لم يكن يعرف نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، ما يخبئ له الغيب من مفاجآت مذهلة فقد جمعه القدر بأخر ملوك مصر الملك فاروق الأول الذى حكمها عام 1936، ليصبحا صديقين حميمين على فرشة عم "عبدالله"، ليراقبا معا ماذا حل بمصر والمصريين من شارع الثورة... على أحد أرصفة شارع 26 يوليو من ناحية مترو العتبة يجلس عم "عبدالله" فى كبر وزهو، وسط زملائه من الباعة الجائلين لما تحويه فرشته من مختلف الحضارات والثقافات والفنون، ويرقد أمامه ملوك وحكام الشرق والغرب الذين ذاع صيتهم على مر العصور. - تاجر عملة: "عبدالله سيف" القادم من الفيوم مركز أبشواى يتاجر فى العملات الورقية القديمة منذ خمسة عشر عاما، فجمع العملات بالنسبة له كانت هوايته المفضلة عندما كان صغيرا إلى أن كبر واستثمر الهواية فى جنى بعض المال ليعول أبناءه الخمسة ووالدتهم، فهو لا يعرف عملا أو مهنة يحترفها ويكسب منها قوته اليومى سوى التجارة فى العملات الورقية القديمة. - ثقافة ومتعة: يقول عم "عبدالله": جمع العملات الورقية القديمة هى ثقافة ومتعة وأنك حين تجمع العملات فأنك تتجول بين ثقافات مختلفة وتنتقل بين بلدان وقارات متعددة وأنت جالس بمكانك، حيث تتعرف على ملوك وحكام غيروا العالم، بالإضافة إلى أنك تتعرف على الحدود الجغرافية والتاريخ لكل بلدان العالم وتتعلم اللغات الأجنبية وأيضا السياسة. ويضيف: العملات الورقية القديمة يزيد ثمنها كلما مر عليها الزمن فهى كالذهب لا تفقد قيمتها مطلقا أو كاللوحات النادرة التى رسمها أشهر الفنانون لتكون شاهدا وموثقا على تاريخ وتطور الدول المختلفة فهى بمثابة وثائق تاريخية يمكن الرجوع إليها. - هواية الملوك: هكذا ذكر عم عبدالله حين سألته عن سبب اختياره لهذه الهواية دون غيرها، فقد غواها منذ أن كان طفلا صغيرا و يقول: هذه الهواية ليس لها دين أو جنس أو لون أو حتى عمر محدد حيث أنها تجذب الصغير قبل الكبير، ويتوافد إلىَ مختلف الجنسيات والأعمار من الأجانب والعرب والمصريين باحثين عن العملات القديمة. كما أن هواية جمع العملات القديمة لا تفرق بين متعلم وأمى فالكل مغرم باقتناء العملة القديمة وخصوصا النادر منها، ويذكر "عبدالله" أنه يمتلك مجموعة من أندر العملات القديمة والتى يجمعها فى ألبوم واحد ولا يقبل أن يفرط فيها بأى شكل من الأشكال. - ملوك ورؤساء ع الرصيف: تحوى فرشة عم "عبدالله" التى تتكون من قفص كبير مفروش عليه قطعة من القماش صور الملوك والرؤساء التى تجسدت على العملات القديمة، فقد ترى الملك فاروق والذى يبيعه بجنيه ونصف الجنيه، ومهيب الرجال صدام حسين بخمسة جنيهات، وميدالية لقائد الحملة الفرنسية نابليون بونابرت بثلاثين جنيها، وبعضا من العملات التى يرجع تاريخها للعهد الرومانى بعشرة جنيهات، والنير النيجيرى. بالإضافة إلى العملات المرسوم عليها الحيوانات والطيور كالدينار الكويتى والجنيه المصرى القديم، الذى يؤرخ للحضارة الإسلامية والفرعونية وغيرها من العملات الأجنبية كاليورو والدولار. ويحصل عم "عبدالله" على العملات القديمة عن طريق بعض الأناس الذين يريدون التخلص منها ولا يقدرون قيمتها وأهميتها –على حد تعبيره- حيث يتوقف سعر الشراء على حسب عمر العملة وتاريخها وندرتها وحالتها، فكلما كانت بحالة جيدة ارتفع سعرها. ولا يخجل عم "عبدالله" من عمله كبائع متجول بل يشعر بكل فخر وشرف فالعمل ليس عيبا طالما أنه يكسب رزقه ويطعم أولاده من الحلال – على حد قوله، وأنه يحمل قفصه وملوكه ورؤساءه يوميا من مسكنه فى منطى بالقليوبية، فهم رفقاء الطريق من العاشرة صباحا إلى الرابعة عصرا، ومع حلول الظلام يعودون معا من حيثوا أتوا.