الدستور كفل حرية الإعلام واستقلاله وطرق إصلاحه بنصوص ضامنة لحرية الحركة والتغيير، وتذليل ما يعترضه من عقبات وقيود لا تملك معها المجالس والهيئات الجديدة للإعلام والصحافة والحكومة ترف التأجيل أو التراخى في علاج منظومة طالما شكونا منها ومن خطورة إهمالها كل هذا الوقت دون علاج ناجع.. وقد آن الأوان لتقديم ما يلزمها من دعم مالى ولوجيستى للوقوف على قدميها من جديد، ولإنقاذها من موت تلوح إرهاصاته في الأفق ووضعها على الطريق الصحيح للإصلاح بعد أن تلكأت حكومات عديدة قبل ثورة يناير وبعدها في اتخاذ القرارات السليمة لذلك الإصلاح.. ولعل هناك جهودًا بذلت في هذا الصدد لا ينبغى إهمالها أو القفز عليها، ومنها مثلًا ما أعده مكتب حازم حسن من دراسات لعلاج تدهور الصحف القومية وغيره من جهود معتبرة. الآن.. الكرة في ملعب الهيئة الوطنية للصحافة التي يرأسها الكاتب الصحفى كرم جبر، والهيئة الوطنية للإعلام التي يرأسها الإعلامي حسين زين ومعهما المجلس الأعلى للإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد.. وقد حان وقت اختيار قيادات جديدة للصحف القومية وتليفزيون الدولة على أسس ومعايير واضحة موضوعية وشفافة تستند إلى الكفاءة والخبرة والقدرة على الإدارة الرشيدة والتفاهم والتوافق مع زملاء المهنة في كل موقع، بعيدًا عن الخلافات أو تصفية الحسابات أو الاستقطابات أو المجاملات.. لابد من اختيار شخصيات مشهود لها بالنجاح والقدرة على الإصلاح وابتكار حلول من خارج الصندوق وليس اعتمادًا على الغير في تدبير الموارد أو المصروفات أو حل المشكلات كما كان يحدث منذ وقوع ثورة يناير.. والسؤال للجماعة الصحفية الآن: هل سيتم العمل بمبدأ الفصل بين التحرير والإدارة، بحيث لا تجمع أي قيادة صحفية بين منصب رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لأى إصدار لمنع تكرار الكوارث التي تسبب فيها هذا الجمع.. وحتى لا نحرم أيا من المنصبين من ميزة التفرغ التام له، وحتى لا يؤدى الجمع بينهما إلى فقدان التركيز في كل منهما.. وحتى نعطى الفرصة لتداول مراكز القيادة بين الأجيال الجديدة، ولا نهدر مبدأ تكافؤ الفرص أو العدالة في تولى المناصب.. وإذا كانت منظومة الإعلام والصحافة بصدد تغيير كبير.. فلماذا لا يشمل كل الوجوه القديمة بلا استثناء لضخ دماء جديدة في شرايين الإعلام المتيبسة ؟.