وزير التعليم: الهدف من الزيارات الميدانية متابعة الوضع على أرض الواقع    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    مصر تعمل على إعداد خريطة استثمارية وطنية شاملة خلال 3 أشهر    نتنياهو يعترف باعتقال آلاف الفلسطينيين وتصويرهم عراة بزعم "التأكد من عدم حملهم متفجرات" وينفي سياسة تجويع غزة    إيطاليا تطالب بوقف الحرب في غزة: الوضع لم يعد مقبولًا    الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف نار فوري ومستدام في غزة    هل يوقع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟    حسم الدوري.. التشكيل المتوقع لبيراميدز في مواجهة سيراميكا كليوباترا    780 الف طالب وطالبة يؤدون امتحان الدبلومات الفنية فى 2644 لجنة سير على مستوى الجمهورية    ضبط 220 كيلو حشيش و900 ألف قرص مخدر خلال يوم    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    بطعنة في الرقبة.. زوج يُنهي حياة زوجته بالشرقية    افتتاحات مرتقبة لقصور الثقافة في القاهرة وسوهاج وسيناء    ُصرف غدا.. شيخ الأزهر يوجّه بمنحة عاجلة لهذه الفئة    غدا.. انطلاق مؤتمر قصر العيني الطبي بمشاركة دولية واسعة لرسم مستقبل الابتكار الصحي"    وزارة العمل: تخريج دفعة جديدة من برنامج "همم مهنية" على صيانة المحمول    الأهلى يسلم درع الدورى لرابطة الأندية المحترفة    عبد الواحد السيد يتولى الاشراف على ناشئين الزمالك بشكل مؤقت    الزمالك يفقد خدمات الجفالي في نهائي كأس مصر    رئيس رابطة محترفي الاسكواش عن اعتزال علي فرج: كان سفيراً حقيقياً للرياضة    بايرن ميونخ دون صفقات قبل كأس العالم للأندية    رئيس مدينة رأس غارب يعقد اللقاء الدوري مع المواطنين لتلبية احتياجاتهم    الرئيس السيسى يتابع المُستجدات المُتعلقة ب"الرواد الرقميون" ودراسة توسيع قاعدة المستفيدين لإحداث نقلة نوعية في الكوادر المدربة بمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. ويوجه بالاستمرار في تنفيذ خطط التحول الرقمي    «المنشاوي» يفتتح تطوير الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط    «نقيب المعلمين» يكلف بدعم معلمة اعتدت عليها طالبة بالهرم    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    مبادرة "أنورت" تهدف لاستقبال ضيوف الرحمن والترحيب بهم فى جميع المنافذ البرية    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    مقطوعات من التراث العربي والفلسطيني فى افتتاح مهرجان روتردام للفيلم العربي    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    البنك المركزي النيوزيلاندي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس للمرة الثانية    دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية    الصحف العالمية اليوم.. ترامب يبعث رسالة تحذيرية ل نتنياهو بشأن محادثات ايران النووية.. "الخلاف الأول"إيلون ماسك يعلق علي قانون ضرائب ترامب..وعمدة لندن يدعو إلى إلغاء تجريم الماريجوانا جزئيًا..ومجتمع السود سببا    الهيئة العامة للتأمين الصحى توقّع اتفاق تعاون مع المركز الفرنسى للأورام «جوستاف روسى»    الصحة تنظم يوماً علمياً بمناسبة اليوم العالمى لمرض التصلب المتعدد لتعزيز الوعى    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    ما بين القاهرة وهلسنكى: الفنانات المصريات وهموم الإنسانية    إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة الحزام الأخضر ب 6 أكتوبر    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    60 نصيحة من دار الإفتاء لاغتنام أكبر ثواب فى العشر الأوائل من ذى الحجة    أول أيام ذي الحجة 2025.. كيف نستعد؟    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    "مخالفة وتصنع فتنة بين الجماهير".. خبير لوائح يفجر مفاجأة بشأن ما فعلته الرابطة    زيلينسكي يقترح عقد اجتماع ثلاثي مع ترامب وبوتين    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة بخطوات بسيطة    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    إعلام حوثي: الاحتلال الإسرائيلي شن 4 غارات على مدرج مطار صنعاء وطائرة للخطوط اليمنية    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة الحب التي جمعت شادية بمحفوظ
نشر في فيتو يوم 15 - 01 - 2017

بمناسبة اقتراب الاحتفال بعيد ميلادها خلال أيام (8 فبراير) لابد أن نسترجع تلك العلاقة الخاصة التي جمعت بين الفنانة الكبيرة شادية (متعها الله بالصحة) وأديب نوبل العظيم نجيب محفوظ باعتبارها نموذجا فريدا جمع الأدب والتمثيل بين قامتين شامختين واستثنائيتين في تاريخ هذا الإبداع.
والحقيقة أن العلاقة بين الفنانة شادية وأديب نوبل الكبير نجيب محفوظ لم تكن مجرد علاقة ممثلة بأديب عرف طريقه للسينما وخلدها وخلدته تماما مثل رواياته الأخرى التي لم تتحول لهذا الوسيط الجماهيري، وإنما يتجاوز الأمر إلى نوع خاص من الحب والإعجاب المبني على تقدير الكاتب الكبير لقيمة شادية وأدائها الدرامي المفعم بالتعبير والحيوية، وفي المقابل تقدير الفنانة الحساسة لدفئ سطور الأديب الكبير وصدقه البارع في معالجة موضوعاته وشخصياته.
وقد ترجم هذا الحب منذ أول مشهد جمع شادية بسطور نجيب محفوظ في فيلمي «زقاق المدق» لحسن الإمام و«اللص والكلاب» لكمال الشيخ عام 1963 لتتوالى في «الطريق» لحسام الدين مصطفى و«ميرامار» 1969 لكمال الشيخ أيضًا، وأخيرًا قصة كتبها لها خصيصا للسينما بعنوان «ذات الوجهين» ليصبح مجموع ما قدمته شادية لمحفوظ 5 شخصيات مع 3 مخرجين ينتمون لمدارس سينمائية مختلفة.
ورغم اختلاف المخرجين وتنوع الروايات يظل هذا الخيط المشدود بين الأديب والممثلة التي قال عنها محفوظ بعد زقاق المدق «شادية جعلتني أشاهد (حميدة) على الشاشة.. لقد كنت أشعر بكل خلجة من خلجات حميدة متجسدة أمامي، وشعرت لأول مرة أن الشخصية التي رسمتها على الورق نجحت في الخروج منه وأصبحت شخصية حقيقية من لحم ودم تتحرك أمامي على الشاشة، وكانت (حميدة) في «زقاق المدق» صورة لقدرة فائقة لا أتصور غيرها قادرا على الإتيان بها».
وفي هذا الفيلم الذي يرصد الواقع المصرى خلال الحرب العالمية الثانية نرى حميدة المتمردة الجانحة يتيمة ممتلئة بالغرور والطموح والجرأة في مواجهة الأمور الصعبة، وصفها نجيب محفوظ بأنها تتعمد إبراز مفاتن خطوط جسدها المستديرة لتستر عيوب ملابسها الفقيرة وهي كما يقول غالي شكري.. لم يعرف الحب طريقا لقلبها، هي تعشق المال.. المال فقط ... هو القوة وهو النفوذ.. كل شيء.. وعندما فاتحها عباس الحلو بشأن الزواج لم تغلق الباب في وجهه، فهو الوحيد المناسب لها على الأقل مرحليا، قبل أن تلتقى مع القواد وتسلك طريقها البائس.. شخصية أدتها شادية بنفس المهارة والفهم ولم تغفل البعد النفسي لها.
في الرواية الثانية لشادية مع نجيب محفوظ «اللص والكلاب» نرى شخصية (نور) امرأة تمتهن الدعارة وتقدم الدعم والعون لسعيد مهران إلى حد المخاطرة بحياتها، فهي الخلاص الآمن لسعيد قبل أن تصبح عاملا معاكسا بغيابها الذي عجل بنهايته، إنها الواحة التي تمنحه فيضانا من الرحمة والحب والأمان.. ولذا منحته كل شيء وحمته من الشرطة ومن الرغبة في الانتقام ومن نفسه، ولم يقدم لها شيئا في المقابل.
هنا لم نر عاهرة تقليدية على نحو حسي معتاد وإنما نحن بصدد امرأة أحبت وهي مستعدة للتضحية حتى بحياتها مقابل إسعاد الرجل الذي ملأ عليها كل حواسها.. هي ضعيفة نعم.. مستسلمة لظروفها ربما.. لكنها في النهاية ضحية لمجتمع يحاصره العفن وترتع فيه الرذيلة.. نموذج مختلف لحميدة المتمردة القاسية الطموحة، ولكنها تبقى بمثابة النور مثل (اسمها) للحبيب الذي ضل الطريق.
وحين نصل لشادية في فيلم «الطريق» نراها تشبه حميدة من حيث العمق فهي جامحة، مثيرة وطموحة أيضا، إنها (كريمة) حتى في الجنس ناضجة، جميلة، متزوجة من صاحب فندق عجوز، تأملها وهي تحيك بعض الثياب على سلم الفندق لحظة وصول صابر الممتلئ بالشباب والحيوية وكيف تتفحصه بطرف عينها وهو يصعد سلم الفندق قبل أن تستدير بحسرة ناحية الزوج العجوز الذي يسعل بشدة ويكاد تخرج أنفاسه خلف مكتب الاستقبال.. مزيج من الحسرة الذي يمهد لرغبة جامحة بعد ذلك.. إنها الأنثي الذكية التي تعرف متى تمنح ومتى تتمنع حتى تدفع الفريسة الذي ظن أنه ذئب إلى قتل زوجها العجوز.. وكأسلوب شادية المعتاد في الأداء سوف نراها تستخدم نظرات عينيها بكل الأشكال والأوضاع دون انفعالات جسدية مبالغة لتوصيل المطلوب.. نظرات تلغرافية وأداء رصين يتغلغل كالسحر.. وهكذا قادت صابر لمصيره ومصيرها التراجيدي في إطار لعبة محفوظ القدرية الوجودية التي تشبه اسم روايته «عبث الأقدار».
أما شخصية (زهرة) في فيلم «ميرامار» فهي الفتاة التي جاءت إلى الإسكندرية هاربة من بلدتها لرفضها الزواج من عجوز غني ضغطت عليها أسرتها للزواج منه، ولكن زهرة الشخصية القوية وصاحبة الإرادة رفضت ذلك وهربت إلى الإسكندرية وعاشت في بنسيون ميرامار.. حيث يتصارع عليها نزلاء «البنسيون» الخمسة.. إنها نموذج نسائي مشدود إلى الإيجاب رغم قتامة الواقع الاجتماعي، وتقلص مساحات الحراك الاجتماعي وقد حاولت شادية بكل طاقتها أن تحافظ على التوازن بين وضعها البسيط كعاملة في البنسيون من ناحية، وفى ذات الوقت، الارتباط بالحلم الكلاسيكي في الاستقرار وربما الحب ولكن دون أن تفقد كرامتها وطموحها في التعلم السريع.. هنا نلمح شكلا آخر لامرأة جادة.. محترمة.. غير عابثة.. طموحة في حدود القيم والفضيلة.. وهي في أدائها هادئة كالبركان الذي ينتظر اللحظة المناسبة ليلقن من حوله الدروس والعبر.
وبدوره قال عنها نجيب محفوظ أن «شادية أكثر الفنانات اللاتي نجحن في تقديم روح الشخصيات التي كتبتها في الروايات على الشاشة الكبيرة».
وأضاف: «هي كذلك أيضا في غير أعمالي فقد رأيتها في بداياتها في دور الأم المطحونة المضحية في فيلم «المرأة المجهولة» وتصورت أن بمقدورها الحصول على جائزة الأوسكار العالمية في التمثيل لو تقدمت إليها».
وربما تكون شادية هي الوحيدة التي قال عنها محفوظ في حوار إذاعي: «شادية استطاعت أن تعطي سطوري في رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي إلى الشكل السينمائي».
وربما لهذا السبب كتب لها فيلم بعنوان «ذات الوجهين» خصيصا للسينما وأخرجه حسام الدين مصطفى عام 1973 وتقدم فيه شادية شخصية كريمة تعيش مع زوجها قدري وابنتها إلهام حياة سعيدة ومستقرة، ولكنها في الأيام القمرية تتبدل شخصيتها فتتحول إلى شخصية بدوية بسبب محاولة رجل اغتصابها في ليلة شبيهة.. والفيلم من النوع التجاري الذي لم يحقق نجاحا رغم مناقشته موضوع ازدواج الشخصية ذي البعد النفسي المركب، ولكنه يكشف عن إعجاب نجيب محفوظ الشديد بشادية الذي أوقعه في هوى أدائها التمثيلي من أول مشهد مثلما وقعت هي في هوى سطور رواياته من أول صفحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.