سجلت صفحات التاريخ أسماء عدد من رموز العمل الإسلامي، بحروف من نور، وخلدت ذكرهم عبر المواقف التي رفعتهم في عنان السماء، خاصةً بعد منعهم من اعتلاء المنابر، لقولهم كلمة حق عند سلطان جائر. وعلى النقيض، جاءت توصية وزارة الأوقاف، بمنع الشيخ حازم أبوإسماعيل، من الحديث في السياسية، بمسجد أسد بن الفرات بالدقي، لسخريته وتطاوله على وزير الدفاع، الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ووصفه ب" الممثل العاطفي"، لتزيد من حرج "أبوإسماعيل"، وتقلل من أسهمه، خاصة مع تناقض مواقفه طوال الفترة الماضية. فمنذ زمن ليس ببعيد قال الإمام الأكبر عبدالمجيد سليم رحمه الله - شيخ الأزهر فى عهد الملك فاروق - حينما رأي الشعب لا يجد قوت يومه، فى وقت تتصدر فيه الصحف صور شهر العسل للزيجة الثانية للملك فى أوروبا، فأطلق الشيخ الجديد تصريحه الناري، قائلًا: " تقصير وتقتير هنا، وتبذير وإسراف هناك"، ليكون مصيره هو العزل من منصبه. لكن شعبية "سليم" وجماهيريته الكبيرة، أجبرت الملك بعدها على إعادته للمشيخة، ليستقيل هو بعدها من المنصب فى سبتمبر 1952. والشيخ عبد المجيد سليم، من مواليد محافظة البحيرة عام 1882حفظ القرآن وجوّده، ثم التحق بالأزهر، وتتلمذ على يد أعلام الأساتذة والمشايخ، فحضر دروس الشيخ الإمام محمد عبده، والشيخ حسن الطويل، والشيخ أحمد أبو خطوة وغيرهم من كبار الأئمة والمحدثين، ونال شهادة العالمية من الدرجة الأولى سنة 1908. وشغل وظائف التدريس، والقضاء، والإفتاء ومكث فيها قرابة 20 عامًا، وله من الفتاوى ما يقرب من 15 ألف فتوى. أما الرجل الأشهر، والذي تم منعه أيضًا من اعتلاء المنبر، لقوله الحق، واعتراضه على سياسات الحاكم، الشيخ عبدالحميد كشك، الذي تعلق بالمنبر منذ نعومه أظفاره حينما كان عمره 12 عاما، إلا أن مهاجمته للرؤساء السابقين أدخلته سجون المعتقلات وأبعدته عن مسجده. ففي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، اعتقل "كشك" عام 1965 ومكث بالسجن لمدة عامين ونصف، تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبو زعبل والقلعة والسجن الحربي، وتعرض لمختلف أنواع التعذيب، إلا أنه احتفظ بوظيفته إمامًا لمسجد عين الحياة. أما فى فترة الرئيس أنور السادات وبعد معاهدة "كامب ديفيد" بدأ "كشك" الاصطدام بالسلطة واتهم الحكومة بخيانة الإسلام، وأخذ يستعرض صور الفساد في مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة، حتى ألقى القبض عليه في اعتقالات سبتمبر1981، ليأتي الرئيس حسني مبارك ويفرج عنه عام 1982، ويمنعه من الخطابة أو إلقاء الدروس، حتى وفاته، ليحفظ التاريخ له ما قاله بأن " الظلم تسعة أعشاره عندنا في السجن، وعشر يجوب العالم كله، فإذا أتى الليل بات عندنا". ويأتي الشيخ أحمد المحلاوي، ضمن سلسلة المعتقلين في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، حتى أنه تحدث عنه فى خطابه فى سبتمبر 1981 ، وقال " بيتعرضلي أنا شخصيا وعائلتي وبعدين في صلاة الجمعة منح تسهيلات أمريكية لمصر، شيخ أزهري واخد العالمية والمفروض إنه يعرف الدين الإسلامي وبعدين يدعي أنه داعية إسلامي". وبتاريخ 23 يناير 1981 تحدث بعد الصلاة بأنه لا توجد سيادة قانون في مصر لأن القانون لا يحترم، ووجه التحية للخميني وشعب إيران لما وصفه بإذلال أمريكا خلال أزمة الرهائن، وانتقد مجلس الشعب لأنه لا يعبر عن إرادة الشعب. وخرج "المحلاوي" من المعتقل، وصدر قرار من وزارة الأوقاف بمنعه من الخطابة عام 1996، ليظل ساريًا حتى ثورة يناير 2011. وفى 4 فبراير 2011، ألقى "المحلاوي" خطبة في جامع القائد إبراهيم لأول مرة منذ 15 عاماً، وكان ذلك في جمعة الرحيل، وظل يحفز المتظاهرين بخطبه الحماسية حتى رحيل مبارك عن الحكم يوم الجمعة 11 فبراير 2011.