في عددها الماضى، وتحت عنوان «ألغام إثيوبيا لتعطيل مفاوضات سد النهضة»، نشرت "فيتو" في كواليس مفاوضات سد النهضة، وألقت الضوء على خطة أديس أبابا لتعطيل الأمر برمته حتى يمكنها من بدء ملء خزان السد في يوليو المقبل، خاصة أن كل الاتفاقيات المتعلقة بهذا الأمر لا تمنع الحكومة الإثيوبية من استكمال منشآت مشروعها الكبير على نهر النيل. خلال الأسبوع الماضي، يمكن القول إن شهادة وفاة الدراسات الفنية خرجت بشكل رسمى عقب بيان وزارة الري، بعد ختام الجولة ال14 من المفاوضات والتي انتهت بالفشل كما أكد مراقبو الملف المائي. الفشل الرسمى تلك المرة تمثل في بيان وزارة الرى الذي أوضحت فيه أن المناقشات بين مصر وإثيوبيا والمكاتب الاستشارية لا تزال قائمة حول طريقة عمل المكاتب الاستشارية للسد، وأن هناك نقاط خلاف سيتم حلها خلال الاجتماع المقبل والذي لم تحدد وقته. البيان الرسمى شمل أيضًا تأكيد الوزارة أن ما حدث في الجولتين ال«13-14» كان دراسات المحاور الأربعة للدراسات الفنية وما هو تصور المكاتب الاستشارية للعمل في كل ملف على حدة. خروج البيان بهذه الصورة أثار أكثر من نقطة لعل أهمها على الإطلاق عدم تحديد موعد الجولة المقبلة عكس ما حدث خلال الجولة ال13 منذ أسبوعين في القاهرة حين أعلن بيانها الختامى موعد الجولة الأخرى. ما حدث لم يكن غريبًا، وإن كانت وزارة الرى أخفته لكن مصادر داخل اللجنة الفنية كشفت ل«فيتو» أن الخلاف الدائر بين القاهرةوأديس أبابا يتمثل في سنوات ملء الخزان، ففى الوقت الذي تريد مصر ملء الخزان في 7 سنوات حتى لا يؤثر التخزين في موارد مصر المائية بشكل كبير، تتمسك إثيوبيا بعام واحد، وهو ما يعتبره خبراء المياه كارثة في حال تم التنفيذ. الأمر ذاته أكدته مواقع سودانية، والتي كشفت – بدورها- أن هذا الخلاف لا يجد حلا حتى الآن وسط تعنت إثيوبى واضح في رغبة بدء التخزين يوليو المقبل، الأمر الذي حذرت القاهرة منه باعتبار أن ملف المياه أمن قومي. جولتان في مناقشة بديهيات أمر يثير ريبة، عنصر آخر كشفه المصدر ذاته داخل اللجنة الفنية والذي يوضح أن أول تقرير للمكاتب الاستشارية والذي تدور حوله المفاوضات الآن لا يتعدى كونه خريطة عمل تضعها المكاتب، ولا يحق للدول الثلاثة التدخل سوى للاطلاع فقط، كما أن هذا التقرير سيوضح خريطة زمنية لزيارة المنشآت الكبرى على نهر النيل «السد العالى – خزان أسوان – سد روصيرس بالسودان – سد النهضة بإثيوبيا»، وهى أمور تلتزم الدول الثلاثة بتوفيرها للمكاتب الاستشارية بحسب إعلان المبادئ الذي تم التوقيع عليه بين الرئيس السيسي ونظيريه الإثيوبى والسودان في 2014. وأكمل المصدر أن استغراق هذا الوقت في ما هو بديهى لم يكن بالأمر البريء، مشيرا إلى أن إثيوبيا لا تريد البدء في الدراسات وهو ما نجحت فيه إذ أن من المستحيل الآن إنجاز الدراسات في المدة المقررة والمثير للدهشة أنه لا يوجد أي مسارات بديلة. وبحسب العقود القانونية للمكاتب الاستشارية فإن مدة دراسات سد النهضة تستغرق 11 شهرًا كحد أقصى، ومن خلال تلك الدراسات سيتم تقييم الآثار السلبية للسد على دولتى المصب «مصر – السودان» ومن خلال تلك الآثار سيتم دراسة كيفية تفاديها. ومدة الدراسات التي حُددت ب11 شهرا كانت مواكبة لخطة الإنشاءات للسد بما يمكن من خلال تلك الدراسات تفادى أي أخطاء فعلا بحسب العقلية المصرية التي وقعت العقود القانونية في سبتمبر الماضى على هذا الأساس. كان المفترض أن يخرج أول تقرير فنى بعد 6 أسابيع من توقيع العقود أي نوفمبر الماضى لبدء الدراسات التي وفقًا لهذا الجدول سيكون آخرها في أغسطس المقبل، لكن التسويف الإثيوبى حتى وصل الأمر إلى عدم إصدار التقرير الفنى حتى مايو أي بعد 8 أشهر ولم يتبق سوى ثلاثة أشهر لانتهاء موعد الدراسات علمًا بأن ال11 شهرًا تم النص عليهم كحد أقصى لإنجاز الدراسات. من جهته قال الدكتور ضياء القوصي، خبير المياه الدولي: أي تأخير يعنى أن الإنشاءات سبقت الدراسات، وبالتالى فإنه طبقًا لهذا الموعد ودون أي تأجيل ستنتهى الدراسات في أبريل المقبل هذا في حال أنها بدأت من الآن، وبالتالى سيكون التخزين قد بدأ. «نعم يمكن أن نعلن وفاة مفاوضات سد النهضة»، جملة قالها خبير المياه الدولي، وأكمل: كل هذا التأجيل مع سرعة الإنشاءات التي وصلت إلى 57% والحديث حول ملء الخزان فقط يعنى أن أديس أبابا تخطت أي مرحلة فيما يتعلق ببناء السد ذاته.