قبل سبع سنوات.. كان «على» أسعد الناس.. يجلس فى الكوشة بجوار عروسه الحسناء «فاطمة»، ومن حولهما يرقص الجميع فرحا وابتهاجا.. وفى عشهما الجديد تعاهد الاثنان على الوفاء والإخلاص طوال العمر.. رزقهما الله بولد وبنت زادا من سعادتهما.. ولكن كما يقولون «دوام الحال من المحال»، فقد نسيت الزوجة عهدها وتعرفت على رجل آخر وسقطت معه فى مستنقع الخيانة، ثم اشتركت معه فى قتل زوجها المخلص ورقصت فرحا على جثته.. ترى لماذا انقلبت فاطمة على زوجها وتجاهلت أبناءها؟ وكيف تعرفت على عشيقها؟ وكيف ساعدته فى ارتكاب الجريمة وما هى تفاصيلها؟ وماذا قالت فى اعترافاتها أمام النيابة؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها محقق «فيتو» فى السطور التالية.. كانت البداية عندما سمع المحقق عن جريمة قتل بشعة فى قرية «ميت سهيل» التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية.. حمل أوراقه وأدواته واتجه إلى مركز الشرطة، وهناك اطلع على محضر الجريمة، وعلم أن القتيل عامل فى بداية العقد الرابع من عمره يدعى «على»، وأن زوجته «فاطمة. م» -24 سنة- هى التى قتلته مع عشيقها «عبد الحفيظ»، بعد أن ربطت بينهما علاقة آثمة منذ أشهر طويلة، وحتى يخلو لهما الجو والزواج فيما بعد.. كانت هذه فقط هى المعلومات التى حصل عليها المحقق من مركز الشرطة، فانطلق إلى القرية التى شهدت الحادث بحثا عن مزيد من التفاصيل.. ما إن وصل القرية الصغيرة حتى لاحظ علامات الحزن على كل الوجوه.. سأل عن منزل أسرة القتيل فأرشده بعض الأهالي، وهناك التقى شقيق المجنى عليه ويدعى «محمد».. وبعد أن قدم له واجب العزاء سأله عن تفاصيل الحادث.. تنهد الرجل فى حسرة وأجاب: « قبل سنوات طويلة.. توفيت والدتى وتزوج والدى من أخرى، وتركنى مع شقيقى نواجه أعباء الحياة بمفردنا.. عملنا بجد واجتهاد إلى أن أنشأنا منزلا من طابقين وأصبحت الفرصة سانحة أمام على للزواج.. وقع اختياره على «فاطمة» وهى إحدى بنات القرية واعترضت أنا ووالدى عليها بسبب سلوكها، ولكنها أبهرته بجمالها الفائق وأغوته بمعسول الكلام فأصر على خطبتها.. تم الزواج ورزقهما الله ب« محمد» عمره الآن ست سنوات، ثم مريم (ثلاث سنوات). صمت الرجل قليلا واستطرد: « ذات يوم فوجئت بجار لنا يخبرني بان زوجة أخى على علاقة بشاب يدعى عبد الحفيظ ويتردد عليها بصفة منتظمة أثناء غياب زوجها فى عمله بالعاشر من رمضان.. بعد أن تأكدت من كلامه طلبت من على تطليقها، لأن القرية كلها تعلم بخيانتها لكنه رفض حرصا على مستقبل طفليه، وظل معها إلى أن قتلته بالاشتراك مع عشيقها».. انخرط الرجل فى بكاء حار ولم يتمكن من مواصلة الحديث.. تركه المحقق ووجه كلامه إلى خال المجنى عليه ويدعى« محمد سعد» متسائلا عما حدث ليلة الجريمة.. فقال: « فى هذه الليلة المشئومة سمعت صوت استغاثة من منزل القتيل.. هرعت إلى هناك مع بعض الاهالى لنجد زوجته تقف فى البالكونة وتصرخ قائلة « جوزى مات.. الحرامية فتحوا بطنه».. صعدنا إلى شقته لنجده غارقا فى دمائه داخل حجرة نومه.. أبلغنا الشرطة والإسعاف تم نقله إلى المستشفى لكنه فارق الحياة.. كانت صدمتنا كبيرة عندما تبين أن زوجته وعشيقها وراء الجريمة، وكل ما نطلبه هو القصاص العادل منهما». أثناء الحديث.. حضر ابنا القتيل.. محمد ذو السنوات الست وقد ظهرت على ملامح وجهه البريء علامات الحزن والهم.. ومريم التى لم تدرك بعد المصيبة التى حلت بها.. سأل المحقق الابن الأكبر عما يعرفه عن الحادث.. فقال بصوت متهدج وكلمات متقطعة: « بابا مات.. ماما قتلته هى وواحد كان بييجى يقعد معاها كتير.. ماما وحشة كانت بتضربنى أنا ومريم وتحبسنا فى الاوضة لما الراجل ده كان ييجى.. أنا بحب بابا كان بيلعب معانا ويجيب لنا حاجات حلوة.. مش عارف أقول إيه لماما اللى حرمتنى من حنان بابا».. لم يستطع المحقق الاستماع للمزيد من كلمات الطفل المؤثرة خصوصا بعد أن انسابت دموعه على خديه، فترك الأسرة وانتقل إلى النيابة لمعرفة آخر تطورات التحقيقات. داخل نيابة مركز بلبيس.. اطلع المحقق على اعترافات المتهمين التفصيلية وقالت الزوجة فيها: « تزوجت على زواجا تقليديا ولم تربطنى به أى عاطفة، وبعد أن أنجبت طفلى تعرفت على عبد الحفيظ ووجدت معه الحب الحقيقى.. تطورت علاقتنا ولم اعد قادرة على الابتعاد عنه.. اتفقنا على التخلص من زوجى ليخلو لنا الجو، ووضعنا خطة دورى فيها كان تسهيل دخوله إلى الشقة بعد نوم المجنى عليه ونفذته بكل دقة.. ثم جاء دور عبد الحفيظ الذى دخل ومزق جسد زوجى واحتفلنا بوفاته برقصة ساخنة.. بعد ذلك هرب القاتل وخرجت أنا أصرخ وأعلن أن اللصوص قتلوا زوجى». وأبدت «فاطمة» ندمها الشديد على جريمتها خصوصا أنها تسببت فى حرمان طفليها من والدهما، وتركت لهما عارا لن يمحوه الزمن.