تعتمد التنظيمات الإرهابية على دائرة معقدة ومتشابكة من الدوائر المتخصصة، فلا تترك أمرًا للظروف أو للصدفة فهى تضع إستراتيجية لحمايتها وضمان استمراريتها في المقام الأول لا لحماية أفرادها، وحسب اعترافات عدد كبير من الجواسيس الذين تواجدوا داخل صفوف تنظيم داعش الإرهابى فإن استمرار التنظيم أولوية لدى الجميع وذلك يكون الدرس الأول للمنضمين الجدد. ويمر «الانتحاري» بعدة مراحل يأتى على رأسها "الاختيار"، وتعتمد الجماعات الإرهابية على هؤلاء ممن فقدوا بريق الحياة في عيونهم ونسوا أن الله خلقنا مخيرين في كافة شئون حياتنا وظنوا أنهم مسيرون لخدمة الدين بالقتل وسفك الدماء والقضاء على "الآخر" فهؤلاء ممن يسهل تطويع عقولهم حسب أهداف الجماعات الإرهابية واعتقادهم الشديد بأن الطريق إلى جنة الخلد يجب أن يكون ممهدا بالجثث والأشلاء فداء لدينهم ونبيهم. وحسب المعلومات المتوافرة، يعد الصغار هم الأكثر استهدافا لأنهم "مسيرون لا مخيرون"، ويتم إجراء غسيل أدمغة لهم، وإنتاج أيديولوجية جديدة تدفعهم إلى الاستغناء عن الحياة والذهاب بعقولهم إلى ما بعد الحياة من نعيم، خاصة هؤلاء ممن فقدوا آباءهم فإنهم يوعدون بأن يجمع شملهم مرة أخرى مع عائلاتهم في جنة الخلد حيث تتوافر فيهم كافة متطلبات الانتحاري. في حال عدم وجود صغار يتم الاعتماد على الشباب الأكثر نضجا ما بين 20 - 35 عاما، ويتم التركيز على هؤلاء ممن لديهم أمراض مزمنة أو أمراض ستودى بحياتهم عاجلا أم أجلا، لذا يتم تحفيزهم على أن يتحولوا لانتحاريين نظرا لعدم قدرة التنظيم على الاعتماد عليهم في المعارك التي يخوضونها، هذا بجانب اللعب على وتر "العوز" واحتياجهم للمال من أجل إعالة أسرهم وهو ما يتعهد به التنظيم أو الجماعة في حال تنفيذهم للعملية. ويمر المتطوع للانتحار بمراحل عدة، على رأسها عزله عن باقى المقاتلين فلا يحتك بهم ولا يشاركهم الاجتماعات أو الدروس الدينية أو المعارك التي يخوضونها في بدء التجنيد والإعداد، خوفا من أن يستهويه الأمر، أو يعرف الخوف طريقا إلى نفسه. كما يتم إعداد "دورة شرعية" مكثفة تبدأ وتنتهى في 4 أشهر، يشار في تلك الدورة الشرعية المكثفة إلى حلم "الجنة ونعيمها" إلى ثواب الموت في سبيل الله ويتم الاستناد إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعم وجهة نظرهم، حتى يتهيأ نفسيًا ويكون على استعداد من الناحية النفسية بدعم دينى وأن يكون مشروع شهيد تحت الطلب. وفى أعقاب تأهيله نفسيا يتم دمجه مرة أخرى في المعارك الصغيرة التي تخوضها تلك الجماعات ويستخدم الأسلحة الآلية، وكذا يتم إسناد مهام "القصاص" له حتى يتعود على الدماء وألا يصاب بالذعر والخوف من الموت وأن يدرك أن الموت يأتى سريعا ولن يكون مخيفا وأن خيرا له أن يموت على الحق من أن يموت على باطل. تصنيع المتفجرات كما أنه يحصل على دورة تدريبية مفصلة عن كيفية تصنيع المتفجرات بنفسه دون الاعتماد على التنظيم في حال إرساله في عملية فردية "ذئب منفرد" كما يتعلم كيفية التعامل مع الحزام الناسف في حال أصابه عطل ما أثناء تنفيذ العملية، وقبيل أيام من إجرائه العملية الانتحارية يسمح له بتسجيل مقطع فيديو أو يترك وصيته مكتوبة، ويشترط عليه أن تتضمن الوصية ترغيبا في الاستشهاد، ولا يتم دمجه مع أقرانه في التنظيم خوفا من أن يعود محبا للحياة فيترك بعيدا في المجموعة الخاصة بالانتحاريين.