"مصطفى النحاس" حكاية، وحتى لا يذهب القارئ بعيدا فإن الحكاية لا علاقة لها بزعيم الوفد القديم مصطفى باشا النحاس، ولا علاقة لها بالأحزاب ولا سياسة الأحزاب، وإن كان حال الأحزاب لا يسر حبيبا، لكنه بالقطع يسر العدو.. الحكاية أخذت من الباشا الاسم فقط فكانت حكاية شارع مصطفى النحاس بمدينة نصر.. اسم أشهر من نار على علم، ومحور مروري مهم يشق مدينة نصر من آخر شارع يوسف عباس حتى نهاية الحي الثامن ليصل إلى الحي العاشر بطول يزيد عن 5 كليو مترات! قبل أقل من 5 سنوات تم تطوير الشارع برفع قضبان خط المترو من منتصفه، ووضع بنية تحتية ليتحول ممر المترو إلى طريق يتوسط الشارع لتسير فيه خطوط أتوبيسات النقل العام وخطوط الميني باص الخاصة بالمحافظة، وتم وضع سياج حديدي لهذا المحور من بدايته حتى آخر الحي الثامن، وتم عمل هياكل خرسانية جاهزة كمحطات للركاب لا تسع الواحدة منها أكثر من 4 ركاب ينتظرون وسيلة مواصلتهم، وتم عمل شبكة إشارات مرورية بكاميرات مراقبة لضبط حركة المرور بالمحور تعمل أوتوماتيكيا - نادرا ما كانت تعمل –لكنها كانت في الغالب عطلانة مما يتسبب في ارتباك الحركة وتضييع الوقت بالإضافة إلى حالات الاختناق التي تحدث في ساعات الذروة التي كانت لا تنقطع حتى ساعة متأخرة من اليوم! تطوير الشارع تكلف 70 مليون جنيه في وقتها بما يعادل 200 مليون بسعر اليوم، ومع مرور الوقت بدأت تظهر عيوب التطوير.. ومساوئ فكرة عمل مسار خاص للنقل الجماعي، ثم بدأت عيوب الرصف تظهر على الطريق فتحولت أجزاء منه مطبات صناعية بفعل الحركة غير المسئولة عليه من السائقين والسيارات حتى فقد التطوير معناه من كل النواحي الجمالية والمرورية والأمنية ليصبح في النهاية مسار أو ممر العذاب لكل من يسير فيه! الحكاية من البداية كانت لها علاقة بالفساد وغياب الرؤية واستسهال الحلول العشوائية دون دراسة لحركة المحور وتقاطعاته مع أهم شوارع المنطقة حيث يتقاطع المحور مع شوارع عباس العقاد ومكرم عبيد وحسن مأمون والطاقة، وكلها شوارع تربط الحركة في مدينة نصر كلها وتربط محور الأتوستراد بالقاهرة الجديدة وطريق السويس. منذ أسبوعين فوجئ سكان المنطقة بعمليات هدم للمحور ورفع الأسفلت وإزالة السور الحديدي ورفع أعمدة الإنارة وتحول الشارع من بدايته إلى نهايته إلى منطقة إشغالات فزادت صعوبة الحركة فيه، وبالسؤال عن لماذا يحدث ذلك؟ جاءت الإجابة إعادة تطوير الشارع وتوسعة الاتجاهين ورفع المسار الأوسط الخاص بالنقل الجماعي لخلق سيولة في الشارع! نحن -دافعي الضرائب- من حقنا أن نسأل أي مسئول من أول رئيس الوزراء ووزير الإسكان إلى رئيس الحي الذي يقع في دائرة اختصاصه هذا الشارع الحيوي مرورا بكل القيادات المسئولة عن التخطيط أو التطوير أو التنفيذ عن: * من المسئول عن إهدار هذه الملايين التي تم صرفها في التطوير الأول الذي لم يمر عليه 5 سنوات؟ * من أين يتم الصرف على التطوير الجديد ونحن في حاجة إلى الإنفاق على المدارس والمستشفيات؟ * هل من يقومون بالتطوير الجديد هم من يقومون بالتطوير الذي يجري الآن؟ * هل يمكن محاسبة من أخطأ في التطوير الفاشل السابق أم أن الحكاية مال سايب ليس له صاحب؟ بالمناسبة حدث ذلك في شارع حسن المأمون الذي يربط الأوتوستراد بمصطفى النحاس حيث تم ما أسموه تطوير في الشارع وقبل أن ينتهي تم خلع الأرصفة والبلاط وغلق وفتح محاور في الشارع وكأن هذه المنطقة حقل تجارب للتدريب على مهارة إهدار المال العام، وحدث كذلك في شارع الطاقة الموازي لشارع حسن المأمون حيث تجلت عبقرية الذي يطور هذه الشوارع حيث جعل نصف الشارع اتجاه واحد والنصف الثاني اتجاهين فزاد الارتباك ارتباكا وأفرط في تعذيب أصحاب السيارات في اللف والدوران للوصول إلى حيث يريدون ! الحكاية باختصار هي حكاية فساد في الأحياء، وبوابة ملكية للسرقة بالقانون في البناء والهدم تحت شعار التطوير، يحدث ذلك ولا معقب ولا صوت يعلو على صوت بلدوزرات الهدم وإهدار المال العام!