«شرود وعدم القدرة على التركيز، ملل وفقدان الحافز».. تلك أهم السمات المميزة لطلبة الثانوية العامة فى هذه المرحلة الحرجة، فعلى الرغم من أهميتها فى رسم ملامح المستقبل، إلا أن كثيرا من الطلبة تنتابهم حالة من الشرود تمنعهم من مواصلة المذاكرة.. حاورنا المهندس محمود أمين - خبير التنمية البشرية والعلاقات الأسرية- لنتعرف منه على أسباب شرود الطلبة، وسبل التخلص منه.. ما هى أهم أسباب شرود الطلبة أثناء المذاكرة؟. - تتعدد الأسباب، وتعد الخلافات الأسرية من أهم الأمور المؤدية لشرود الطالب، حينما تستمع أذناه لهذه الضوضاء، والمشكلات على المصروف وطلبات المنزل وغيرها من الأمور سواء كانت مصيرية أو فرعية، فعقل الطالب يضخمها فى هذه الفترة بشكل يصيبه بعدم القدرة على التركيز. كما يعد الشعور بالنعاس وتكرار التثاؤب، من أهم مقدمات شرود الطلبة، فهناك روابط فى المخ مرتبطة ب «اللا وعي» الذى يعطى أوامر للمخ، فنجد الطالب الذى يذاكر وهو جالس على سرير أو على كنبة ، فهذه حالة من حالات الاسترخاء تعطى إشارات للمخ بأنه حان وقت النوم، وهذا يقلل قدرة الطالب على الاستيعاب. كما يوجد العقل «العاطفي» الذى يعمل تلقائيا ويدفع الطالب للشعور بالخوف من المذاكرة بسبب خوفه من الامتحانات بشكل يصيبه بالتوتر وعدم القدرة على تملك أعصابه، وكلما اقترب موعد الامتحانات زاد توتره، فيعزف عن المذاكرة هروبا من هذا الخوف، فالعقل يعمل أوتوماتيكيا ويتحكم فى مجموعة من الوظائف منها الخوف العنيد أو معالجة التوتر، فنجد العقل يعطى أوامر للجسم، إما أن تكون كسلا أو توترا أو خوفا أو رعشة. أيضا يشكل ضغط الأهل سببا للشرود، بالحديث المتكرر عن المذاكرة والمجموع فيشعر الطالب بأنه أقرب للفشل من النجاح ، فيصاب بالملل ويفقد طموحه لاستمرار المذاكرة. ما هو الحل؟. - الحل فى استخدام العقل «التحليلي»، فهو المسئول عن المعلومات وتحقيقها، ولكى يعمل هذا العقل فلابد من التفكير قليلا فى المواقف والامتحانات التى اجتازها الطالب فى الماضى بنجاح، ويتذكر أنه تخوف من الامتحانات فى السنوات الماضية إلا أنه نجح فيها، أو يتذكر المواقف التى نجح فيها مثل تعلمه قيادة الدراجة أو أى لعبة، ثم يسقط هذا التفكير على الامتحانات ويتحدث مع نفسه ويذكرها بلحظات الصعوبة التى مرت به وكيف استطاع التغلب عليها. هناك شكوى عامة بأن الطلبة يجدون الأسئلة التى ذاكروها، لكن مع بداية الحل يفاجأوا بأن المعلومات وكأنها مسحت من الذاكرة.. فما هو الحل؟. - هذا راجع إلى أن العقل «العاطفي» حينما يتوتر يعمل أوتوماتيكيا فيحدث له ارتباك، ينتج عنه تشويش على الذاكرة فيعتقد الطالب أنه نسى المعلومات، والحل هنا أن يقلب الطالب الورقة، ويرجع بظهره للخلف ويسند ظهره ويأخذ نفسا عميقا ويكتمه داخل الرئتين ثانيتين ويفصل نفسه نهائيا عن الامتحان، ويسأل نفسه سؤالا فى الذاكرة مثل: فى وجبة الأمس كم طبقا وضع على سفرة الطعام؟، أو عنوان السكن كما هو مدون فى البطاقة، لينقل التفكير من مناطق التشويش أو التوتر إلى مراكز الذاكرة التى لا يمكن أن تنسى أى شىء، وعندما يجيب هذه الأسئلة التفصيلية، بعدها يمكن قلب ورقة الامتحان، وبذلك يكون قد تم نقل التفكير لمركز الذاكرة التى تحتفظ دائما بالمعلومات. الطلبة يفتقدون الأمل فى الالتحاق بوظائف بعد التخرج.. فهل هذا من أسباب شرودهم وعزوفهم عن الاستذكار؟. - بالطبع، فهو سبب رئيسى للعزوف عن التفوق وليس فقط عن المذاكرة، حتى أن بعض الطلبة يستغرقون فى التفكير، متسائلين حتى إذا تخرجت فى أى كلية بتقدير امتياز، فقد أفاجأ بشخص آخر أقل فى الدرجات يتم تعيينه فى الوظيفة، فقط لأنه ابن فلان الفلاني، فحتى الآن عصر الوساطة والمحسوبية لم ينته. كيف تستطيع الأسرة التغيير من هذا التفكير؟. - المشكلة أن هذا التفكير ينتاب حتى المتفوقين علميا، لتنتابهم نفس هذه الأفكار فى أى مرحلة دراسية، ويشعرون بأن مجهودهم بلا جدوى، وأدعو هؤلاء أن يذكروا أكثر الشخصيات المعروفة والمحببة لديهم، ويذكروا من منهم حصل على شهادة جامعية، سنجد أن 99% من المشاهير متعلمون، فالتعليم بطبيعته يعلى من شأن الفرد. البعض يرى فى التعليم المفتوح أو الكورسات بديلا مختصرا للدراسة الأكاديمية.. فهل هذا يزيد من تشتتهم؟. - فى سوق العمل أول ما ينظر له فى السيرة الذاتية هو التعليم الجامعي، فالمؤهلات الجامعية ذات قيمة، أما الكورسات فلا ترتقى لهذه القيمة العلمية، حتى أننى دائما ما أطالب بوجود مدارس لتعليم التنمية البشرية، فالكورسات لا يمكن أن تحل محل الدراسة النظامية، على أن يكون الإقناع بهدوء أعصاب وود لنخرج الطالب من التشتت.