قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: إن الجامعة مؤسسة للحكومات والدول، وهذه طبيعة عملها وهذا ما أراده لها مؤسسوها، إلا أنها تظل فوق ذلك البوتقة الحاضنة لفكرة العروبة بمعناها الواسع، وتبقى الخيط الناظم لكل مسارات العمل العربي في أبعاده الشعبية والرسمية على حدٍ سواء. جاء ذلك اليوم السبت، خلال المؤتمر الثانى لرؤساء المجالس والبرلمانات العربية. وأضاف أبو الغيط أنه غنيٌ عن البيان ما ينطوي عليه البعد الشعبي من أهمية بالغة في هذه المرحلة بالذات نظرا لأن العمل المُشترك ظلّ لسنوات طويلة حِكرًا على الرسميين من ممثلي الحكومات، وكان في ذلك إغفالٌ لجانبٍ مُهم من جوانب المنظومة العربية، ولا شك أن البرلماناتِ العربية تُعدُ التجسيد الحقيقيَ لإرادة الشعوب العربية، والممثل لطموحاتها والمعبر عن آمالها وتطلعاتها، وهي بذلك ركنٌ لا غنى عنه في منظومة العمل العربي. وتابع: "إن التهديدات التي تواجه دولنا الوطنية صارت تتعاظم كل يوم في حدتها، وتتصاعد في كثافتها وخطورتها، وهي تهديدات تضرب للأسف في كيان الدول، وتستهدف شرعيتها وبقاءها ككيانات سياسية موحدة ومستقرة، ولا شك أن الحُكم الرشيد، بمعناه الشامل، يُمثل الحصن الأهم في مواجهة هذه التهديدات الخطيرة، ذلك أنه السبيل الأوفق للحفاظ على علاقة سليمة وصحية بين الحُكام والمحكومين، وهي علاقةٌ تسير في طريقين، فيكون لدى الحُكام الفرصة للاستماع لآراء الناس والوقوف على رغباتهم وتصوراتهم عن المستقبل". وأشار أبو الغيط إلى أن العلاقة التبادلية هي من علامات الحُكم الرشيد، ومن مقومات الاستقرار الاجتماعي والسياسي، وما من شكٍ في أن إغفالها وتجاهلها أوصل بعضَ دولنا إلى ما نشهده للأسف من تفكك وتناحر واحتراب بعد أن انسدت قنوات الحوار والتواصل بين الحُكام والمحكومين، وساد بدلًا منها شعورٌ متبادل بالشكِ والريبة وانعدام الثقة. وأوضح أن البرلمانات والمجالس النيابية ركيزة أساسية من ركائز الدولة الوطنية الحديثة وهي ليست، ولا ينبغي أن تكون، مجرد مظهر ديكوري أو كيان تجميلي، فالمهام التمثيلية والتشريعية والرقابية، هي من صميم آليات الدولة الحديثة، وبدونها تصيرُ الدول أقل منعة وأكثر عرضةً للاضطراب، والأمرُ متروكٌ بالطبع لكل دولة لكي تجد الصيغة الأمثل لعمل هذه الآلية". وتابع: "اجتماع اليوم يكتسب أهمية خاصة كونه يُكرِس أعماله لبلورة رؤية عربية برلمانية شاملة لمواجهة التحديات الراهنة المُحدقة بالعالم العربي، وهي تحدياتٌ، وإن كانت تختلف من بلدٍ لآخر، إلا أن ثمة قواسم مُشتركة تجمع بينها، ولا أخفيكم أن الصورة – كما أراها- ليست بأي حال وردية، وأن التغيرات المُتسارعة في الإقليم والعالم تستدعي منّا جميعًا انتباها كاملًا ويقظة حقيقية وإرادة جماعية للتحرك والفعل".