الصدام بين المؤسسة العسكرية وجماعة الإخوان المسلمين مر بمراحل متفاوتة بعد ثورة يناير، اشتد عقب إحالة الرئيس محمد مرسى للمشير حسين طنطاوى وزير الدفاع، والفريق سامى عنان رئيس أركان الجيش، إلى التقاعد، وتصعيد الفريق أول عبد الفتاح السيسى لتولى قيادة القوات المسلحة وسط أقاويل رمت إلى انتماء السيسى لجماعة الإخوان، إلا أن الأيام كشفت أن السيسى انتماؤه الأول والأخير لمصر، وأن الجيش المصرى فوق التحزب أو التسييس. الكاتب الصحفى مصطفى بكرى -رئيس تحرير جريدة الأسبوع- طرح فى كتابه الجديد "الجيش والإخوان" الذى يكشف فيه تفاصيل وأسرار المرحلة الانتقالية، سؤالا "هل يحدث الصدام؟!"، مؤكدا على أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى منذ نجاح ثورة 25 يناير إلى أخونة الجيش، وإهانة قياداته الحالية والسابقة، وتشويه دورهم العظيم فى حماية البلاد واستقرارها، ثم إطلاق الشائعات المسيئة تمهيدا لعزل وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى ورئيس الأركان الفريق صدقى صبحى. وكشف بكرى عن طبيعة العلاقة بين الجيش والإخوان عقب تولى السيسى للمسئولية، مشيرا إلى زيارة جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية إلى مصر حاملا ملفا كاملا يتضمن سيناريوهات وتوقعات عدد من خبراء الخارجية الأمريكية للوضع فى مصر، ناقشه مع الرئيس باستفاضة، وتناوله مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى. بكرى أفصح فى كتابه عن محور لقاء كيرى والسيسى، وهى تصريحات رئيس أركان الجيش المصرى، والتى قال فيها: "إذا احتاج الشعب الجيش، فسيكون فى الشارع بعد ثانية واحدة"، ووقتها بادره السيسى بسؤال واضح: "ماذا إذا تعرض الأمن القومى الأمريكى للخطر؟! "، موضحا له أن الجيش المصرى لا يرغب فى العودة إلى لعب دور سياسى، وأن القوات المسلحة أدت دورها على أكمل وجه خلال المرحلة الانتقالية، لكن عندما يتعرض الوطن للخطر سيكون من الصعب على الجيش المصرى أن يقف متفرجا، فحينها سيتدخل لحماية الدولة من السقوط. حلقات الصدام بين مؤسسة الرئاسة ومكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين من جهة والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى، كان من بينها أحداث عنف خط القناة التى أعقبت أحكام قضية استاد بورسعيد -بحسب الكتاب- عندما اندلعت المظاهرات فى مدن القناة، وأصدر الرئيس مرسى قرارا بفرض حالة الطوارئ ونزول الجيش إلى شوارع القناة، وبالفعل امتثلت قيادات الجيش لقرار الرئيس لحفظ الأمن وحماية مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المجرى الملاحى لقناة السويس، ووقتها صدرت تعليمات مباشرة وصريحة من السيسى بعدم الاشتباك مع المواطنين أو إطلاق رصاصة واحدة ضد أى مواطن تحت أى ظرف. المفاجأة التى فجرها "بكرى" أن مرسى وجماعته غضبوا بشدة من موقف السيسى، حيث أراد الرئيس دخول الجيش فى مواجهة مع المواطنين، مثلما أرادها أيضا مع المتظاهرين خلال أحداث الاتحادية، ولأن السيسى رفض التنفيذ، لجأ مرسى إلى وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين –حينها- والذى رفض بدوره الصدام مع المتظاهرين، فكان جزاؤه الإبعاد عن منصبه. "جماعة بديع تتابع مواقف الفريق أول عبد الفتاح السيسى عن كثب" هكذا أشار فى كتابه، محددا خيارات معدودة أمام الإخوان والجيش لإنهاء حالة الصراع، أهمها إلزام الجماعه للرئيس بعزل الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والفريق صدقى صبحى رئيس الأركان، وسط ترويج موجة من الاتهامات والأكاذيب ضدهما، حتى يتقبل الشارع المصرى تعيين بديلين لهما، أو نزول الجيش إلى الشارع مع انهيار الأوضاع الاقتصادية وبدء ثورة الجياع بما يهدد استقرار البلاد، حيث تعم الفوضى وأعمال السلب والنهب وإسالة الدماء فى الشوارع، وفى هذه الحالة ستكون مصر أمام انقلاب عسكرى يفرض الأحكام العرفية لفترة من الزمن، ويتولى الجيش إدارة شئون البلاد مع تعطيل العمل بالدستور والقوانين.