تجلس على الأرض بجوار ابنها "القعيد"، تباشره من حين لآخر وتحاول جاهدة أن تتفهم ما يريده بلغته التي لا يفهمها أحد حتى هي نفسها. "أنا بالعافية لما بفهم منه هو عايز إيه ولو مفهمتوش بيضربني"، هكذا بدأت منى رجب السيدة الأربعينية التي تقطن بمنطقة سهل حمزة بمحافظة الجيزة، حديثها وهي تغالب دموعها حول "محمد وليد"، ابنها الأكبر ذي ال19 عامًا، المصاب بضمور كلي بخلايا المخ منذ ولادته، نتيجة خطأ طبي، جعله غير قادر على الحركة أو الكلام أو حتى الجلوس والنوم بمفرده، فهي تعينه على كل شيء بحياته اليومية من مأكل ومشرب ونوم واستحمام وخلافه. منذ ولادته وحتى اليوم، أرهقت منى قدميها وخارت عزيمتها ذهابًا إلى هذا الطبيب وذاك، والذين أجمعوا على أن حالته ميئوس منها، ولا علاج لها وعليها أن ترضى بقضاء الله، قائلة: "وأنا كل اللي عايزاه دلوقتي إن حد يشوفه، دكتور مخ وأعصاب يشوفه ويقولي هل فيه أمل أنه يمشي بس على رجليه، لأنه بيعتمد عليا في كل حاجة، كل حاجة أنا اللي بعملهاله". تشير منى إلى سلم منزلها الضيق جدًا والمتكسرة حوافه، قائلةً: "أنا كل يوم أشيله من الدور الثالث لحد تحت على السلم المكسر بيه ده علشان أقعد بيه قدام البيت لأنه بيزهق من القعدة لوحده في الشقة". زوجها يعمل سائق تاكسي باليومية، ولديها فتيان وبنت جميعهم بالمدارس، لذلك تناشد منى أصحاب القلوب الرحيمة من الأطباء، فحص حالة محمد وإخبارها عما به، وتريد أيضًا أن تزيد التأمينات المعاش الذي تعطيه لولدها والذي لا يزيد على 300 جنيه منذ فترة حتى هذه الأيام في ظل ارتفاع الأسعار، وطلباته الكثيرة من أكل وشرب، على حد قولها.