خبراء اقتصاد يناقشون المساواة في الفرصة لتحقيق العدالة الاجتماعية أعلنت اليوم "نتائج أول مؤشر من نوعه في مصر لقياس حالة العدالة الاجتماعية"، إلا أنه يعد مؤشرا مبدئيا يحتاج لمزيد من التطوير حتى يعبر عن واقع العدالة الاجتماعية في مصر. جاء ذلك خلال الندوة التي عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، ندوة بعنوان: "محاولة لقياس العدالة الاجتماعية" اليوم الإثنين. وأظهرت نتائج المؤشر الذي صممه الدكتور ماجد عثمان الرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، أن المؤشر العام لحالة العدالة الاجتماعية في مصر هو 2.28، علما بأن المؤشر يبدأ من 1 إلى 10، وكلما اقترب الرقم من 10 كلما ساءت حالة العدالة الاجتماعية، وذلك للمؤشر العام، وإن كانت الأرقام تزيد بدرجة كبيرة عند النظر لمتغيرات بعينها مثل الثقافة والمشاركة والقدرة على الوصول إلى المعلومات، والثقة في المؤسسات. وأكد عثمان أنه لا يجب اختزال العدالة الاجتماعية في مفهوم العدالة الاقتصادية فقط، مؤكدا على أهمية القياس الدوري لهذه المؤشرات والتي تصطدم كثيرا بعدم توافر البيانات، حتى تستند إليها الجهات المسئولة عند صياغة السياسات العامة. وأشار عثمان، إلى أن العدالة الاجتماعية في تعريفها الشامل لا تقتصر على الإجراءات المسكنة مثل توزيع سلع بأسعار مخفضة على الفقراء، ولكنها تتحقق عندما تتوافر فرص متكافئة للحراك الاجتماعي يتمكن بمقتضاه أي فرد من أفراد المجتمع من الارتقاء إلى مرتبة اقتصادية أو اجتماعية أعلى بناء على معايير الجدارة، ويتلاشى التمييز ضد أي من أفراد المجتمع بسبب النوع الاجتماعي أو الدين أو العرق أو الطبقة أو العمر أو المهنة أو لون البشرة، وتصل العدالة الاجتماعية إلى أقصاها عندما يرتبط الحراك الاجتماعى بدرجة كاملة بالجدارة والاستحقاق. وأكد عثمان أنه في معظم الأحيان يكون الحديث عن العدالة الاجتماعية فضفاض وغير محدد، والبعض يبالغ في التفكير بأن تحقيق العدالة الاجتماعية يحتاج إلى موارد ضخمة لتحقيقها. ولفت إلى أن الدستور المصرى يتضمن 18 مادة تتحدث عن العدالة الاجتماعية، وهو مطلب شعبى للثورتين، وهناك إرادة سياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وهو ما يظهر من حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي المتواصل في خطبه عن العدالة الاجتماعية. وبحسب المؤشر الذي صممه عثمان، فهناك 5 فجوات يعانى منها المجتمع تتمثل في فجوة الثروة، وفجوة النوع الاجتماعي، والفجوة المكانية، والفجوة الجيلية، والفجوة الجسمانية، ويتم قياس العدالة الاجتماعية ومدى اتساع هذه الفجوات من خلال مجموعة مؤشرات رئيسية تنقسم إلى قسمين أولهما رأس مال بشرى، ورأس مال اجتماعي، ويتضمن القسم الأول الوصول إلى التعليم، والصحة، والثقافة، والتشغيل، والمعلومات، في حيث يتضمن القسم الثاني تحقيق العدالة، والمشاركة، والرضا، والثقة، والأمان. وأكد عثمان أن العدالة الاجتماعية ليست فقط موقفا أخلاقيا نتبناه عندما نستطيع ولكن هو ضرورة اجتماعية، مشيرا إلى أن الحديث عن ضعف موارد الدولة لا يجب أن يعطل تحقيق العدالة الاجتماعية لأن الأمر في النهاية يعتمد على تحديد الأولويات. وأنفقت الحكومة مبلغ 500 مليون جنيه العام الماضى دعما إضافيا للسلع التموينية خلال شهر رمضان، وهو ما يمكن أن يوجه كمصروفات دراسية لثلث مليون طفل فقير في الحضانة، بحسب عثمان. وضرب مثلا آخر باستيراد ياميش رمضان بالعملة الصعبة بما يعادل نحو 500 مليون جنيها سنويا، وهو ما يمكن أن يعادل بناء 2500 فصل سنويا تستوعب 100 ألف تلميذ لا يحصل على حقه في التعليم. وقام المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بعمل إضافات على المؤشر الأصلى، تتعلق بإضافة 3 أبعاد قياس جديدة في جانب رأس المال الاجتماعى والثقافى هي: الدين (إجمالي الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى)، والبحوث والتطوير، والبيئة، بالإضافة إلى إضافة متغير جديد لبعد للصحة يتمثل في القدرة الفعلية لمحطات الصرف الصحي للفرد، حيث يغيب الصرف الصحي بوضوح عن 80% من قرى مصر، حيث تؤثر هذه المتغيرات بصورة مباشرة على حالة العدالة الاجتماعية، كما قام المركز بإضافة أوزان مختلفة للمتغيرات وإعادة حساب نتائج المؤشر. وأعربت الدراسة عن القلق من تأثير تزايد حجم الدين على العدالة الاجتماعية، خاصة أن خدمة هذا الدين تحمل الموازنة الجديدة للسنة المالية المقبلة 2018/ 2019 مبلغ 541 مليار جنيه، وهو ما يعادل ضعفي موازنة الأجور، و5 أضعاف موازنة التعليم، و9 أضعاف موازنة الصحة لنفس السنة. وبإعادة حساب النتائج بعد إضافة الأوزان والمتغيرات، انتهت إلى أن هناك زيادة في درجة عدم المساواة. وطرحت الدراسة مجموعة من التساؤلات للنقاش حول أهم المتغيرات الإضافية التي يمكن إضافتها للمؤشر؟ وما هي الأوزان المناسبة لإظهار الحالة الحقيقية للعدالة الاجتماعية؟ وهل يمكن إضافة متغيرات قياس الدخل بدلا من إدخالها في المؤشر كفجوة؟ (وذلك لتوفر البيانات وبالتالي زيادة إمكانية قياس المؤشر بصفة دورية).