب عليهم، ولما كنت أدخل أو أطلب حاجة منها وهو موجود كانت بتضربنى وتطردنى، ولما يمشى كانت تقعد تقول أوعى تجيب سيرة لحد إن عمو على بييجى يقعد معايا.. وفى يوم دخلت الأوضة ولقيتهم نايمين على السرير وأمى كانت لابسة قميص وهو من غير هدوم.. قاموا الاتنين ومسكونى وقعدوا يضربونى ويلسعونى بالنار، ومن يومها بدأوا يعذبونى.. أمى منعت عنى الأكل وحبستنى، والراجل ده كل لما يشوفنى يضربنى على وشى وبطنى وفى كل حتة وكان بيجيب معاه عصايا كبيرة يضربنى بيها، وكان بيطفى السجاير فى جسمى، ولما استغيث بأمى كانت تضربنى هى كمان معاه.. وآخر مرة فضلوا يعذبونى بالنار ويضربونى بإيديهم ورجليهم، ولما قربت أموت رمتنى أمى قدام المستشفى وهربت.. الدكاترة عالجونى وجابوا لى لعب وهدوم.. بس أنا زعلان من أمى علشان عملت كده وكانت بتسيب الراجل يضربنى ويعذبنى». اكتفى المحقق بهذه الكلمات من عمار وانتقل إلى أطباء مستشفى الساحل وسألهم عن ملابسات الواقعة، فأوضحوا أنه فى حوالى الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل، فوجئوا بسيدة تحمل طفلا فى حالة إعياء شديدة، وتحاول الدخول به إلى المستشفى وقالت إنه سقط من أعلى السلم، وعندما لاحظت علامات الشك فى عيون الأطباء، تراجعت خوفا من مساءلتها قانوناً عن حالة الطفل وفرت به هاربة.. فى اليوم التالى عادت وغافلت الجميع وألقت بالطفل شبه فاقد الوعى أمام المستشفى وفرت هاربة.. تم نقل الطفل على وجه السرعة إلى داخل المستشفى، وتبين أنه تعرض لأبشع أنواع التعذيب والكى بالنار والضرب المبرح، ووجود كدمات شديدة حول عينيه وفى مناطق متفرقة من جسده، ويحتاج إلى عملية نقل دم عاجلة لإنقاذ حياته، وبعد تقديم الإسعافات اللازمة، أبلغت إدارة المستشفى الشرطة، وأكد الطفل أن والدته وشخصا آخر هما من قام بتعذيبه والتنكيل به، بعد أن شاهدهما فى وضع مخل داخل شقتها بمنطقة الوراق. وأضاف أحد الأطباء أن حالة الطفل كانت سيئة للغاية، حيث كان يعانى من نزيف داخلى، وتهتك شديد فى الجلد والأنسجة نتيجة تعرضه لعضة عنيفة، مع كسر فى الذراع.. ونظرا لعدم وجود أحد من أسرة الطفل معه، اشترى الأطباء له ملابس جديدة ولعب أطفال للتخفيف من معاناته وصدمته النفسية والعصبية. قبل أن يغادر المحقق مستشفى الساحل، علم بأن مباحث الوراق ألقت القبض على الأم التى اشتركت فى تعذيب طفلها الصغير، فانطلق إلى هناك وتقابل مع المقدم عمرو سعودى رئيس المباحث، وسأله عن تفاصيل الواقعة، فقال: «تلقينا إشارة ببلاغ عن تعذيب سيدة تقيم فى دائرة القسم لطفلها البالغ من العمر 4 سنوات، بالاشتراك مع عشيقها، وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية، القينا القبض عليها وبمواجهتها أنكرت قيامها بتعذيب الطفل مؤكدة أنه سقط من أعلى السلم، وأن ابنها صغير ولا يعتد بكلامه، وتقرر احتجازها لحين الانتهاء من التحقيقات وجمع التحريات عن الواقعة.