فضل : الإبداع لا يحتاج لوصاية حكومية أو دينية فضل : عصر الإسلام السياسى انتهى بسقوط الأخوان حسن : اليابان تعمل و نحن نغنى .. و البشر أكبر معوق للاستراتيجية الثقافية مفتاح : انتقاد المسئولين لن يغير من شئ أبو العلا : من خربوا الثقافة فى العالم العربى يجب محاكمتهم "نحو استراتيجية فاعلة للثقافة المصرية " بهذا العنوان افتتحت اللجنة الثقافية باتحاد كتاب مصر برئاسة الناقد ربيع مفتاح أولى ندواتها ، بمشاركة الناقد د. صلاح فضل ، و الناقد د. عبد الناصر حسن ، فى حين تغيب الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب بسبب اجتماع رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب برؤساء النقابات. داخل الندوة تم توزيع " استمارة مشاركة " على الحضور ليشاركوا فى صياغة الاسترايجية الثقافية ، و تطرح الاستمارة أربع أسئلة هى ، هل يوجد فى مصر استراتيجية ثقافية ؟ و إذا كانت موجودة فهل هى مؤثرة ؟ و كثير من المفكرين و الكتاب يقولون أن أزمة مصر الحقيقية و الأساسية هى أزمة وعى و ثقافة ، هل تتفق ، و ما اقتراحاتك لحل هذة الأزمة ؟ ، و هل نحن فى حاجة الى استرايجية ثقافية جديدة ؟ و ما هى أهم المحاور التى يمكن أن ترتكز عليها ؟ ، معدلات القراءة فى مصر طبقا للإحصائيات المحلية و الدولية من أقل المعدلات ، ما هى اقتراحاتك لحل هذه الأزمة ؟ و شدد ربيع مفتاح أن هذة ليست جلسة سمر و لكنها قضية محورية ، و أنهم سيعقدون سلسلة من الندوات فى هذا الشان ستتضمن مبدعين و كتاب و مسئولين ثقافيين ، و أن المشاركة للجميع فى الاقتراحات و ليس فقط الضيوف لصياغة ميثاق ثقافى ،معقبا أن لوم أى مسئولين ثقافيين سابقين أو حاليين لن يفيدنا فى شئ ، لافتا أنه سيتم تكوين مجموعات عمل و إصدار كتاب يحوى كافة المقترحات فى نهاية النقاشات . و أكد مفتاح أن قضية مصر المحورية هى الثقافة ، و على الشعب و الإعلام و الحكومة و الأحزاب تبنيها ، و تصبح فى قمة أولوياتنا مثل قضايا الخبز و الحرية و الطاقة ، مشيرا أنه ليس لدينا تجانس ثقافى ، و أننا فى حاجة لأن نتجه لكل شارع و حارة بعيدا عن النخبوية . و عن معوقات التمويل لاستراتيجيات قال مفتاح ضاربا مثال بميزانية قصور الثقافة و التى تبلغ 273 مليون جنيه ، 90 % أجور و مرتبات و 3 مليون جنيه فقط للنشاط الثقافى ،و ان وزارة الثقافة بها 34 ألف موظف ، 17 ألف منهم فى قصور الثقافة . استراتيجية الثقافة فى حديثه قال د. صلاح فضل أن نكسة المرأة تزامنت مع الصحوة الدينية لتمثل ردة حقيقية ، و أكد فضل على أنه يؤمن بالفكر الدينى المستنير الذى يمثله الإمام محمد عبده ، و الفكر التنويرى الذى دعا إليه قاسم أمين . و استرجع فضل حديثه مع نجيب محفوظ عندما سأله هل لو جاء إلى الحكم تيار إسلامى هل يرضى بذلك و هو صاحب الفكر الليبرالى و المؤيد لحزب الوفد ،فرد عليه محفوظ قائلا : الديمقراطية تستحق كل تضحية حتى لو كان ذلك بغلبة التيار الدينى . و قال فضل أن صدمته الشخصية كانت قوية عندما ظفرت التيارت الإسلامية ب 70 % من أصوات الناس فى الانتخابات الأولى ، متخوفا أن العقل المصرى انحرف عن مساره ، و من هنا فعلينا أن نصيغ استراتيجية جديدة للثقافة . " الانفصام فى العقل الذى يتجلى فى المستويات التعليمية المختلفة " هى أول مشكلة يجب أن تعالجها استراتيجية الثقافة كما قال الناقد د. صلاح فضل ، فمصر هى البلد الوحيدة التى ينقسم طلبتها على مدارس دينية و مدارس مدنية و مدارس أجنبية ، لافتا أن التعليم فى المدارس الدينية و المدنية فى منتهى السوء و متوسط الجودة فى الأجنبية و الخاصة ، مما يؤثر على تكوين العقل و الوجدان المصرى . و اقترح فضل بتوحيد التعليم و تقارب المناهج حتى المدرسة الثانوية للقضاء على هذا الانفصام . "الثقافة ليست فرع واحد" ، هذا الأمر الثانى الذى يجب التركيز عليه فى الاستراتيجية كما أشار فضل ،قائلا أن الشعر و السرد و الكتابة الأدبية و المسرح و السينما و الموسيقى و الآداب و الفنون الرقمية و التعبيرية الجديدة تقع ضمن الثقافة ، و أن المسرح و السينما فى حالة تدهور شديدة و لا تستقيم الثقافة بهذا الشكل . و أضاف فضل أن حرية الإبداع هامة و لا يجب التفريط فيها ، و إذا تنازلنا و لو قليلا فلن نستطيع سوى أن نخضع للوصايات و الرقابات ممن يدعو الحرص على القيم الدينية و الإجتماعية ، مهاجما مصادرة أو وقف أى كتاب أو فيلم أو مسرحية ، حتى فن الرقص يعد من الفنون الحركية الهامة و يجب احترامها ، كما أوصى فضل بالحرية للإبداع العلمى . و أكد فضل أننا لسنا فى حاجة لوصاية حكومية أو دينية ، حتى لا ينخفض سقف الإبداع ،و أن عقوبة المبدع الردئ هو انصراف الناس عنه دون حاجة لرقابة أو وصاية . وواصل : لدينا ثروة ثقافية حقيقية ، و مع ذلك تمتلئ قنواتنا بالتفاهات ، لذا أوصى فضل بدمج وزارتى الثقافة و الإعلام ، لتوظيف الإعلام ثقافيا و فنيا بشكل جيد ، و هذا الأمر الثالث الذى يجب أن تهتم به الاستراتيجية . " الغدة الدينية " هو عنوان المقال الممنوع للناقد صلاح فضل بجريدة الأهرام ، و قال فضل أن غدد الجسد بها ولع بالدين و المعارف و العلوم و الحضارة ، و أن التوزان يجعل الأمور تستقيم ، و لكن عندما تتضخم الغدة الدينية تصبح غدة سرطانية ، و أن عصر الإسلام السياسى انتهى فى الوطن العربى بعد سقوط الأخوان فى مصر ، فبمنع النظرة الوحدوية يستقيم الجسد المصرى . "مصر تحمل مسئولية الأمة العربية" هذا ما أكده فضل قائلا أن هذا قدر مصر ، حتى لا يحولون دون تقدمها ، مشيرا أن مصر لن تقود صحوة حضارية و ثقافية دون أن تلاحم بشرى و ازدهار فى الفنون و الآداب . معوقات الثقافة من جانبه قال د. عبد الناصر حسن رئيس دار الكتب و الوثائق المصرية ، أن فى وزارة الثقافة خطط استراتيجية كاملة ، و تحدث عنها الكثير من الكتاب كالسيد ياسين ، و أن بتغيير الوزارات تلقى خطة وراء الأخرى بداخل الأدراج ، فوضع الاسترايجية ليس مشكلة و موجود منذ الستينيات و كل فترة يدخل عليها المزيد من التطوير ، و لكن المشكلة الحقيقية فى التنفيذ ،و عن المعوقات قال حسن أن التمويل غير كافى لتنفيذ هذة التصورات . و تابع أننا نعنى من تجريف التعليم المصرى من أربعون عاما ، مقترحا تكوين مجموعات عمل بين الأوقاف و التعليم و الثقافة ، مستنكرا انفصال الثقافة عن التعليم ، مؤكدا أن النماذج الأدبية التى يختارها الموجهون فى التعليم منفرة . و قال حسن أن العنصر البشرى أكبر معوق لتنفيذ الاستراتيجيات الثقافية ، لغياب " ثقافة العمل الجماعى " ، و عدم وجود وعى بأهمية الوثيقة أمام الثقافة الشفاهية ، و تقديس الذات المفردة ، و العداوة بين الآنا و الآخر ،و عدم تقدير قيمة الوقت ،و الاحباط الذى يؤثر على الطموح ، و التفكير العاطفى الذى يؤدى للمبالغات ، و ثقافة الكذب و مدعى الثقافة، و تصنيف الآخر ، و سرعة التصديق و الانقياد وراء الآخرين . كما استنكر حسن أننا من أكثر الدول غناءا لوطنها ، فى حين دولة كاليابان من أكثر الدول بناءا و عملا حبا فى الوطن . و انتقد أحد مقررى لجنة الثقافة الناقد أحمد عبد الرازق أبو العلا ، جملة ربيع مفتاح بعدم لوم المسئولين ، قائلا أن من خربوا الثقافة فى العالم العربى يجب محاكمتهم ، و أن الكثير من الجرائم ارتكبت تحت عبارة النخبة المثقفة ، مؤكدا أنه ليس هناك ما يسمى بالنخبة المثقفة ، قائلا : لو كان لدينا نخبة ما عانينا من انتكاسة ثقافية بعد ثورتان ، و من حقنا أن ندين الوزير الحالى الذى لم يفعل أى شئ للثقافة ، مضيفا : إن كان المسئول متقاعسا فعلى المثقف وضع الاستراتيجية و فرضها عليه و إن لم ينفذها يحاسب .