انتخابات رئاسية، ومن قبلها برلمانية؛ فعاليات سياسية وانتخابية في مصر، تنتهي كما تبدأ، ولسان القوى السياسية على حاله، لا حل أسرع من تعليق الأزمات على عاتق النظام الحاكم؛ 7 سنوات مرت على ثورة يناير، لم يستطع كيان حزبي واحد، مدّ مصر بكوادر سياسية قوية؛ تقام الأحزاب وسرعان ما يتم تفجيرها أو تفكيكها من الداخل، بسبب الصراعات، وغياب التوجه، وضعف العقيدة السياسية. والأخيرة وحدها قادرة على مواجهة أي تدخل، حال التفاف أعضاء الحزب حولها، وهو ما التفت إليه حزب "المصريين الأحرار"، الذي دفع ثمن غيابها غاليًا؛ لذا لم يجد حرجًا، في توقيت دقيق من عمر السياسة المصرية، أن يتجه للبناء، وتجهيز أعضاء جدد يحملون رايته، وبدأ أولى خطواته بإنشاء مدرسة «الكادر السياسي» وبشكل فريد من نوعه، على أن تكون مهمتها تفريخ الكوادر للحزب والحياة السياسية المصرية بشكل عام خلال المرحلة المقبلة. المثير، أن توقعات الحزب صدقت رغم حساسية التوقيت، وشهدت المحاضرات إقبالًا كبيرًا، من الراغبين في اقتحام العمل السياسي؛ الطريقة التي عرض بها الحزب منهج مدرسة الكادر، وما ستضيفه سياسيًّا للراغب حال الانضمام إليها، كان لها مفعول السحر، في إقناع المتابعين ل"المصريين الأحرار"، برغبته في البناء، بعيدًا عن الظرف السياسي الحالي في مصر. كان لافتًا أن "المصريين الأحرار"، في المواد التي اعتمدها بالمدرسة، تناقش تاريخ نشأة الأحزاب السياسية، في كل بلد من بلدان العالم الحديث، مرورًا بالدول العربية، وكيف أصبحت الأحزاب تمارس أدوارًا مهمة في العمل العام، وتوطيد دعائم النماذج الديمقراطية الحديثة، حتى يرسم للراغب في تعلم السياسة صورة كاملة عن الديمقراطية الحقيقية، ولماذا يجب أن نمارسها بمفاهيمها الحقيقية. وخصص الحزب جزءًا كبيرًا لشرح الحالة المصرية، والمرحلة التكوينية التي سبقت ثورة 1919، مرورًا بالتعددية الحزبية التي تلتها، واستمرت حتى عام 1952، بجانب مرحلة التنظيم السياسي الواحد من عام 1953، حتى عام 1976 مرورًا بمرحلة التعددية الحزبية المقيدة التي بدأت مع صدور قانون الأحزاب السياسية عام 1977، واستمرت حتى قيام ثورة 25 يناير عام 2011. يقول أحمد سامر، الأمين العام لحزب "المصريين الأحرار": إن هناك ضرورة قصوى للدخول في سباق مع الزمن، لتبصير الراغبين في تعلم السياسة بمصر، بما هو الحزب السياسي قبل أن ينضم إليه، وكيف يصل إلى رأس السلطة الحاكمة في الأنظمة الديمقراطية، ولماذا يربط الحزب السياسي بين مجموعة مواطنين وبين رؤية سياسيّة واحدة هي رؤية الحزب. ويضيف: إذا ما تعلم السياسيون ذلك، سيكون لديهم تصور واضح، عن كيفية لعب أدوار حاسمة في تدعيم الممارسة الديمقراطية في مصر مستقبلًا، باعتبارها همزة الوصل بين الحكام والمحكومين، بما يسمح بتنشيط الحياة الحزبية، وتعميق المشاركة السياسية للمواطنين في المراحل اللاحقة، وهو ما يجب أن تنتبه له الأحزاب، كما فعل "المصريين الأحرار"، بحسب «سامر». ويوضح الأمين العام أن مدرسة الكادر التي أنشأها الحزب، تتبنى في برنامجها معالجة كل التشوهات التي أصابت الحياة السياسية، من خلال تدريب الساسة الجدد، على كيفيات تكوين الحزب ومبادئه وأهدافه وبرامجه وسياساته، ولماذا يجب قيام الأحزاب على أساس غير ديني أو طبقي أو طائفي أو فئوي، كما هو الحال حاليا في بعض الأحزاب، التي تخالف الدستور في ممارساتها، وهو سر تضمين مدرسة الكادر، مجموعة القيود القانونية والإجرائية، التي يجب أن تخضع لها عملية تأسيس الأحزاب السياسية، والإطار الدستوري والقانوني الذي يجب أن ينظم الحياة السياسية في مصر. ويرى سامر أن تجربة مدرسة الكادر السياسي، ضمن محاور خطة الحزب لتصويب المسار السياسي للقيادة السابقة ل"المصريين الأحرار"، الذي كان مخزيًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولهذا يجب أن يكون للحزب كوادر، تكون قادرة على حمل أمانة مبادئه، وفق الصبغة الليبرالية ل"المصريين الأحرار". وعن القادم في الأربع سنوات القادمة، يؤصل الأمين العام للحزب لنظرية مهمة، مفادها أن الأحزاب التي أُسِّست بعد ثورة 25 يناير، وقعت في أخطاء كبيرة، على رأسها العمل وفق أهداف أكبر من إمكاناتها المتاحة وقتها، لذا لم تعمل على بناء مرحلي، وهو ما استفاد منه حزب "المصريين الأحرار" الذي يعمل حاليًا، وفق الأوضاع الراهنة، ومجموعة أهداف مرحلية تم صياغتها بعناية. ويضيف: لا يجوز لحزب سياسي لا يمتلك كوادر أن ينافس على الأغلبية البرلمانية، عبر شراء أعضاء من خارجه، و"المصريين الأحرار" لن يفعل ذلك مجددًا، سنصنع كوادرنا وليس مهما العدد، ف10 أعضاء يمكن الدفع بهم للبرلمان ويؤمنون بمبادئ الحزب، أفضل من 100 لا يمتلكون هذه الميزة. ويرى سامر أن الحزب ليس مطلوبًا منه المنافسة على الانتخابات الرئاسية القادمة، ولكن مطلوب من "المصريين الأحرار" أن يمتلك يومًا مرشحًا جاهزًا لرئاسة الجمهورية، وكذلك الأغلبية البرلمانية، لافتًا إلى أن الحزب سيكون أمامه خلال العشر سنوات القادمة تحقيق ذلك، موضحًا أنه قبل عام 2026 سيكون صعبًا في "المصريين الأحرار"، الحديث عن ذلك، ولكنه أيضا ليس مستحيلًا. ويؤكد الأمين العام ل"المصريين الأحرار" أن المواصفات التي يجب توافرها في رئيس الجمهورية بالانتخابات المقبلة في 2022 ليست سهلة، كما يظن من يتحدثون عن مسئولية الأحزاب السياسية من الآن عن تجهيز أعضائها للترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة. برأي «سامر» يجب أن يكون المرشح من حزب، تولى منصبًا وزاريًّا، أو رأس لجنة في البرلمان بعد انتخابه عضوًا فيه، بما يمكنه من امتلاك العديد من العلاقات في السياسة الدولية، فضلا عن ممارسته لها، من خلال موقعه، سواء كان في منصب وزاري أو برلماني. ويضيف: موقع رئيس الجمهورية صعبٌ للغاية، وخصوصًا في ظل قناعة الناس أن الأحزاب لا تقوم بدورها، في تقديم مرشحين للرئاسة، ولكن هذا أفضل بكثير من إعادة إنتاج رئيس، على شاكلة المعزول محمد مرسي، لا يمتلك الحد الأدنى من الكفاءة، ولا الانضباط السياسي، بما تسبب في تداعيات على الوطن، ما زالت معروفة للجميع.