اعتاد المصريون على الاستيقاظ يوميا على أنباء كارثة جديدة وانهيار عقار، مخلفا وراءه خسائر بشرية ومادية، دون تحرك حقيقى من الحكومة لمواجهة وحل الأزمة من جذورها، من خلال إخلاء العقارات الآيلة للسقوط، ومحاربة المبانى المخالفة التي تحولت لمرض سرطانى تشعب في مختلف أنحاء مصر، تحت سمع وبصر المسئولين وبتواطؤ من بعضهم. وخلال 24 ساعة انهارت 4 عقارات في منطقة أبو العلا وجاردن سيتى، وأصيب العشرات وشردت أسر بكاملها. وتشير تقارير جهاز التفتيش على أعمال البناء بوزارة الإسكان إلى أن هناك 350 ألف عقار مخالف للبناء، وتهدد حياة 16 مليون نسمة وتكبد الاقتصاد الوطنى خسائر تصل ل 350 مليار جنيه، حيث استهلك بناء هذه الوحدات نحو 50 مليون طن حديد، و140 مليون طن أسمنت خلاف المواد الأخرى، بالإضافة إلى عقارات آيلة للسقوط بدرجاته مختلفة، وصلت ل300 ألف عقار، مع تراكم الأزمات العقارية في مصر، ومنها العشوائيات التي زادت خلال السنوات الأخيرة لتصل ل 1200 منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية. ويشير التقرير إلى أن مصر تخسر سنويًا 120 ألف فدان أرضا زراعية، نتيجة التعدى على الأراضي، وبذلك تفقد 8% من الرقعة الزراعية كل عام وفى زيادة مستمرة. وحذر خبراء من استمرار غياب دور حقيقى للحكومة بمختلف أجهزتها ووزاراتها المعنية، سواء الإسكان أو التنمية المحلية أو المحافظات، وخاصة في ظل انتشار الفساد في المحليات، بما ساهم في انتشار مخالفات البناء، والعقارات المبنية بدون ترخيص، بما يهدد حياة ملايين المواطنين، والثروة العقارية المصرية، وينعكس سلبيا على الاقتصاد الوطنى. الدكتور مجد الدين إبراهيم وكيل وزارة الإسكان السابق، أكد أن أزمة العقارات المخالفة وتكرار حوادث انهيار العقارات مشكلة متشعبة والحكومة والمواطنين مسئولون عنها على حد السواء، مشيرا إلى أن تزايد معدلات انهيار العقارات مؤخرا له عدة أسباب، أهمها غياب دور الأحياء والمحليات، وتواطؤ بعضها، سواء على مستوى تجاهلها العقارات المخالفة أو العقارات القديمة الآيلة للسقوط. وقال: للأسف الشديد المسئولون في مصر لا يتحركون إلا بعد حدوث أزمة أو كارثة، مشيرا إلى أهمية الإسراع في إقرار تعديلات قانون البناء والإسكان بمجلس النواب، وكذلك قانون الإيجارات القديمة لحل أزمة العقارات الآيلة للسقوط والقديمة. وأوضح أن هناك حاجة لتفعيل دور جهاز التفتيش على أعمال البناء بوزارة الإسكان، وزيادة كوادره وميزانيته المالية لمواجهة مخالفات البناء، مع تشديد الرقابة على الموظفين المتواطئين مع المقاولين وتجاهل مخالفاتهم في البناء، وشدد على ضرورة سرعة الانتهاء من إقرار قانون التصالح في مخالفات البناء، وذلك من خلال شروط وضوابط صارمة، ويقتصر التصالح على العقارات السليمة إنشائيا فقط. وقال حسين جمعة رئيس جمعية الحفاظ على الثروة العقارية: إن العقارات في مصر ليس لها راع أو أب شرعي، حيث تهدر دماؤها بين أكثر من 10 وزارات و150 قانونا، ودائما خلال أوقات الأزمات وحوادث انهيار العقارات يختفى كل المسئولين، وتظهر في الصورة فقط وزارة الصحة للإعلان عن الضحايا، ولكن أين المسئولون بوزارات التنمية المحلية والعدل والإسكان والمحافظات وغيرهم، وكل جهة من هؤلاء تلقى بمسئولية الأزمة على الأخرى، ونتحدث مرارا وتكرارا عن هذه الأزمة ولكن دون جدوى. وطالب جمعة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لمواجهة هذه الأزمة التي تهدد حياة المواطنين، وتؤثر سلبيا على الاستثمار والسياحة والاقتصاد المصرى بشكل عام، وتعطى صورة سلبية عن العقارات في مصر، مؤكدا أن الحل الوحيد للأزمة هو إنشاء هيئة وطنية للثرورة العقارية تابعة لمجلس الوزراء، تكون معنية ومسئولة عن كل ما يخص الثرورة العقارية، وبمشاركة كل الوزارات والجهات المعنية وتكون صاحبة قرار، وتضع خطة وإستراتيجية واضحة لحل مشكلات العقارات في مصر، وتحصر العقارات بكل أنواعها المخالفة والسليمة والآيلة للسقوط وغيرها. وأكد أن إنشاء هذه الهيئة لن يكون بدعة مصرية، حيث إنها موجودة في كل دول العالم، مشيرا إلى أهمية اتخاذ حزمة قرارات من شأنها حل هذه الأزمة من جذورها، ووضع خطط طويلة وقصيرة المدى، ولابد من إخلاء المواطنين من العقارات الآيلة للسقوط بالقوة، وتوفير بديل مناسب لهم، وأبدى حسين جمعة استغرابه من سرعة إعلان وزارة التضامن الاجتماعى والمحافظات والمسئولين عن صرف تعويضات للضحايا والمتوفين، إثر انهيار عقار، في حين يمتنعون عن صرف هذه الأموال على صيانة وترميم العقار، بدلا من توفير المال لهم بعد موتهم، يتم توفير هذه الأموال لترميم المساكن.