ازدادت الأزمات الحياتية يوما بعد يوم وانغرس الناس في الهموم، إلا أن نجوم الكوميديا في مجلة الاثنين حاولوا انتشال الناس من همومها عن طريق عدة مقالات نشرت في صيف 1948 بالمجلة، التي كان يرأس تحريرها موسى صبري. وكتب فنان الكوميديا نجيب الريحاني يقول: نعم.. انسى الهم ينساك.. تلك هي الحكمة العالية الغالية التي يجب ألا ينساها أي مهموم أو مكدور. وإذا كان حضرة الحكيم الذي قالها أو كتبها قد مات وقد شبع موتا من زمان دون أن يذكر ويصف طريقة نسيان الهم والغم والكرب والحزن والألم. والحكاية بسيطة.. وعلى صاحب الغم والهم أن يبحث لنفسه بنفسه عن نسيان همه وغمه بأي طريقة، والنتيجة مضمونة 100 % لأن البحث إما أن ينتهي بمعرفة الطريقة.. وهو المطلوب، وإما أن يستمر المهموم في البحث ثم البحث فينحصر همه في ذلك وينشغل به عن همه القديم.. وهو أيضا المطلوب. على أن نسيان الهموم له ألف طريقة وطريقة، وكلها في متناول الإنسان.. أولها أن يكون لديه إيمان أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان وبناء على هذا يؤمن أن المصيبة التي أصابته ليست مهما عظمت إلا من نوع (قدر ولطف) ولولا ذلك لكانت أدهى وأمر. وبناء عليه يمكن للمهموم أن يغذي نفسه بما كتب الله لأمثاله من الجزاء الحسن في الدنيا والآخرة.. فتنسيه الفرحة بهذا الغذاء المضمون شقاءه بالهم والتفكير فيه. هذا بالطبع إذا كان حضرته من أخواننا العقلاء، إما إذا كان من إخواننا غير العقلاء في دار ما دخلك شر.. لأن قلة العقل وإن كانت مصيبة في نظر الآخرين فهي كفيلة أن تجعل صاحبها يضحك في عز همه وشقائه. والهم الأكبر في الدنيا هو الموت.. وهذا الموت نفسه معناه عودة الإنسان إلى قواعده سالما، وخروجه من العالم الأونطة إلى عالم الحقيقة.. فمن الإنصاف أن يقابل بالفرح والابتهاج وليس بالهم والحزن. أما الهموم الصغرى فهي من باب (حط العيش على أم الخير) لا تستحق أي التفات، وعلى المهموم ألا ينسى أن التفكير في الهم هو هم آخر فيسأل نفسه قبل أن يفكر فيه: لماذا يزيد الهم هما والحزن حزنا ويزيد البلة طينًا.