قال الباحث البريطاني سيمون مابون المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة لانكستر، إن قطر أمام خيارين واضحين فقط: "من جهة يمكنها أن تخضع للضغوط السعودية والإماراتية مرة أخرى، ومن جهة أخرى بوسعها أن تواصل رسم النهج الخاص بها بشكل مستقل عن الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك التقارب مع إيران ومواصلة دعمها للإسلاميين. وسيؤدي مثل هذا النهج لنشوب توتر في العلاقات مع دول خارج مجلس التعاون الخليجي، بما فيها الولاياتالمتحدة. واعتبر الباحث في مقال نشر على موقع "The Conversation" المعني بالأبحاث الصحفية والأكاديمية، أن الخلاف يتعلق بنقطتين أساسيتين، تعتبرهما السعودية والإمارات والبحرين، من المخاطر "الوجودية" المحدقة بها، وهما الدعم القطري لجماعة الإخوان المسلمين وحماس من جهة، والعلاقات القطريةالإيرانية من جهة أخرى. وأوضح أن من بين هذه المطالب، دعوة الدول الخليجية إلى إغلاق قناة الجزيرة، التي تمثل "صوت الانتقاد" في المنطقة. لكن مثل هذه الخطوة ستمثل ضربة قوية إلى النفوذ القطري عبر العالم. واعتبر أن ما نشاهده اليوم هو لعبة برهائن هائلة بين لاعبين من ذوي النفوذ الكبيرة، وربما من المنطقي تفسير الأحداث الأخيرة بأنها كلمة "كفاية" قالتها واشنطن والرياض على حد سواء. وأكد الباحث أنه على الرغم من سرعة تطور الأحداث الأخيرة وطابعها المفاجئ، من الواضح أن التصدع حصل قبل فترة معينة، موضحا أن قطر تمثل خطرا على الهيمنة السعودية في الشرق الأوسط، وسبق للدوحة أن عملت بشكل مستقل في ميادين سوريا واليمن، بالتزامن مع عمل الدوحة على تعزيز "قوتها الناعمة"، بدءا من تحويل قناة "الجزيرة" إلى علامة عالمية، ووصولا إلى استضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، إضافة إلى بطولات رياضية مهمة أخرى. ولفت "مابون" إلى أن قطر تحاول العمل بشكل دؤوب على تعزيز مواقعها على الساحة الدولية، فيما يعد الابتعاد عن نهج السياسة الخارجية السعودية جزءا محوريا من هذه الإستراتيجية. وتابع كاتب المقال قائلا: "بغض النظر عما إذا كانت التصريحات المنسوبة للشيخ تميم حقيقية أم مزورة، يمكن تفسير هذا الكلام بشكل واضح كجزء من نمط تصرف يرمي إلى زعزعة القبضة السعودية الإستراتيجية. والرسالة هنا مفادها، كما يبدو، أن السياسة الخارجية القطرية خاصة بالدوحة وحدها، وهي تتميز بعلاقات دقيقة مع إيران وكذلك بالاتصالات مع الإخوان المسلمين وحماس". وأعاد الباحث إلى الأذهان الخلاف الخليجي السابق في عام 2014، عندما سحبت دول عدة سفراءها من الدوحة احتجاجا على الدعم القطري للإخوان وحماس، لكن هذا الخلاف تمت معالجته بسرعة، وكانت قطر منذ ذلك الوقت ملتزمة بشكل عام بالخط السياسي السعودي، لكن الباحث يرى أن الدوحة لا تزال مستعدة لإدارة ظهرها لأصدقائها الخليجيين، مهما كانت العواقب الدبلوماسية لذلك.