بدء فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    مجمع الفنون والثقافة يحتضن فعاليات مسرح المنوعات بجامعة العاصمة    الهيئة العامة للأرصاد الجوية تختتم ورشة عمل تدريبية إقليمية بالقاهرة    المالية: زيادة الاستثمارات الخاصة بنسبة 73٪؜ تؤكد ثقة المستثمرين والقطاع الخاص    ضياء رشوان: لا يوجد أي نوع من الترتيبات أو الاتصالات بشأن عقد لقاء بين الرئيس السيسي ونتنياهو    ترامب: نتنياهو يريد أن يلتقي بي لكننا لم نحدد الموعد    الدفاع المدني بغزة يحمّل المنظمات الدولية والاحتلال مسؤولية ضحايا مخلفات الذخائر    المغرب يتوج بكأس العرب 2025 للمرة الثانية في تاريخه    موعد كأس العرب 2029 في قطر: تفاصيل البطولة القادمة    إصابة 5 أشخاص باختناق نتيجة تسرب غاز في بشتيل بالجيزة    يارا السكري تكشف حقيقة ارتباطها ب أحمد العوضي | فيديو    الداخلية تضبط شخص يوجه الناخبين في قطور    بيلاروسيا تعلن نشر صاروخ أوريشنيك الروسى الفرط صوتى على أراضيها    هيئة الاستعلامات: صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل تجارية بحتة وفق اعتبارات اقتصادية    نقيب المهندسين ومحافظ الأقصر يشهدان توقيع بروتوكول مشترك    محاربة الشائعات    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نازك أبو زيد: الفاشر وكادوقلي والدلنج على شفا المجاعة بسبب الحصار    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر غدا الجمعة    أراضى المانع القطرية بالسخنة «حق انتفاع»    المخرج أحمد رشوان يناشد وزارة الثقافة المغربية التحقيق في أزمة تنظيمية بمهرجان وجدة السينمائي    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    ضبط عامل بالدقهلية لتوزيعه أموالًا على الناخبين    عبد اللطيف صبح: 55% من مرشحى الإعادة مستقلون والناخبون أسقطوا المال السياسى    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    نبيل دونجا يخوض المرحلة الأخيرة من برنامجه التأهيلي في الزمالك    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    في خطابه للأميركيين.. ترامب يشنّ هجوما قويا على بايدن    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطفال «داون».. التعليم ينتهى في العاشرة!!

التعامل معهم يتطلب مهارات «خارقة».. ويكتفون ب3 مواد فقط
أصوات السيارات ومعارك المارة تتداخل فيما بينها.. الزحام شديد، والجميع يستعدون للوصول إلى أعمالهم.. ننعطف يسارًا في اتجاه شارع "محيى الدين أبو العز"، بمنطقة المهندسين بالجيزة لتستمر ملاسنات الباعة مع الزبائن، ومعركة بائعة الخبز مع موظف يتأبط إحدى الصحف اليومية، وفى اليد الأخرى يحمل "قرطاس" الطعمية، و"كيس الفول"، استعدادًا ليوم عمل جديد.
يستمر الوضع هكذا، شارع يعج بالضجيج والحياة فيه.. لا يهدأ له ساكن، لتجد على اليسار في الناصية الثالثة، هدوءا يخيم على مبنى مكون من ثلاثة طوابق، يتاخم عمارات شاهقة ومحال تجارية، ما يميزه عن غيره من أبنية شارع "محيى الدين أبو العز" كونه مكسوا بألوان علم مصر الثلاثة، وبوابته الحديدية تتخذ نفس الشكل.
ساحة متوسطة المساحة خافت ضوؤها، على اليمين تجلس فتاتان يبدو أنهما تودعان العقد الأول حديثًا، تتجاذبان أطراف الحديث، وتلعبان "الاستغماية" في عفوية شديدة، ملامحهما تدل على إصابتهما بمتلازمة "داون"، تصدران أصواتا لا يفهمها سواهما، والسيدتان اللتان اتخذتا من سلم المدرسة، الذي يتوسط ساحتها، مجلسًا للتحدث عن مشكلاتهما الحياتية التي لا تتوقف، فتلك تركها زوجها ومعها فتاتان، وأخرى تتمنى أن "يطفش" زوجها لترتاح من ملاسناته وطول يديه.
هكذا تبدو الحياة في إحدى المدارس "الفكرية" في مصر، فتيات وأولاد شاءت الظروف أن يولدوا بإعاقة ما، تجعهلم يبذلون كثيرًا من الجهد، من أجل خوض غمار هذه الحياة التي عادة ما تعج بالتفاصيل المتشابكة، فكيف لهؤلاء أن يتأقلموا معها!، سؤال طرحته "أم إسراء"، عاملة نظافة بإحدى المدارس الفكرية لتربية وتهذيب ذوى القدرات الخاصة، ووالدة ل"شهد" 14 عامًا، التي ولدت بمتلازمة "داون" فأصبحت طالبة بذات المدرسة.. "أنا الأول كنت خايفة أجيبها هنا المدرسة؛ لأن معظم الناس بتنفر منها رغم أنها طبيعية وذكية واجتماعية كمان".
تشير أم إسراء إلى فتاة متوسطة الطول، علامات الأنوثة بدأت في الزحف إلى جسدها تدريجيًا، "بطمن عليها هنا عن أي مكان تانى أو مدرسة تانية".
وتؤكد أم إسراء أنها جاءت منذ 12 عامًا للعمل في هذه المدرسة حتى تكون بجانب ابنتها، فضلًا عن سعادتها التي لا تجدها إلا بين أرجاء هذا المبنى بسيط الهيئة.. "إحنا كل الأبواب المقفلة بتتفتح لنا أول ما رجلينا تخطى المكان ده"، لأجل ذلك تحرص أم إسراء وزميلاتها ممن عملن في المدرسة على خدمة الأطفال، والاعتناء بهم إلى جانب الاعتناء ببناتهن.
صدفة قدرية قد تبدو غريبة على البعض، في هذه المدرسة تختلط عاطفة الأمومة بمسئولية المرأة كعاملة، فكأن الله شاء أن يجعل كل عاملة مسئولة عن تلبية طلبات الأطفال من مأكل وملبس ونظافة، علاوة على تنظيف المدرسة، حتى تبدو لائقة طوال الوقت، في نفس الوقت هذه العاملة أم لأحد طلاب أو طالبات المدرسة، ولكن الأمر يختلط على زائر المكان للمرة الأولى، فلا تستطيع أن تحدد أيهن أمُّ أسماء، ومن تكون أمُّ شهد، وأين توجد أمُّ حنين، بين تلك النسوة الجالسات بين أعواد الملوخية وأكياس البطاطس، كأنهن قد اقتطعن جزءًا من المدرسة لتحويله إلى ساحة سجالات ونقاشات لا تنقطع، وأيدِ لا تتوقف عن العمل في هذه الطبخة أو تلك.
تقول "أم أسماء"، عاملة بالمدرسة، وهى في الوقت ذاته أم لطالبة بالصف الثالث الابتدائي: "بنتى عندها 13 سنة.. كنت وديتها مدرسة حكومى عادية، وزمايلها كانوا بيستغربوها، ويضربوها كتير، لحد ما قررت أطلعها".. فبالرغم من قدرة تلك الفتاة على التحدث، وإن كانت طريقتها في الكلام ضعيفة ويشوبها بعض الالتباس، فإنها لم تستطع أن تنخرط في حياة "العاديين" منذ ولدت، كأن جبينها قد كُتبت عليه عبارة "غير لائقة"، وبات من الصعب أن تتعايش، لأنها كما أكدت والدتها، "غريبة عليهم بسبب إصابتها بمرض يشبه التوحد، ثم تنظر السيدة إلى قدميّ فتاتها المتقوستين في وضع يجعلها ترتدى حذاءها مقلوبًا، وتقول: "زمايلها كانوا بيتريقوا عليها ويقولوا لها لابسة الجزمة بالمقلوب"، إلى أن سمعت بالمدرسة منذ ثلاث سنوات فقررت أن تلتحق وابنتها بها، لتصبح مع الأيام بيتهم الثانى بل وطنهم الأكثر دفئًا، بعيدًا عن زوج ضاق ذرعًا بابنة "معاقة"، وأم لا يهدأ لها بال، بعد أن قضت سنوات تشكو من سوء معاملة الأطفال لابنتها، مما تسبب في انزوائها الدائم عن باقى زميلاتها، فهى طوال الوقت تتكئ على درجات أحد السلالم متمسكة بذراع صديقة والدتها، كأن هذا الذراع سيحمى جسدها النحيل من خطر قادم لا محالة!
وفقًا لما أكده سعد، أحد مدرسى المدرسة، يوجد في المبنى المكون من ثلاثة طوابق نحو 250 طالبا وطالبة، تنحصر مشكلاتهم في الإصابة بمتلازمة "داون"، أو بدايات مرض التوحد، أو حتى "التأخر الدراسي"؛ نظرًا لوجود قصور في وظائف المخ.
يقول: "أغلب الحالات عندنا داون خاصة من البنات، ودول جسمهم بيكبر لكن بيفضل عقلهم متوقف عند سن طفولى معين، علشان كده أعلى مستوى تعليمى عندنا 3 ابتدائي"، فمهما ازداد عمر الطالب أو الطالبة داخل أروقة المدرسة، نهاية مطافه التعليمى هو الصف الثالث الابتدائى، كذلك محدد لهم مناهج دراسية معينة تتخذ طابع "الخاص"، هذه الكلمة التي لازمتهم منذ ولادتهم، وكأنهم جميعًا أسوياء إلا من متلازمة "خاص"، فيقول سعد: "إحنا هنا المواد بتقتصر على العربى والحساب وبدايات في الإنجليزي، لأن تفكيرهم على قدهم، مهما كبر حجمهم الجسماني، لازم نعاملهم كأنهم أجنة محتاجة رعاية وطول بال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.