لم تكن هناك طائرة ذات محركات قبل عام 1930، ولم تكن هناك خطوط طيران عالمية قبل عام 1920.. وظهرت الطائرات النفاثة في عام 1939 وتم استغلال الطائرات تجاريًا على خطوط جوية ثابتة لنقل الركاب بعد أن أثبتت الطائرات وجودها كوسيلة من وسائل النقل بين الدول. ومنذ ذلك الوقت بدأت أول محاولة للقرصنة الجوية وبرزت خطورتها، وكان لا بد من وضع حد لحماية ركاب الطائرات، وبدأت القيود على حركة الركاب من إجراءات تفتيش للأمتعة والبضائع والركاب قبل صعودهم للطائرة. كان وراء انتشار هذه الظاهرة انقسام العالم إلى معسكرين في أعقاب الحرب العالمية عام 1945، وهروب بعض المواطنين من المعسكر الشرقى إلى المعسكر الغربى هربًا من الأنظمة الاجتماعية التي سادت دول أوروبا الشرقية في عام 1948، حيث كانت عملية الاختطاف تقتصر على طلب المختطف تحويل مسارها إلى إحدى دول أوروبا الغربية دون خسائر للطائرة أو الركاب. ولم تكن لعمليات الاختطاف أي رد فعل دولي، حيث كانت الدول الشرقية لا تعلن عنها كما أن بقية دول العالم كانت مشغولة بتضميد جراح الحرب العالمية وإعادة تعمير مدنها، ومع استقرار الأوضاع في المعسكر الشرقى انخفضت حوادث خطف الطائرات. ولم تكن حادثة تعرض الطائرات العسكرية الأمريكية لطائرة الركاب المصرية عام 1985 هي أول حادثة من نوعها بل سبقتها حادثة من نفس النوع في الخمسينيات، حيث تعرضت الطائرات العسكرية الفرنسية لطائرة الركاب التي كانت تقل المناضل الجزائرى أحمد بن بيلا، حيث أعطت الحكومة الفرنسية الأوامر إلى طائراتها العسكرية بإجبار طائرته على الهبوط بالجزائر. لم يتوقف التشجيع الدولى على خطف الطائرات عند هذا الحد، بل إن الإدارة الأمريكية رغبة منها في إحراج حكومة كاسترو في كوبا لجأت إلى تنفيذ مخطط لاختطاف الطائرات الكوبية لشل حركة النقل في كوبا وبث الفوضى في البلاد لتحريض الشعب على التذمر ضد كاسترو، حيث كان يتم اختطاف الطائرات الكوبية وترفض حكومة واشنطن إعادتها بل تشجع القراصنة على تدميرها، حتى بلغت 30 طائرة تم اختطافها في الفترة من عام 1960 إلى 1964، ولم تتوقف الحكومة الأمريكية عن أسلوب اختطاف الطائرات إلا بعد أن لجأت حكومة كاسترو لاتباع نفس الأسلوب باختطاف عشرات الطائرات الأمريكية، وعرضها للبيع في المزاد بأبخس الأثمان وبذلك بدأت تظهر الدوافع السياسية وراء عمليات اختطاف الطائرات، وظهرت عمليات خطف الطائرات في الصراع العربى الإسرائيلى لحث المجتمع الدولى على حل القضية حلًا عادلًا. حوادث الطائرات لا يقوم بها الرجال وحدهم ولكن للنساء أيضًا نصيبا، حيث قامت سيدة باختطاف طائرة إيطالية كانت تقوم برحلة داخلية في عام 1972 ما بين روما وميلانو، وأمرت قائدها بالتوجه إلى ميونخ بعد تهديده بمسدس وقنبلة.. وبعد هبوط الطائرة أفرجت عن الركاب وطاقمها واستسلمت وتبين أنها مختلة عقليًا. ومع مخاوف عمليات اختطاف الطائرات التي تزايدت في الستينيات عجزت شركات الطيران عن ضمان سلامة الأميرة البريطانية مارجريت وزوجها اللذين كانا مدعوين لزيارة كمبوديا مما اضطرهما إلى استخدام إحدى طائرات سلاح الجو الملكى البريطاني. وعانت مصر من اختطاف الطائرات وعمليات القرصنة، ففى يوم 18 فبراير 1978 أغارت قوات مصرية على مطار لارناكا القبرصى في محاولة لتحرير رهائن عملية خطف لطائرة مصرية، وفى 23 نوفمبر 1985 أقلعت الطائرة المصرية في رحلتها 648 من مطار أثينا إلى مطار القاهرة وبعد 10 دقائق من الإقلاع قام ثلاثة أشخاص تابعون لمنظمة أبو نضال باختطاف الطائرة وكانوا مسلحين، وأيضًا تمت عملية خطف لطائرة مصرية من مطار برج العرب مقرر إقلاعها إلى مطار القاهرة وهبوطها في مطار لارناكا القبرصي، وتم تحرير الرهائن وطاقم الطائرة وبدون خسائر وقيام المختطف بتسليم نفسه للسلطات القبرصية. أمريكا هي الأخرى عانت على مر تاريخها من القرصنة الجوية، وكان آخرها ما حدث في 11 سبتمبر عام 2001 وتم استخدام الطائرات المدنية في تنفيذ عمليات انتحارية ومصرع المئات في تفجير برجى التجارة العالمى والوصول إلى مقر البنتاجون وتعد هذه العملية هي الأولى من نوعها في تاريخ الطيران المدني. ويبقى السؤال هل يمكن للدول وفى مقدمتها الدول العظمى والكبرى أن تمنع القرصنة الجوية؟ المنظمات العالمية وفى مقدمتها المنظمة الدولية للطيران المدنى (الإيكاو) والمنظمة الدولية للنقل الجوى (الأياتا) تولى اهتمامًا بتأمين رحلات الطيران، وتحث الدول على تطبيق كافة المعايير الدولية لأمن الطيران وتعقد المؤتمرات الدولية لمناقشة عمليات التأمين في المطارات الدولية لتفادى القرصنة الجوية. وتعد مصر في مقدمة الدول التي تولى اهتمامًا بأمن المطارات، حيث يعقد شريف فتحى وزير الطيران المدنى اجتماعًا أمنيًا موسعًا شهريًا لمراجعة خطط تأمين مطار القاهرة الدولى والمطارات المصرية والوقوف على نتائج الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أجهزة وشركات الوزارة في الفترة السابقة بالتنسيق مع الجهات المختلفة التي ترتكز على الاستعداد الدائم لمواجهة أحداث طارئة تؤثر على انتظام الحركة الجوية في المطارات المصرية.. ورغم كل هذا ما زال الصراع قائمًا ما بين الدول وقراصنة الطيران ما دام يوجد أهل الشر.