البيوت جميعها متشابه من الخارج وملامح الأهالي يملؤها التعب والشقى، يقطنون في منازل من طابق أو اثنين على الأكثر، يخرجون في الصباح الباكر بحثًا عن لقمة العيش ليعودوا آخر الليل بحوزتهم بعض الجنيهات لينفقوا على أبنائهم.. على بعد 5 كيلو مترات من مركز منشأة القناطر تقع قرية أم دينار لا تحمل شيئا من اسمها سوى طيبة القاطنين بها، فأصبحت حديث المواطنين الأيام الماضية بعد إشاعة عثور عامل على قطع أثرية، يبدأ الجميع في السؤال أين ذهب بهم.. جار الضحية "محمود.ع" مبيض محارة، اتفق مع اثنين من أصدقائه "مصطفى.ج" مبلط سيراميك، "رجب.م" عامل من قرية كفر حجازى على اختطاف نجل "محمد حافظ" جاره ومساومته على إعادته مقابل القطع الأثرية التي عثر عليها. وفى اليوم الموعود، استدرج المتهم الرئيسى "محمود.ع"، "محمود محمد حافظ" 10 سنوات المجنى عليه إلى خارج القرية، وقام باصطحابه فور وصوله إلى مكان اللقاء مع باقى المتهمين وقاموا بوضعه داخل سيارة ونقله إلى منطقة أبو غالب واحتجازه بداخلها. مع انسدال ستار الليل، بدأ الأب المكلوم والأم والأقارب يبحثون عن نجلهم الذي تأخر في العودة، فخرجت القرية بأكملها يبحثون عنه في كل زاوية ربما إصابة مكروه.. والد المتهم الرئيسى وأسرته شاركوا في البحث عن الضحية، ولكن جهودهم بات بالفشل. الأب المكلوم "محمد حافظ" اتجه إلى المقدم سامح بدوي رئيس مباحث مركز منشأة القناطر، ويبلغ عن اختفاء نجله الذي وعده الأخير بعودته خلال 24 ساعة القادمة، مضى الوقت حتى جاءت مكالمة هاتفية لوالد الضحية، يخبره الخاطف بفدية قطعتين أثريتين مقابل إعادة نجله، ولم يكتفِ الخاطف بذلك بل أرسل مقطع فيديو للضحية يطلب النجدة من والده وتنفيذ مطالب الخاطفين. دار حديث بين والد الضحية والمتهمين، بأنه لا يملك قوت يومه وليس لديه مطالبهم فهددوا بقتل المجنى عليه، وأمهلوه 24 ساعة وإلا قاموا بقتله، وفى النهاية أخطر رئيس المباحث الحديث الذي دار وأرسل إليه الفيديو الذي أرسله المتهمون له. تم تشكيل فريق بحث مكبر من مباحث الجيزة ومفتشى قطاع الأمن العام بإشراف اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية واللواء رضا العمدة مدير مباحث الجيزة، وتوصلت الجهود إلى تحديد هُوية 3 متهمين من بينهم "جار المبلغ". عقب تقنين الإجراءات أمكن ضبطهم، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة، وقرر جار المبلغ بتداول شائعة بإستخراج المُبلغ قطعتين أثريتين فقام بالاتفاق مع شخصين على اختطاف ابنه وقتله -لخشيته من اعترافه عليه- وإيهام والده أنه على قيد الحياة ومساومته على إعادته مقابل تسليم القطع الأثرية. وأضاف المتهم الرئيسى، باستدراجه بزعم شراء حلوى واصطحبوه داخل سيارة ميكروباص ملك وقيادة أحدهم، واحتجزوه بمحل مهجور بمنطقة أبو غالب دائرة المركز، وقاموا بتصوير فيديو للطفل يطلب فيه من والده الاستجابة لطلباتهم خشية قتله بسلاح ناري بحوزتهم، وعقب ذلك قام أحدهم بخنق الطفل واعتقدوا وفاته وألقوه بمياه الرياح البحيرى بذات المنطقة إلا أنهم فوجئوا أنه على قيد الحياة. فقام الآخر بالنزول للمياه وأغرقه حتى تأكد من وفاته، وعقب ذلك قاموا بالاتصال بالمبلغ ومساومته على إعطائهم القطع الأثرية وخلال المكالمة قاموا بتشغيل الفيديو السابق تسجيله للمجنى عليه وايهامه بأنه بصحبتهم ويستغيث به. كما أرشدوا عن السيارة وطبنجة صوت "المستخدمتين في الواقعة"، وكذا شريحة المحمول المستخدمة في مساومة والد المجنى عليه، تم التنسيق وإدارة شرطة البيئة والمسطحات المائية للبحث عن جثة المجنى عليه وانتشالها. والد الضحية روى اللحظات الأخيرة في حياة نجله قبل وصول خبر العثور على جثته في مياه الرياح البحيرى، قائلا: "اللي حصل إن محمود راح المدرسة، ومرجعش البيت، أنا كنت قلقان عليه ورحت على طول على مركز شرطة منشأة القناطر، وطلبت مقابلة رئيس مباحث المركز وحررت محضرا بغيابه، مضيفًا بأنه تابع مع المباحث نحو 3 أيام.. والمتهمون اتمسكوا وكانت المفاجأة أن محمود جارنا شارك في ارتكاب الواقعة. وأشار والد الضحية، بأنه جثة نجله عثروا عليها بمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، حيث مرت جثته ب3 محافظات طافية فوق المياه حتى تم انتشالها. "والله أنا مش لاقى أجهز بنتى وأجلنا الفرح أكتر من مرة، والجمعية الشرعية قدمت مساعدات كتير، بخلاف علاج الفيروس اللى مش قادر أجيب ثمنه من سنتين". ويقول والد الضحية محمد حافظ: "البيت هيقع علينا في أي لحظة ولو قطة عدت فوقه ممكن يقع علينا يبقى لو لقيت آثار ده كان بقى حالى، حسبى الله ونعم الوكيل في القتلة خطفوا فرحتى في الدنيا لما قتلوا ابنى". وأكد والد الضحية، بان المتهمين قتلوا نجلى حتى لا يفضحهم قدام الناس في القرية. والتقطت أطراف الحديث والدة الضحية: "جوزى راجل غلبان وإحنا على باب الله ومش عارفة أجهز بنتى، كله من الناس اللى بتطلع إشاعات وأدي آخرتها كانت روح ابنى الثمن لحاجة هو بريء منها". وطالبت والدة الضحية بإعدام المتهمين ويتقطعوا زى ما عملوا في ابنى وحرقوا قلبى عليه، حسبى الله ونعم الوكيل فيهم.
وعقب العثور على الجثة وضبط المتهمين، نظم الأهالي قرية أم دينار جنازة شعبية تحولت إلى مظاهرة للمطالبة بالقصاص من الجناة وإعدامهم، مؤكدين أن أسرة المجنى عليه يتمتعون بالسمعة الطيبة ودائما بعيدين عن المشكلات منذ السكن في القرية منذ 12 سنة.