ناقش عدد كبير من قادة الفكر والثقافة والدين أوضاع حرية الأدب والفكر بمصر في أولى ندوات صالون الأهرام الثقافي بمؤسسة الأهرام. جاء ذلك خلال تدشين الصالون في ذكرى صدور جريدة الأهرام وظهورها للنور في مثل ذلك اليوم 27 ديسمبر من عام 1875. "قضايا الصالون" واعتبر الكاتب "السيد ياسين" صالون الأهرام مواصلة لما تقوم به المؤسسة من نشر للفكر والثقافة، موضحا أن اللقاءات الثقافية مع وفود عربية لبنانية وأردنية شجعت على إقامة الصالون في هذه المرحلة. وأعلن ياسين عن تصوراته لخطة الصالون في الفترة المقبلة قائلا إنه لا بد من اتباع المنهجية التحليلية في تحليل الوضع الثقافي للظاهرة السياسية إلى جانب العودة إلى الحقب التاريخية ودراستها. وأضاف ياسين "علينا أن نسأل أنفسنا ما المشكلات المطروحة في الدائرة العالمية والإقليمية وداخل مصر، مشيرا إلى أن الدائرة العالمية والإقليمية والمحلية ضاقت المسافة الآن بفضل عصر ما بعد العولمة. كما أوضح أن معيار اختيار المشكلات التي تناقش في الصالون ينبغي أن ينطلق من حداثتها، فلدينا مشكلات الصراع الحضاري وكذلك انهيار الدول بعد 25 يناير مثل ليبيا وسوريا إلى جانب الإرهاب الذي أصبح فكره طائرة في الهواء وليست حكرا على تنظيم. "عمق الفجوة الطبقية والثقافية" وفي لقطة طريفة بين السيد ياسين وحلمى النمنم، أشار ياسين إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في مصر، متسائلا عن هوية من يقدرون على شراء شاليه ب10 ملايين جنيه كما في إعلانات الأهرام، فأوضح النمنم أن 10 ملايين تكون للشاليه البعيد عن البحر بينما يصل سعر المطل على البحر إلى 50 مليونا. وطالب الكاتب صلاح فضل صالون الأهرام بالبدء من نقطة تمثل بؤرة الإشكالية في مصر موضحا أن ثورة يناير كشفت عن فجوة كبيرة بين نخبة تتداول أفكار ثقافية وملايين من الناس تعيش في عالم آخر مسحورين بلون يختزل كل شيء في الدين أي "فجوة بين المدنية والعصبية في الدين". حيث اقترح أن تكون قضية التعليم من أولويات قضايا الصالون وأشار إلى أن ازدواجية التعليم ما بين التعليم الدينى والمدنى والأجنبي لا توجد إلا في مصر، موكدًا أنه لا حاجة إلى كل هذه المعاهد الدينية ولكننا بحاجة إلى كليات متخصصة اللاهوت. "حرية الإبداع" وتابع فضل حول موضوع أولى ندوات الصالون التي ناقشت حرية الفكر والإبداع أن مجموعة المثقفين اجتمعوا عام 2010 وتوصلوا إلى صياغة وثيقة عن الحريات وأعلنت في مؤسسة الأزهر لكنها لم تنفذ وكانت تنص على ضمان الحرية الكاملة في العقيدة وحرية الرأي والتعبير وحرية العلم، مضيفا أنه لا معنى على الإطلاق من بقاء قوانين مثل خدش الحياء وازدراء الأديان. وأكد فضل على أن العلم لا يعيش ولا يزدهر إلا بمناخ الحرية المسئولة أو المنضبطة وأن التابوهات الثلاثة تساقطت في المرحلة الأخيرة بعد أن كانت قيود على الإبداع، كما أن كتب التراث وصلت إلى أعلى سقف من الحرية خصوصا الجنسية على الجانب الآخر اعترض نقيب الصحفيين السابق مكرم محمد أحمد على اقتراحات بعض الكتاب مناهج لإدارة الصالون، مضيفا أنه لا يُوجَد شخص لديه حلول لكل المشكلات، كما أن ما يوجع المثقف المصرى الآن هو حرية الإبداع، مطالبا بتوجيه الاهتمام بثقافة الطفل والنشء. "مواجهة التطرّف بالفكر والثقافة" أما الدكتور جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة فطالب بعدم تضخيم دور الصالون والاعتقاد بأنه سيحل جميع مشكلات مصر لأن ذلك يمكنه أن يؤيد فكرة الصالون، موضحا أهمية طرح التساؤل العملي على الصالون والبدء بحلول صغيرة وأضاف جابر أننا سنواجه التطرّف ببناء المسارح ونشر الفنون والثقافة. وقال الدكتور بكر ذكى عواد عميد كلية أصول الدين السابق إنه لابد أن نأتى بكل ما قاله التيار السلفي ثم نكتب كتابة علمية نصحح بها ادعاءات هذا التيار ونحصن بها شبابنا. وأشار عوّاد إلى أهمية التفريق بين المؤسسة "الأزهر أو الكنسية" أي كانت من حيث الاحترام والتقدير لها وبين من القائمون بأعمال المؤسسة ممن يخفقون أحيانًا. واقترح الأسقف العام الأنبا إرميا أن تتبنى الأهرام تقديم القواسم المشتركة بين الأديان للأطفال والشباب في المدارس والجامعات، حيث اعتبر الأهرام هي الهرم الرابع لمصر، وتابع أن إصلاح المنظمومة في مصر يبدأ من النشء وإعطائهم معلومات سليمة. "اقتراحات للصالون" وقال الكاتب صلاح منتصر إن مصر لم تعان فقرا في الثقافة كما هو الآن رغم كثرة المطبوعات اليومية والقنوات التليفزيونية، واقترح أن تتولى لجنة تسيير أعمال الصالون وأن يحدد الموضوع الذي يتم مناقشته مسبقًا إلى جانب تحديد موعد ثابت وأن يكون هناك ركنا للشباب وموقعا إلكترونيا للتواصل مع الشباب بالإضافة إلى ملحق للصالون بجريدة الأهرام.