بمناسبة اليوم الدولى للغجر 8 إبريل من كل عام تعيد "فيتو" نشر جزء من كتاب الكاتب أنيس منصور(نحن أولاد الغجر) وهذا الجزء بعنوان " كلنا أولاد الغجر " تربطنى بجماعات الغجر صلة وثيقة منذ الطفولة، عندما هربت إلى الغجر هربًا من أسرتى، فقد كانت أمى رحمها الله تضربنى كثيراً، ومعها حق، وهى قصة طويلة، ولى كتاب اسمه «نحن أولاد الغجر»، فقد وجدت شبها قويا بينى وبين الغجر، بين المشتغلين بالفلسفة والرهبان والعلماء، فنحن جميعا نعيش فى عزلة اخترناها، فى صوامعنا ومعاملنا وغرفنا الصغيرة، نحن الذين فرضنا العزلة والإنطواء والغربة والاغتراب على أنفسنا. والغجر مثلنا، لولا أنهم لم يختاروا الغربة، وإنما هو المجتمع الذى نبذهم ونفاهم جميعًا ووضعهم على الحافة بين القانون والخروج عليه. فهناك نوعان من التشرد، أن يجد الإنسان نفسه مشردًا بلا مأوى ولا سكن ولا أهل ولا احترام من أحد أو لأحد، ومن يختار أن يعيش مشردًا حرًا، فالمشردون أكثر حرية، فلا بيت ولا سكن ولا أهل ولا جدران ولا سقف، وعددهم فى الدنيا مائة مليون، ولو أضفنا إليهم الذين يعيشون كأنهم مشردون لصار عددهم ألف مليون! قد عرف العرب الشعراء الصعاليك المشردين الذين يعيشون فى الصحارى على ما ينهبون ويسرقون. وعدد من الصعاليك أصحاب مواهب شعرية فذة، ولكنهم اختاروا أن يكونوا أعداء للمجتمع حتى لو لم يكن المجتمع معاديا لهم. والأديب الفرنسى جان جينيه: صعلوك مشرد لص، وعندما اعتقله البوليس ثم سجنه، قامت مظاهرة يتقدمها الفلاسفة والشعراء والفيلسوف الوجودى سارتر، يطلبون له الرحمة لأنه لا خوف منه ولا ضرر، وإنما هو روح متمردة ثائرة ساخطة وصاحب موهبة عظيمة، إنه متشرد باختياره، وهو لقيط باعترافه، وغجرى بإرادته. عندما ذهبت إلى بلاد التشيك بعد انفصالها عن تشيكوسلوفاكيا سألت عن هؤلاء؟ قالوا «الغجر» وأسعدنى ما رأيت وكأننى وجدت ضالتى بين الناس، هؤلاء غجر بالضرورة وليسوا غجرًا بالاختيار، ودون أن أفكر تسللت بينهم وطلبت من يصورنى معهم، فملامحهم شرقية مصرية آسيوية هندية. يقال إن الغجر من مصر ويقال من الهند، ويقال إنهم مجموعة يتنقلون بين القارات، وعددهم فى أوروبا خمسة ملايين، يرفضون أن تكون لهم جنسية، وإنما يظلون هكذا فارين هاربين ملعونين من كل الناس، والتقطوا لى صورة أسعدتنى. وعندم عدت إلى الفندق وجدتهم قد سرقوا حافظتى وجواز السفر، ولم أضحك، فهى عقوبة استحقها. ولما سئل الغجر لماذا يسرقون؟ فكان جوابهم - هكذا تقول مورثاتهم الشعبية: إننا كنا عند صلب المسيح فسرق جدنا الأكبر أحد المسامير التى كان يجب أن تدق فى جسد المسيح، فخففنا عنه الألم، فقال لنا: افعلوا فى دنياكم ما شئتم فقد عفوت عنكم، ومن يومها ونحن نسرق، فلا عقوبة لنا يوم القيامة!