واصل "ملتقى القيم والأخلاق والمواطنة" الذي تنظمه وزارة الأوقاف بمركز التعليم المدني بالجزيرة أمس الأحد، عطاءه العلمي والتثقيفي من خلال حلقته الحادية عشرة. وناقشت الحلقة موضوع "الإدمان" وحاضر فيها عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، ومحمد مصطفى خبير السموم والمخدرات بمركز الطب الشرعي بوزارة العدل، والدكتور نوح العيسوي مدير عام بحوث الدعوة وممثل وزارة الأوقاف لدى صندوق مكافحة الإدمان، بحضور عبد الفتاح عبد القادر جمعة منسق الملتقى، ولفيف من قيادات وزارة الشباب والرياضة، وأئمة الأوقاف، وعدد كبير من الشباب من مختلف محافظات الجمهورية، وقدم للحلقة الإعلامي علاء بسيوني. وفي كلمته، أشار عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان إلى أن بعض الأعمال الدرامية أسهمت بشكل غير إيجابي في هذه الظاهرة، مؤكدًا أن رسالة الصندوق هي علاج حالات الإدمان ومتابعتها حتى يتم شفاؤها بشكل كامل. وأوضح أن الإدمان مرض يمكننا محاصرته والقضاء عليه، فهناك مرحلة سحب المخدر من الجسم وليست صعبة كما صورها الإعلام، وهي تستغرق 7 أيام، ثم تأتي مرحلة التأهيل النفسي والاجتماعي وهي الأهم، مشيرًا إلى أن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بدأ في توفير قروض للمتعافين من الإدمان ومساعدتهم في الحصول على فرصة عمل أو إنشاء مشاريع صغيرة، إسهاما منه للشباب المتعافين من هذا المرض الخطير. ومن ناحيته، أكد الدكتور محمد مصطفى خبير السموم والمخدرات بمركز الطب الشرعي أن الجهاز العصبي يمد الجسم بما يحتاجه من منبهات دون حاجة لمخدر أو منشط، والإدمان يعني عدم قدرة الفرد الاستغناء عن شيء بعينه، مؤكدًا أنه من السهل التخلص من تلك السموم وسحبها من الجسم، ولكن الأهم عدم العودة للإدمان مرة أخرى، فذلك له آثار سلبية على الجهاز العصبي والجانب النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع، كما أوضح أن المادة المخدرة لا تساعد على زيادة ساعة العمل للمتعاطي كما يعتقد البعض، فيجب أن تتغير ثقافة المجتمع وأن يفهم الجميع أن هذه السموم وظيفتها الوحيدة تدمير الفرد والمجتمع. ومن جانبه، أكد الدكتور نوح العيسوي، مدير عام بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، أن الإدمان والمخدرات سم قاتل، يفسد العقل ويفتك بشباب المجتمع، فيجعلهم جثثًا هامدةً، وعقولًا خاوية، وقلوبًا فارغةً، لا يستطيعون الدفاع عن أرضهم وعرضهم، ولا يستطيعون الإسهام في تنمية وطنهم، حيث إن المخدرات لها أضرارها الصحية والنفسية والاجتماعية على الفرد والمجتمع، ومن ثم فإن إدمان المخدرات والمسكرات بكل صورها واختلاف أنواعها أكبر أداة هدم للفرد والمجتمع، مشيرًا إلى أن قضية الإدمان قضية أسرية ومجتمعية، تحتاج إلى تكاتف الجهود للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة المدمرة ومكافحتها. كما أكد أن الإسلام قد وضع ضوابط لوقاية الإنسان وحمايته من الإدمان، تبدأ بحسن تربية الأبناء ورعايتهم وتوعيتهم بخطر الإدمان وأضراره الجسمية والنفسية والاجتماعية الناتجة عنه، إضافة إلى تذكيرهم بالحكم الشرعي للخمر والمخدرات، فقد وضع النبي (صلى الله عليه وسلم) قاعدة ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، ولا الأحوال والأشخاص، وتبين الوصف الذي ينطبق على الخمر أو أي نوعٍ من أنواع المسكرات، فقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ في الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ ). كما أكد أن الخمر شاملُ لكل ما يُسكر مهما استحدث الناس له من أسماء، وسواء أكان مائعًا أم جامدًا، طالما توافر فيه المعنى المحرم وهو الإسكار، يقول (صلى الله عليه وسلم): (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ)، ومن ثم فإن كل ما يتناوله المتعاطون ممَّا يُغَيِّب العقل أو يفتِّر الجسم يلحق بالخمر في تحريمها، حيث (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ). وأوضح أن وزارة الأوقاف لا تألو جهدا في توعية الشباب بخطر هذا المرض الخطير، فقد وقعت برتوكولًا مع صندوق مكافحة الإدمان، تضمن تيسير قوافل دعوية تجوب جميع المحافظات لتوعية الشباب بمخاطر الإدمان، كما أعدت دورات تدريبية للسادة الأئمة وتثقيفهم على أيدي علماء متخصصين من أجل توعية المواطنين بالمساجد والمحافل المختلفة، إضافة إلى الخطب التي أعدتها الوزارة وكان لها أثر إيجابي لدى المواطنين، وهي بصدد العديد من تلك الجهود الملموسة للقضاء على هذا المرض الخطير الذي يدمر ثروتنا القومية من الشباب. يأتى ذلك في إطار التعاون المستمر والمثمر بين وزارة الأوقاف، ووزارة الشباب والرياضة، والهيئة الوطنية للإعلام من أجل الإسهام في تصحيح المفاهيم الخاطئة ومواجهة الفكر المتطرف.