إن الإصلاح الاقتصادي "أشبه بالدواء المر" الذي يجب أن يتجرعه المريض، لكن يجب تحديد "جرعات الدواء"، فاأنا من أشد الداعمين لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ولكن ليس على المواطن أن يتحمل وحده هذا البرنامج وخاصة الطبقة الفقيرة. إن هؤلاء الفقراء سيزدادون فقرًا على فقرهم، والدخل الشهرى الذي لا يكفيهم سيصبح لا يكفى أيامًا معدودات، وبالأحرى لن يوفى المواطنين حاجتهم في الحياة من مأكل وملبس ومشرب وخلافه.. المصرى قادر على أن يتقشف في كل أنواع الطعام، لكن ماذا يفعل أمام فاتورة التليفون والكهرباء والمياه، التي ستزداد بشكل يكوى الظهور؟! لابد على الحكومة أن تتخذ خطوات جادة تحمى بها الطبقات الفقيرة ومعدومى الدخل الذين لا حول لهم ولا قوة، فهؤلاء هم السواد الأعظم من أبناء الشعب الذين يعيشون حياة التهميش ولا يقدرون على فعل شيء في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، فالأب لم يعد يعمل عملًا واحدًا، وإنما في أكثر من عمل، لدرجة أنه لا يرى أبناءه بالأيام والأسابيع، ورغم ذلك لا يقوى على توفير احتياجاتهم الضرورية. نحن هنا لا نتحدث عن الحياة الكريمة التي كفلها الدستور وأقرت بها ونادت ثورتان عظيمتان في 25 يناير و30 يونيو، إنما نطلب حماية هؤلاء الفقراء الذين يعجزون عن توفير أدنى ضروريات الحياة، وهذا هو واجب الحكومة نحو هذه الطبقات.. لا أحد يمانع أبدًا في إجراء إصلاح اقتصادى، لكن قبل هذا الإصلاح لابد من حماية الفقراء وأهل العوز الذين يواجهون حياة الضنك ولا يقوون على فعل شىء. والسؤال هنا....... هل الحكومة وفرت لهؤلاء الحماية الكاملة، في ظل الإصلاح المنشود أم أن هؤلاء الفقراء سيكونون الوقود الذي يحترق في هذا الإصلاح؟! ما هو المخرج من هذه الورطة التي نجد أنفسنا فيها شعبا وحكومة؟ هل تفيدنا تجارب دول أخرى بما يمكن عمله في مثل هذه الحالة؟ الواقع أن هذه مشكلة واجهتها برامج الإصلاح الاقتصادى التي يدعو إليها صندوق النقد الدولى بل وتجربتنا مع هذه البرامج حاضرة في الأذهان، فقد أخفقت الحكومة المصرية في الحصول على مساعدة صندوق النقد لها عندما رفض الشعب المصرى في انتفاضة يناير 1977 شروط الصندوق التي كانت تتضمن زيادات هائلة في أسعار العديد من السلع الأساسية مثل السكر والزيت والأرز وغيرها، وهو ما تعلمته الحكومة المصرية بعد ذلك فتوقفت عن إتباع الإصلاح بالعلاج بالصدمة كما كان الحال في ذلك العام، واستعاضت عنه بالإصلاح التدريجى في حكومة الدكتور عاطف صدقى( 1987 1996)، والذي نجحت فيه إلى حد كبير. في النهايه أؤكد أننى مع خطة الإصلاح الاقتصادى ولكن ينقصها إجراءات حماية اجتماعية كافية للطبقه الفقيرة والمتوسطة........وللحديث بقيه انتظروني