لا جدال حول أن أزمة اللحوم في مصر هي مشكلة دولة وليست استهلاكا زائدا من الشعب، فالمعدلات العالمية لنصيب الفرد من اللحوم الحمراء تصل إلى 75 كيلو جراما في العام، بينما في مصر فالمعدلات تصل ل19.5 كيلو جراما للمواطن سنويا. 46 مزرعة و68 منفذا هي إمكانيات قطاع الإنتاج بوزارة الزراعة المسئول عن إنتاج التقاوى والأغذية ذات الأصل الزراعى والحيوانى ليساهم في تقليل الفجوة في السوق، لكن رغم ذلك لا تنتج اللحوم أو الدواجن مع أنها تمتلك عددا من المزارع ومحطات الإنتاج الحيوانى خاصة في النوبارية، فلم يطرح القطاع لحوما بلدية من إنتاجه منذ عام 2015. مصادر مطلعة، أوضحت أن "عام 2015 شهد آخر عهد منافذ القطاع باللحوم البلدية التي تنتجها مزارعه، ومحطات تربية الماشية ال27، بلغ وقتها الإنتاج الكلى 93 رأسا من العجول البقري، فيما جاء إنتاج عجول الجاموس 6 رءوس فقط للمحطة الواحدة، بإجمالى 167 رأسا، في الوقت الذي تتحمل فيه كل محطة إنتاج نحو 2000 رأس مخصص لها مزارع مساحتها 25 ألف فدان، إلى جانب امتلاك القطاع مصنعى أعلاف. وأضافت: القطاع كذلك رفع أسعار اللحوم المجمدة التي تباع في منافذه من خلال موردين من القطاع الخاص إلى 50 جنيها للكيلو في يوليو 2016 أي قبل تعويم الجنيه وارتفاع الأسعار الذي حدث بعد تطبيق القرار، وساعدت تلك الزيادة الموردين والوزارة في زيادة أرباحهم بواقع خمسة جنيهات للمورد على الكيلو، و60 ألف جنيه للوزارة عن الطن، حيث تحصل الزراعة نسبة 12% على كل طن يباع في منافذها. الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد، لكنها وصلت إلى ما يمكن أن يوصف ب"الفضيحة"، وذلك بعدما تعاقدت الوزارة العام الماضى مع إحدى جمعيات الثروة الحيوانية في الإسكندرية لتوريد لحوم بلدية طازجة وبيعها للمواطنين في منافذ متنقلة، لكن الوزارة تجاهلت أن الجمعية يخضع مسئولوها للتحقيق إلى الآن في فضيحة اختفاء منحة العجول الإماراتية التي تعاقدت عليها دولة الإمارات من البرازيل وأورجواى لصالح مصر بواقع 100 ألف رأس. وبعد أن بدأت الجمعية في العمل والبيع بشكل يومى اكتشفت حملات للطب البيطرى بمحافظة الجيزة أن اللحوم المباعة سودانية وبعضها مذبوح خارج المجازر الرسمية، وهو ما ذاع داخل الوزارة ووصل لمجلس الوزراء، وهو ما دفع الدكتور عصام فايد وزير الزراعة وقتها لإلغاء البروتوكول الموقع بين الوزارة والجمعية بعد أيام من توقيعه، دون اتخاذ أية إجراءات عقابية للمتورطين في تلك المسألة. وبعيدًا عن الموضوعات المتعلقة بالاستهلاك اليومي، فالتخطيط الإستراتيجى للدولة لتنمية الثروة الحيوانية يظل محل انتقاد، حيث تعطل مشروع تربية البتلو أكثر من مرة، بسبب عدم ثقة بنك الائتمان الزراعى في رد الحاصلين على القروض مديونياتهم بالفوائد المعلنة. وفى محاولة لحل العراقيل التي تقف أمام تنفيذ المشروع أعلن وزير الزراعة الدكتور عبد المنعم البنا تغيير نظام المشروع ليمنح المستفيد من القرض أعلافا ورءوس ماشية بدلًا من القروض المالية، في خطة لزيادة الإنتاج وتنمية الثروة الحيوانية لم تظهر ملامح اكتمالها بعد.