أكد سامح شكرى، وزير الخارجية، أن مصر تولى اهتماما كبيرا لعلاقات الشراكة التي تربطها بالاتحاد الأوروبي، سواء على المستوى الثنائي، أو في الإطار الأوسع للتعاون "العربي- الأوروبي" في المجالات ذات الاهتمام المشترك. وقال خلال كلمة اليوم بالاجتماع الوزارى العربى الأوروبي بالقاهرة: "إن اجتماع اليوم يعكس وبوضوح رغبتنا المشتركة في بناء شراكة عربية أوروبية تعود بالنفع على الجانبين، وتسهم في تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، لنقدم بذلك نموذجًا يُحتذى للتعاون والتكامل بين التجمعات والتكتلات الإقليمية، وذلك من خلال الحوار البناء، وتحديد مساحات الاتفاق في المصالح والأهداف". وأضاف: "إن نظرةً سريعة على التحديات التي تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية، كفيلة بأن تبرز وبوضوح حاجتنا لمزيد من التشاور والحوار العربي الأوروبي حول القضايا الإقليمية والدولية". وأشار إلى تعاظم خطر الإرهاب والتطرف وما يرتبط بهما من انتقال الإرهابيين والمقاتلين الأجانب عبر الحدود لزعزعة أمن الدول العربية وأوروبا على حد سواء؛ وتأزم الوضع على الساحتين السورية والليبية بما بات يعصف بمقدرات هذين البلدين العربيين ويدفع الآلاف إلى هجر أوطانهم واللجوء إلى دول الجوار العربي أو أوروبا. ولفت إلى الركود الذي تشهده عملية السلام في الشرق الأوسط بما يسمح باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني. استطرد: "كل من هذه التحديات والقضايا الملحة التي لا شك أنها أعراض مؤلمة لعملية إعادة تشكل قاسية يخوضها النظام الإقليمي في منطقتنا، يتطلب منا استيعاب جذور واصل هذه التحديات، خاصة إذا ما كان الهدف هو أن تتضافر جهودنا من أجل استعادة التوازن والاستقرار في المنطقة، واحتواء تداعيات الأوضاع الحالية على أمن واستقرار العالم العربي أوروبا، بل والعالم بأسره". وأشار إلى أهمية إجراء قراءة مدققة لطبيعة رياح التغيير التي هبت على المنطقة منذ عام 2011. فبقدر ما حملت دعوات التغيير التي عبرت عنها الشعوب من مطالب مشروعة لتأمين مستقبل أفضل تستحقه أجيالنا الشابة بكل تأكيد، أفضى المزيج الخطير من التدخلات الخارجية، واعتبار قوى رجعية أن موجة التغيير فرصة سانحة لتحقيق مكاسب سياسية أبعد ما تكون عن أهداف تحقيق الديمقراطية والتنمية العادلة. وأشار إلى أن هذا المزيج الخطير افضى إلى نتيجة عكسية لم تعصف فقط بآمال التغيير والتقدم، بل حولتها في بعض أرجاء المنطقة لأهوال يئن لها ضمير الإنسانية، يدفع الأبرياء ممن كانوا يتطلعون إلى الحرية والتقدم ثمنها من أمنهم ومصائرهم. وأضاف: "في إطار الحوار الصريح والبناء الذي نحتاج إليه، فليسمح لي شركاؤنا الأوروبيون بأن أدعوهم إلى وقفة تأني مع النفس تأخرت في تقديري بأكثر مما يجب، من أجل إعادة تقييم رؤيتهم بشأن التطورات التي شهدتها السنوات الماضية على الساحة الإقليمية في الشرق الأوسط، ولمدلولات هذه التطورات وتأثيراتها". وتابع: "ولعله بات جليًا بما لا يتحمل الاجتهاد بأن التحول المنشود نحو الديمقراطية والتقدم وتحقيق تطلعات 60% من سكان المنطقة ممن لم يتجاوزوا ال30 عامًا ويحلمون بالحرية والتمكين الاقتصادي وجني ثمار التقدم الإنساني بشقيه المادي والقيمي، لا يمكن بأي حال أن يقوم على أنقاض تماسك الدول ووحدتها". وركز على أنه بات درس التاريخ القريب جليًا لا يحتمل التأويل، وقال:"التغيير والتقدم المنشودان لن يتحققا إلا من خلال الدولة الوطنية والحكم الرشيد، وبتدعيم صيغة محدثة ومتقدمة من دولة المؤسسات الوطنية ذات الرؤية والقدرة على تحقيق تطلعات مجتمعها للتقدم بتوظيف أدوات سيادتها تأسيسًا على شرعية التفويض الممنوحة من شعبها". وقال إن التدقيق في خصائص ما تعانيه المنطقة العربية اليوم من أزمات، والتي تمتد آثارها إلى أوروبا، يظهر يكشف بوضوح الآثار الكارثية لهذا التحلل والتفكك لسلطة الدولة في بعض أرجاء المنطقة.