سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحية عبد الناصر تكشف الوجه الآخر ل«الزعيم».. نيران الحب تجمع بين الاثنين من النظرة الأولى.. تاريخ اللقاء أول ما كتبه «جمال» على «الدبلة».. و«رايح فين» أول أسئلة السيدة الأولى ليلة ثورة يوليو
كلمات دافئة، ومشاعر فياضة، مرت على السيدة تحية كاظم، زوجة زعيم مصر الراحل جمال عبد الناصر، تتذكر خلالها رحلة حياة، امتلأت بالأحداث والمواقف الصعبة، لحظات نصر، ولحظات انهزام، أوقات فرح، وأخرى هزيمة، كانت خلالها الرفيق والسند، وخير معين لزوجها على المؤامرات والمشكلات التي واجهها، جعلتها شاهدة على أحداث عظام، مرت على الوطن. حب من أول نظرة علاقة طيبة تجمع بين عائلتين، وتبادل للزيارات، كانت البداية للقاء تحية وعبد الناصر في منزلها، برفقة عمه وزوجته، وبمرور الوقت، شعر بأنه وجد الشريكة الأنسب لمواصلة رحلته برفقتها، فطلب من عمه وزوجته طلبها للخطبة، ولكن الأمور لم تسر على ما يرام؛ لأن أخاها كان يرى أن شقيقتهم الكبرى لم تتزوج بعد، فلا يجوز أن تتخطاها. ولكن لم تمر سنة، حتى تزوجت شقيقتها، فأقبل عبد الناصر على طلب خطبتها مرة أخرى، وتقول تحية في مذكراتها «ذكريات معه»: «أقام أخي حفلة عشاء.. دعونا أقاربنا، وحضر والده، وطبعا عمه وزوجته، وألبسني الدبلة، وقال لي: إنه كتب التاريخ يوم 14 يناير.. وكان يقصد أول يوم أتى لزيارتي». فترة الخطوبة تؤكد تحية أن زوجها لم يكن يحب الخروج إلى أي مكان دون هدف محدد، بل كان يفضل الذهاب للسينما والمسرح، وبالأخص مسرح الريحاني، وعبرت عن ذلك بأنه «لا يضيع وقته هباء بدون عمل شيء»، ثم يعودان إلى منزلها، ويتناولان العشاء برفقة أخيها، حتى 29 يونيو 1944، عندما أقام أخوها حفلة الزفاف. وكان عبد الناصر يشعر بأن شقيق تحية يُملي عليه الشروط اللازمة، حتى يتم الزواج، ولكنه تقبل ذلك رغم طبيعته العنيدة، حتى روت السيدة تحية، بأنه في إحدى المرات عند جلوسهم على السفرة وقت الغداء، قال الرئيس لأولاده، وهو يضحك: «الوحيد في العالم الذي أملى عليّ شروطا وقبلتها هو عبد الحميد كاظم». عبد الناصر المنظم تحكي تحية عن حياة عبد الناصر داخل المنزل، وتقول: «كان منظما في كل شيء، ولا يحب أن يساعده أحد في لبسه، وكان عند رجوعه إلى البيت يخلع البدلة، ويعلقها بنفسه على الشماعة، ويضعها في الدولاب، وكنت دائما أبدي رغبتي في مساعدته، ولكنه لم يقبل ذلك أبدا». ولادة هدى في وقت متأخر من الليل، شعرت تحية بآلام الحمل، وأعراض الوضع، فأخذها عبد الناصر على الفور إلى مستشفى طبيب مشهور، كان يشرف على حالتها، وظل زوجها في المستشفى دون أن يخبر أحدا، حتى أتمت ولادة هدى، في 12 يناير 1946، وبعد الاطمئنان عليها، قال لها: «سأخبر شقيقك بالتليفون، ثم أذهب للبيت لأنام». وبعد أن شرفت المولودة الجديدة منزل عبد الناصر، اشتعلت مشاعر الأبوة بداخله، كان يداعب هدى كثيرا، ويحملها ويدخلها للضيوف لدقائق. لمحة إنسانية للزعيم وفي لمحة تظهر الجانب الآخر لشخصية عبد الناصر، علم بمرض عبد الحميد شقيق تحية ب«الدرن»، وظل ماكثا في منزله لشدة المرض عليه، وكان بمفرده، ولا يمر عليه شقيقهم الثاني إلا على فترات متباعدة، ولم تقدر تحية على مراعاته؛ نظرا لحملها الثاني، فتحمل الزعيم على عاتقه تلك المهمة. وكانت تسأله عن أحوال أخيها بعد كل زيارة، فيجيبها: «مكثت معه نتحدث، واطمأننت عليه»، فتعبر عن استيائه من موقف أقاربه، الذين يكتفون بالمرور عليه عندما يتذكرون، وذلك من على باب الحجرة، فيعلق عبد الناصر: «إزاي واحد يخاف من مريض يعديه بالمرض! أنا عمري ما خفت ولا فكرت في عدوى من مريض، إنه شيء غير إنساني»، لذلك بعدما تحسنت حالة أخيها الصحية، قال لإخوته وأقاربه: «أكثر واحد في الدنيا أحبه وأقدره هو جمال عبد الناصر.. إنه أكبر إنسان قابلته في حياتي، وأحبه أكثر منكم». رايح فين! كلمة «رايح فين»، تقول السيدة تحية: إنها استخدمتها لأول مرة عندما رأت عبد الناصر ليلة ثورة 1952، لم ينم ليومين متواصلين، وفجأة غسل وجهه، وفتح الدولاب، وأخرج البدلة العسكرية وارتداها، ولكنه لم يرد فأثار قلقها، فقال لها: «أنا لم أكمل تصحيح أوراق كلية أركان حرب، ويجب أن أنتهي من تصحيحها، وغدا تكون كلها كاملة التصحيح». ومضى اليوم، وعلمت أن الثورة حققت غرضها، وفي اليوم التالي في الساعة العاشرة مساء، حضر جمال إلى المنزل، وقال لها: «سأبقى ساعتين فقط، وأرجع إلى القيادة». الحياة في القصور بعدما تولى عبد الناصر الرئاسة، لم يكن يرحب بالمكوث في قصر الطاهرة؛ لأنه لم يشعر بالراحة فيه، وقال: «لا أحب القصور ولا الحياة في القصور»، ولذلك جرت تعديلات على بيتهم بمنشية البكري، وتم الترتيب على أن يكون الدور الأول للمكتب، وعدد 2 صالون وحجرة سفرة، والدور الثاني لحجرات النوم والمكتب للأولاد وصالة وحجرة سفرة ملحقة بالمدخل. مشهد النهاية وفي لحظات قاسية، كان الطبيب الاختصاصي ومجموعة من الأطباء الآخرون، يتابعون حالة عبد الناصر في حجرته، ووجدت محمد حسنين هيكل وحسين الشافعي وأنور السادات قد حضروا، ودخلوا إلى حجرته، ثم خرجوا ونزلوا عبر السلالم بسرعة، وكانت تحية تقف في الخارج، وتردد: «جمال.. جمال»، إلى أن علمت بوفاته، ونزلت عبر السلالم، وقالت للجميع: «لقد عشت ثمانية عشر عاما لم تهزني رئاسة الجمهورية ولا زوجة رئيس الجمهورية، وسوف لا أطلب منكم أي شيء أبدا.. أريد أن يجهز لي مكان بجوار الرئيس؛ لأكون بجانبه.. وكل ما أرجوه أن أرقد بجواره».