الوزارة تعتمد على طرق بدائية لحفظ التراث.. وسرقة 270 قطعة من مخزن سقارة غير موجودة في الكشوف! لا مستقبل لأمة دون الحفاظ على تاريخها، ومصر من الدول التي تمتلك رصيدا هائلا من الآثار وضعها في المراتب الأولى بين الدول صاحبة الحضارات القديمة، لكنَّ المسئولين في وزارة الآثار عجزوا طوال السنوات الماضية عن إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية لما تمتلكه من آلاف القطع الأثرية التي تم اكتشافها من كنوز الحضارة المصرية القديمة وإرث المصريين القدماء والتي تكدست في 72 مخزنا ما بين 35 مخزنا متحفيا و17 مخزنا فرعيا و20 مخزنا لآثار البعثات في جميع المحافظات، منها 11 مخزنا متحفيا و8 مخازن لاكتشافات البعثات الأجنبية ومخزن فرعى بالوجه البحري، و7 مخازن متحفية و12 مخزنا للبعثات و13 مخزنا فرعيا بالقاهرة والجيزة، و6 مخازن متحفية بمصر الوسطي، و11 مخزنا متحفيا و3 مخازن فرعية بمنطقة مصر العليا. ورغم التقدم التكنولوجى الحاصل في العالم كله فإنه لا توجد بوزارة الآثار قاعدة بيانات رقمية للقطع الأثرية مسجل عليها جميع الآثار والبيانات المتصلة بها، ولا يزال كثير من الآثار المكتشفة مسجلة في كشوف حصر يدوية أو بطاقات ورقية يسهل تزويرها أو نزعها كما حدث في واقعة سرقة 270 قطعة أثرية من مخزن سقارة رقم واحد وقطع 4 صفحات من سجل الآثار. وتعتمد الوزارة على الأساليب البدائية لتسجيل القطع الأثرية والأخطر من ذلك وجود العديد من القطع الأثرية المكتشفة منذ عشرات السنوات دون تسجيل وتوثيق وهو ما يعرضها للسرقة والنهب دون أن يشعر بها أحد. والغريب في الأمر أن وزارة الآثار تمتلك الكثير من مراكز المعلومات وتسجيل الآثار التي تلقت ثلاث منح لتحديثها: "كورية وفلندية وإيطالية"، قيمة كل منحة 5 ملايين دولار، وهناك ما يزيد على 2000 جهاز حاسب آلى في هذه المراكز، إلا أنه لا توجد قاعدة بيانات إلكترونية للآثار أو حصر دقيق بعدد القطع الأثرية حتى الآن. وتتكدس مخازن الآثار بآلاف القطع الأثرية دون تسجيل أو توثيق، وهو ما جعل استرداد الآثار المصرية من الخارج أمرا في غاية الصعوبة لعدم امتلاك مصر في معظم الأحيان مستندات ملكية للقطع المعروضة في المزادات وصالات العرض بالخارج ناهيك عن ناتج الحفر خلسة من الآثار المصرية، الأمر نفسه ساعد لصوص الآثار وشجعهم على سرقة كنوز الحضارة المصرية وتهريبها للخارج. الوزارة تنبهت مؤخرا لضرورة إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية للقطع الأثرية لتسهيل عملية استرداد ما يهرب منها للخارج والتوصل إليها داخل مخازن الوزارة نظرا لكثرة عدد القطع الأثرية التي لا حصر لها، وقال محمود عفيفي، رئيس قطاع الآثار المصرية السابق، إن السجلات الورقية للآثار موجودة وعليها ختم النسر، وكل سجل له رقم، فإذا تم نزع ورقة ستظهر بكل سهولة، أما التوثيق الإلكترونى فهو الذي من السهل التلاعب فيه وتزويره، عكس المكتوب يدويًا، الموثق بكل تفاصيل الصورة والحجم وكل البيانات، مشيرا إلى أن هناك نسخة مصورة ميكروفيلم لكل سجلات الآثار المصرية بمقر الوزارة في الزمالك. وأكد عفيفي، أن كثرة عدد الآثار المصرية وعدم توافر الإمكانيات المادية والاعتماد على السجلات الورقية منذ عشرات السنوات وراء عدم وجود تسجيل إلكترونى للقطع الأثرية حتى الآن. ومن جانبه أكد الدكتور هشام الليثي، رئيس مركز تسجيل الآثار بوزارة الآثار، أن عملية تسجيل الآثار إلكترونيا تستغرق وقتا طويلا جدا وتكلفة عالية وهو ما حال دون تنفيذها خلال السنوات الماضية نظرا للظروف التي مرت بها البلاد من اضطرابات سياسية، مشيرا إلى أن الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، وقع بروتوكول تعاون مع المهندس ياسر القاضي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتفعيل استخدامات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحفاظ على آثار مصر والترويج لها في الخارج. وأكد الليثى أن البروتوكول يهدف إلى رفع الوعى الأثرى وتعريف المجتمع المصرى والعالمى بأنشطة وخدمات وزارة الآثار، وحفظ وتوثيق وإتاحة المعلومات عن الآثار المصرية باستخدام أحدث تقنيات تكنولوجيا المعلومات، وتطوير وتحسين خدمات السياحة الثقافية وإظهار قيمة المعالم التراثية المصرية وزيادة فرص انتشارها حول العالم لتعزيز الموارد المالية باعتبارها من أهم عوامل النمو الاقتصادي، وكذلك استخراج المؤشرات الداعمة لاتخاذ القرارات للمستويات الإدارية العليا، بالإضافة إلى تنمية القدرات البشرية للعاملين بوزارة الآثار في مجال تكنولوجيا المعلومات. وأضاف الليثى أن الاتفاقية ستعمل على بناء منظومة معلوماتية دقيقة عن التراث الأثرى المصرى والترويج له وإتاحة الخدمات السياحية والأثرية للجميع، كما أنها ستساعد وزارة الآثار على تحقيق الرؤية الإستراتيجية لها والتي من بينها حفظ وتوثيق تراث مصر الأثرى باستخدام التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى توفير المعلومات الخاصة به للمجتمع المصرى والعالم أجمع بطريقة ميسرة وتعريفهم بخدمات وأنشطة الوزارة.