أكثر من مائة كتاب وأكثر من 2000 خطبة مسجلة- هى الحصيلة التوثيقية للشيخ عبدالحميد كشك الذى أطلق عليه محبوه لقب «فارس المنابر»، والشيخ كشك من مواليد شبراخيت بمحافظة البحيرة فى العاشر من مارس لعام 1933، وحفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره، ثم التحق بالمعهد الدينى بالإسكندرية، وفى السنة الثالثة بالمرحلة الثانوية حصل على مجموع 100%. وكان ترتيبه الأول على الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وكان الأول على الكلية طوال سنوات الدراسة، عُين كشك معيداً بكلية أصول الدين عام 1957 ولكنه بعد محاضرة واحدة رغب عن مهنة التدريس فى الجامعة، وظلت الخطبة على المنابر هى ما يريد منذ تعلق بها قلبه منذ اعتلى المنبر لأول مرة وهو ابن الثانية عشرة، حيث لم ينس الخطبة التى ألقاها فى مسجد بقريته وهو فى هذه السن الصغيرة عندما تغيب خطيب المسجد، وطالب فى خطبته بالمساواة والتراحم بين الناس، بل طالب بالدواء والكساء لأبناء القرية، الأمر الذى أثار انتباه الناس إليه، ومن ثم التفوا حوله. وكان كشك بعد تخرجه فى كلية أصول الدين، قد حصل على إجازة التدريس بامتياز، ومثّل الأزهر الشريف فى عيد العلم عام 1961، ثم عمل إماماً وخطيباً بمسجد «الطحان» بمنطقة الشرابية بالقاهرة. ثم انتقل إلى مسجد منوفى بالشرابية أيضاً، وفى عام 1962 تولى الإمامة والخطابة بمسجد «عين الحياة»، بشارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة. وظل يخطب فيه قرابة عشرين عاماً. اُعتقل الشيخ كشك عام 1965 وظل بالمعتقل لمدة عامين ونصف العام، تنقل خلالها بين معتقلات طرة وأبوزعبل والقلعة، ورغم ذلك احتفظ بوظيفته إمامًا لمسجد «عين الحياة». ومنذ عام 1976 بدأ الصدام مع السلطة، خاصة بعد معاهدة كامب ديفيد، حيث اتهم الحكومة بالخيانة للإسلام، وأخذ يستعرض صور الفساد فى مصر من الناحية الاجتماعية والفنية والحياة العامة. وقد أُلقى القبض عليه فى عام 1981 مع عدد من المعارضين السياسيين ضمن اعتقالات سبتمبر الشهيرة للرئيس السادات، وقد أُفرج عنه عام 1982 ولم يعد إلى مسجده الذى مُنع منه، كما مُنع من الخطابة أو إلقاء الدروس، وفى مثل هذا اليوم فى عام 1996 توضأ كشك فى بيته لصلاة الجمعة وكان يتنفّل بركعات قبل الذهاب إلى المسجد، فدخل فى الصلاة وفى السجدة الثانية لقى ربه.