الدواء المر.. والوزير المستفز!

الذين تحملوا أعباء فاتورة قرار الحكومة برفع أسعار الوقود.. كثُر، وإن كانت قدرتهم على التحمل متفاوتة، الأثرياء لا يشعرون بقسوة تلك القرارات، بينما أصحاب الدخول المحدودة لم يعد بمقدورهم تحمل المزيد من الغلاء في غياب رقابة حازمة على الأسواق من جانب الحكومة التي تتفرج على من استغلوا الفرصة لمضاعفة ثرواتهم الحرام.. والحجة التي تقدمها أنها تترك للسوق حرية تحديد الأسعار، ولا تتدخل في تحديدها.
وإذا كانت بعض الفئات المتضررة وجدت من يدافع عنها ويتبنى مشكلاتها.. ويطالب مجلس النواب والحكومة بإنصافها، إلا أن الفلاحين كالعادة لا يجدون من يدافع عنهم حتى النواب الذين اختاروهم.. غابوا عن دوائرهم وتهربوا من مواجهة ناخبيهم.. ما عدا صوت خافت لنائب أو أكثر تحت القبة، تصدى الوزير المسئول للرد عليهم بأن هناك لجانا تبحث مطالب الفلاحين، خاصة فيما يتعلق برفع أسعار المحاصيل، لم تحدث مناقشة داخل المجلس والحكمة القديمة التي تقول، إذا أردت أن تؤجل حل مشكلة.. أحيلها إلى إحدى اللجان، بدليل أن الحكومة ما زالت تماطل في تنفيذ قرار المجلس الخاص بتحديد أسعار المحاصيل، ومنها القمح والذرة والأرز والقصب.
وتكاد تكون هناك قطيعة بين الوزارة المعنية بشئون الفلاحين "وزارة الزراعة" وبين المعنيين بخدماتها، فلا جهاز الإرشاد داخل المديريات الزراعية بالمحافظات يقوم بدوره في توعية المزارعين ولا الوزارة توفر لهم الأسمدة بكميات مناسبة، ما يعطي الفرصة للتجار الجشعين للتلاعب بتصريحات وردية عن «عيشة الفلاح» التي أصبحت في غاية السعادة.
وتصريحات الوزير أصبحت عصية على أفهام الفلاحين.. ولا يجدون لها تطبيقا على أرض الواقع. يزعم الوزير أن وزارته تقدم برامج للاستثمار الشمولي!! في المناطق الريفية، خاصة في المناطق الفقيرة! ويستفيد بها صغار الفلاحين.. إلخ.. إلخ.
ويزعم الوزير خلال اجتماعات الدورة الأربعين لمنظمة الفاو التي عقدت الثلاثاء الماضي في روما، أن وزارته تسعى لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الغذائية.. بينما كل المؤشرات تدل على أن الوزارة بعيدة تماما عن تحقيق تلك الأهداف، وأن المعلومات الدقيقة تتوفر لدى أعضاء المؤتمر.
ولا يخجل الوزير من الحديث عن زيادة صادراتنا من الخضر والفاكهة.. بينما الدول العربية ترفض شحناتنا بسبب الإسراف في استخدام المبيدات. تصريحات الوزير لا تستفز المصريين وحدهم، إنما المشاركين في المؤتمر من مختلف دول العالم.