تعد حادثة المروحة حدثا تاريخيا مهما في تاريخ الجزائر، فقد كانت الجزائر أيام الخلافة الإسلامية العثمانية تسيطر على حوض البحر الأبيض المتوسط سيطرة كاملة، بعد أن كانت جزر المتوسط خاضعة لسيطرة القراصنة الأوروبيين وكانت السفن الإسلامية لا تسلم من شرهم وكذلك الشمال الأفريقي، وقد تمكن الجزائر من بناء أسطول بحري قوي يحسب له ألف حساب. وكان لزاما على حكام الجزائر في ذلك الوقت (الدايات)، أن يفرضوا ضرائب وإتاوات على السفن الأوروبية الأخرى من أجل حمايتهم من قراصنة قبرص وكريت، وهذا ما ولد عداء وكرها شديدا من قبل الأوروبيين للجزائر وحكامها بشكل خاص، وقد ظهر ذلك جليا على الفرنسيين وملكهم شارل العاشر، إذ كانت فرنسا ملزمة بدفع ديون للخزينة الجزائرية قيمتها 20 مليون فرنك ذهبي قديم، وهو ليس بالمبلغ الهين، وجاءت هذه القروض نتيجة لقروض مالية ومواد غذائية ومساعدات خاصة أيام المجاعة التي اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789م . ولى الداي حسين حكم الجزائر سنة 1818م وكان رجلاً مشهورًا بالغيرة على الدين، واليقظة الدائمة. وحصلت الحادثة يوم عيد الفطر 1828م، فقد جرت العادة أن يقوم القنصل بزيارة الداي في قصره لتهنئته بالعيد، وكان القنصل الفرنسي حاضرًا، ودار حديث بينه وبين الباشا حول الديون، فأساء القنصل الفرنسي الرد، فأمره الباشا بالخروج من حضرته، لكنه لم يتحرك فقام الباشا بضربه بالمروحة التي كانت في يده، والمروحة هي نسميها المهفة التي يستخدمها القدماء حينما يكون الجو حارا يستخدمون مروحة يدوية مصنوعة من سعف النخيل فكتب القنصل إلى بلاده بما حدث، وادعى أنه ضُرب ثلاث مرات. اتخذت فرنسا من هذه الحادثة ذريعة لاستغلالها لمصلحتها، وبخاصة بعد أن كتب القنصل تقريره إلى حكومته في الليلة نفسها، وطلب منها اتخاذ الوسائل اللازمة للمحافظة على كرامتها في شمال أفريقيا، وقرأ وزير الخارجية الفرنسية ذلك التقرير في مجلس الوزراء، وطلب إجبار الجزائر على الاعتذار عن الإهانة التي لحقت بالملك في شخص ممثله، ولو أدى ذلك إلى استخدام القوة. أرسلت فرنسا قطعة من أسطولها إلى الجزائر، وجاء قبطانها إلى الداي وطلب منه أن يأتي معه إلى السفينة ويقدم اعتذارا شخصيًا للقنصل الفرنسي، ولما كان هذا الطلب متعذرًا، وأن الداي لن يوافق عليه، فإن القبطان تقدم إلى الداي باقتراحين آخرين: إما أن يعتذر للقنصل بمحضر الديوان وفي وجود القناصل الأجانب جميعًا، وإما أن يرسل الداي بعثة برئاسة وزير بحريته إلى قطعة الأسطول الفرنسي، ليعتذر باسم الداي إلى القنصل، وفي حالة عدم استجابة الداي لأحد الاقتراحات الثلاثة يُعلن الحصار رسميًا على الجزائر.