نتنياهو يهاجم بيان بريطانيا وفرنسا وكندا: نقبل برؤية ترامب... ومطالبكم جائزة ضخمة لحماس    فوائد البردقوش لصحة الطفل وتقوية المناعة والجهاز الهضمي    وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    وزير الرياضة ومحافظ بورسعيد يجتمعان مع مجلس المصرى بعد استقالة كامل أبو على    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 ب المحافظات الحدودية    أثبت أني حي لكن لم يعاملوني مثل عبد الرحمن أبو زهرة، وقف معاش الكاتب الصحفي محمد العزبي    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    بعد الارتفاع الكبير في عيار 21.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 بالصاغة    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    إصابة طفلين واعتقال ثالث خلال اقتحام الاحتلال بيت لحم بالضفة الغربية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    الدولار يتراجع.. أسعار العملات اليوم الثلاثاء بالبنك المركزي (تفاصيل)    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    يستهدفون علاقات الشعوب العربية.. عمرو موسى يُحذر الشباب من هذا السلوك    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأغاني لا تحرر وطنًا ولا تحمى عرضًا
نشر في فيتو يوم 01 - 08 - 2017

«أخي جاوز الظالمون المدى».. ونبشوا جرحا لا يكاد يندمل في جسد أقصى أسير.. «محتل غاصب» طامع يتصرف كالمجنون.. يتباهي بإنجاز خطوات إجرامية.. ويسارع الزمن لإنهائها في أقل وقت ممكن في محاولة آثمة جديدة من محاولاته التي لا تتوقف لإحكام السيطرة على أولى القبلتين، قام فيها باتخاذ مزيد من إجراءات القمع والقهر التي كان آخرها إغلاق أولى القبلتين بشكل كامل في وجه مرتادي المسجد، وتركيب بوابات إلكترونية، واعتداء بوحشية على المعتصمين والمحتجين، كل هذا واجهه -كالعادة- رد فعل رسمي عربي وإسلامي أقل بكثير من طموحات شعوب عربية مسلمة لا تملك فعل شيء أمام صرخات وأحزان الأقصى سوى تغيير صورهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتضرع والابتهال بأن ينصر الله الحق، أو قصائد يطلقها شعراء ويتغنى بها مغنون.
فمع كل صرخة للأقصى أطلق الشعراء مئات القصائد والأغاني التي كانت بمثابة طلقات رصاص تقطع حجاب الصمت العربي، وتهز وجدان الشعوب وتفجر براكين الحماس وتمجد الشهداء وتشد من عزيمة المناضلين وتفضح بشاعة العدو الصهيوني وتوجه رسائل قوية لقادة الكيان العربي لنصرة مسرى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، لكن دون جدوى فالأقصى الأسير يستغيث ويستجير، وإخواننا يُقتلون ويُجرحون ويجوَّعون ويُحاصرَون، وحكام العرب لا يريدون ترك مقاعد المتفرجين التي ركنوا إليها منذ زمن للوقوف صفا واحدا ضد انتهاكات الصهاينة.
كانت أول أغنية صدح بها الصوت العربي لفلسطين في شهر نوفمبر عام 1947، عندما صدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، يومها غنت«نجاح سلام» الفتاة اللبنانية التي لم تتجاوز السادسة عشرة، والتي كانت في زيارة للقدس أغنية من كلمات الشاعر محمد على فتوح، وألحان حليم الرومى يقول مطلعها: «هبت ملوك العرب.. تفدي الحرم بالروح.. وترد سهم العدا.. وتنقذ يتامى تنوح..يا مجلس الأمن روح أمِّن نفسك روح.. فلسطين مِلْك العرب».
وبعد هزيمة 1948، غنى ولحن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب كلمات الشاعر «على محمود طه»، «أخي جاوز الظالمون المدى.. فحق الجهاد وحق الفدا.. أتتركهم يغصبون العروبة كل يوم؟ مجد الأبوة والسؤددا؟!.. وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لنا أو صدى.. فجرِّدْ حسامَكَ من غمدِهِ.. فليس لهُ بعدُ أن يُغمدَ».
ثم يأتي العندليب «حليم» والمعروف بأغانيه الوطنية المؤثرة فلم يتجاهل قضية «الأقصى»، بل كان من أوائل من دافع عنه عام 1955، بأغنية "ثورتنا المصرية" تأليف مأمون الشناوى وتلحين رءوف ذهني، منشدًا: «ضد الصهيونية.. بالمرصاد واقفين.. وحترجع عربية.. حبيبتنا فلسطين.. وحتفضل للدنيا.. نور يهدى البشرية».
وبصوت امتزج بالحزن والتحدي شدت جارة القمر «فيروز» بأروع أغنياتها «زهرة المدائن» عقب هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967، والتي ألفها ولحنها «الإخوان رحباني»، لتؤكد حبها وصلاتها لله من أجل أن يحفظ «زهرة المدائن»، ثم تكرر في الختام بكل قوة وحزم أن «الغضب الساطع آتٍ.. بجياد الرهبة آتٍ».
"مريت بالشوارع.. شوارع القدس العتيقة.. قدام الدكاكين اللى بقيت من فلسطين.. حكينا سوا الخبرية عطيونى مزهرية.. قالوا لى هيدى هدية من الناس الناطرين"، هكذا تغنت فيروز في حب فلسطين، ومع كل لحظة ألم ونزيف في جسد فلسطين ومع كل صرخة من حرم المسجد الأقصى، ومع كل لحظة انكسار يهب صوت من كبار الأصوات الغنائية للدفاع بحنجرته عن القدس وشوارعها والأقصى الشريف، وأمام كل لحظة انهيار لأب وئدت ثمرته في الدنيا وقتل فلذات أكباده أمام عينيه برصاص العدوان الإسرائيلى، كوالد الشهيد محمد الدرة، يهب المبدعون ويتنافسون جميعًا في الغناء والعزف والتلحين على ذلك الوجع الذي لن يشفيه الموت نفسه، وربما حتى بعد الدفن، يظل حيًا لايموت؛ فوجع وجرح الأب المفجوع في ولده، والأم المكلومة في ابنها وألم اغتصاب الكرامة والإنسانية والحرية والحياة نفسها لا يمكن أن يهدأ بمجرد وضع بضعة قطرات من البيتادين للتطهير أو ارتشاف دواء أو تناول قرص مسكن على شكل أغنية للمواساة أو عزف على ربابة، فالألم يُطالب بالشعور به طوال الوقت.
وتقع انتفاضة القدس الأولى عام 1990، ليأتي الشاعر الليبي على الكيلاني ليتساءل بإيقاع غاضب: «الغضب العربي وين؟!.. الدم العربي وين؟!.. الشرف العربي وين؟!» في أغنية وطنية، اجتمع في غنائها ثلاث مطربات مثلن مزيجا عربيا خالصا هن اللبنانية جوليا بطرس والتونسية سوسن الحمامي والسورية أمل عرفة، وتحكي معاناة الفلسطينيين تحت سطوة الاحتلال بعنوان «وين الملايين»، فكانت كلماتها ونغمها وروحها وغضبها بمثابة صرخات مدوية في ضمائر المستمعين شعوبا وحكاما، أطفالا وشبابا وكبارا.
«القدس لازم هناخدها.. وده حق مش محتاج لسكوت».. هكذا تغنى النجم عمرو دياب في عام 2001 في أنشودة «القدس دي أرضنا» لبث الأمل في النفوس عقب الانتفاضة الفلسطينية التي تفاعل معها الشارع العربي، وخرجت التظاهرات في كل أنحاء مصر والدول العربية تندد بالعدوان الإسرائيلى وتؤيد انتفاضة الأقصى، والتي لاقى فيها آلاف الفلسطينيين مصرعهم، وأصيب من بينهم الطفل الشهيد «محمد الدرة» الذي اغتالته يد الغدر في مشهد أبكى العالم بأسره، وظل خالدا في ذاكرة كل عربي، ليردد: «حالف لآخد تاره وارجعلك بابن جديد».
واغتيال «درة فلسطين» كان بمثابة جرح غائر أطلق أيدي الشعراء لرثاء ابن ال12 عاما الذي مزقت آلة الدمار الصهيوني جسده؛ فكتب الدكتور مدحت العدل: «كان شايل ألوانه.. كان رايح مدرسته.. وبيحلم بحصانه.. وبلعبه وطيارته.. واما انطلق الغدر وموت حتى براءته.. سال الدم الطاهر على كراسته» ضمن أوبريت «القدس هترجع لنا»، ولحنه الراحل رياض الهمشري، وشارك في الأوبريت أكثر من 35 نجما ونجمة.
ثم تأتي انتفاضة ثانية وصلت بالغناء للقدس العربية إلى حد الذروة، ولم يقتصر الغناء وقتها على دولة بعينها، فغنى محمد فؤاد "الأقصى نادي"، وقدم هانى شاكر "القدس هتفضل عربية" و"فلسطين" و"أبواب القدس"، وغنت نوال الزغبي "يا قدس كم أتوق إلى الصلاة"، وأنشدت أصالة أغنية "أولى القبلتين" بألحان وكلمات الفنان الليبى على الكيلاني، وشارك تامر حسنى ب"ترابك يا فلسطين"، وعاصى الحلانى ب"صامدون،وجايين" و"طعم الحرية لفلسطين العربية"، و"يا قدس" لكاظم الساهر.
وفي 27 فبراير 2008، استيقظ الشعب العربي على أوبريت «الضمير العربي» الذي حرك الضمير العربي المتراخي وقتها، وجاءت كلماته: «ماتت قلوب الناس ماتت بِنَا النخوة يمكن نسينا في يوم إن العرب إخوة»؛ في دعوة للم الشمل العربي، والتحذير من عبث الغرب بنار الفتنة، وقدمه أكثر من 100 فنان وفنانة عرب من مغنين وممثلين وغيرهم، ولحنه خالد البكري ومصطفى محفوظ، ويعتبر الجزء الثاني من أوبريت الحلم العربي الذي تم إنتاجه سنة 1996 وأعيد إنتاجه للمرة الثانية في 1998.
ويرتفع صوت قوي شاب أخذ بلب العالم العربي وقتها، في عمل اكتملت فيه عناصر القوة كتبه عبد السلام أمين، ولحنه عمار الشريعي، إنه صوت الفنانة المصرية آمال ماهر، التي شدت ب«عربية يا أرض فلسطين»، ثم قدمت رائعتها الأخرى «أختى وفاء» كلمات عمر بطيشة، وألحان عمار الشريعي، عن الشهيدة «وفاء إدريس» أول فتاة فجرت نفسها في انتفاضة الأقصى.
وظهرت أغنيات حديثة قدمها جيل جديد للأقصى فكانت «يا دنيا اشهدي» أغنية الفوز التي نافس بها المطرب محمد عساف في أحد برامج اكتشاف المواهب، وكتبها الشاعر نزار فرنسيس ولحنها عصام كمال في عام 2013، لتكرر نفس مطالب ما سبقها من أغنيات بضرورة توحد وصحوة العرب لكن «هل من مجيب؟».. والإجابة على السؤال السابق، جاءت واضحة وواقعية كما أنها متوقعة وليست صادمة من خلال أغنية «قدساه» التي عاد بها الفنان اللبناني المعتزل فضل شاكر بعد غياب كبير إلى الساحة الفنية في 2015، وتقول: «لو تنظرين لحال أمة أحمدا.. في القتل والتشريد والإعدام..لم ترجعي للسلم يوما حرة.. فالسلم أضغاث من الأحلام» والتي كتبها الشاعر محمد حسن القعود، وكانت بمثابة إهداء إلى القابضين على الجمر ممن يسكنون بيت المقدس الثابتين على الحق والواثقين أن النصر يأتي من عند الله.
إنتاج عربي ضخم على مر سنوات طوال، محاولات حثيثة من شعراء وملحنين ومطربين، إلا أنه لم يكن له أي صدى سوى تحريك بعض انفعالات ومشاعر حماسة في قلوب سكنت أجسادا عاجزة عن الفعل، وقصرت عن تلبية استغاثات أقصانا الأسير والوقوف صفا واحدا من أجل تحريره من دنس الصهاينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.