أصبحت السياحة اليوم من أهم الأنشطة الاقتصادية على مستوى العالم، وكذلك أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة المعاصرة. وعرف العالم السياحة بمفهومها الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، ومع التطور الكبير الذي أصاب وسائل النقل والمواصلات زادت أعداد السائحين الدوليين تدريجيًّا إلى أن أصبحت تتخطى المليار زيارة سياحية سنويًّا كان نصيب مصر منها نحو 15 مليونا فقط في عام 2010 ثم انخفض هذا الرقم إلى أقل من ذلك بكثير خلال الأعوام الخمسة السابقة. ولأنه لا سبيل لتحسن الحالة الاقتصادية في مصر إلا بتحسن السياحة عقدت مؤسسة "كوادر للدراسات والتنمية" مؤتمرا في القرية الفرعونية تحت عنوان "السياحة المصرية آفاق مستقبلية" يوم السبت الماضى، لإرسال رسالة إلى العالم كله من أجل تنشيط حركة السياحة. وقالت الدكتورة عايدة نصيف، رئيس مؤسسة كوادر للدراسات والتنمية: إن السياحة تلعب دورًا جوهريًّا في اقتصاديات الدول النامية والمتقدمة على حدٍ سواء، ومن ثم تسعى كثير من الدول إلى زيادة حجم حركة السياحة الوافدة إليها، وتشجع السائحين-من خلال الخدمات والتسهيلات المقدمة لهم- على مد وإطالة مدة إقامتهم لأطول فترة ممكنة. وتعد قارة أوروبا أهم قارات العالم إرسالًا واستقبالًا للسائحين على مستوى العالم، فمصر تعد بحق قلب العالم النابض ووجهته السياحية الأهم؛ إذ تمتلك العديد من المقومات السياحية لكل أنماط السياحة؛ فتمتلك أكثر من 2000 كم من السواحل الرملية التي تعطيها أهمية خاصة للسياحة الترفيهية والشاطئية، وتمتلك ثلث آثار العالم مما يؤهلها لتكون الوجهة الأولى في العالم في مجال السياحة التاريخية والأثرية. وفى مصر – خاصة في صحرائها الغربية – ما يزيد على 1500 عين وبئر علاجية مما يعطيها أهمية كبيرة في السياحة الاستشفائية. وليست سياحة السفارى أقل أهمية من ذلك؛ فمصر بصحرواتها وأوديتها وكثبانها الرملية وكهوفها ودروبها تعد من أهم مناطق السياحة الصحراوية وسياحة السفارى. وأما ما يزيد قدسيها وخصوصيتها تلك الأهمية الدينية التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ وفى عمق الكتب المقدسة، ومن ثم فمصر بآثارها الدينية للديانات الثلاثة وبأديرتها وكنائسها ومساجدها هي قبلة الراغبين والمغرمين بالسياحة الدينية في العالم. وتحدث الدكتور عدلي أنيس، أستاذ الجغرافية السياحية بجامعة القاهرة، عن السياحة العلاجية وأهم أنماطها وطرق تننشيطها في دراسة خاصة عن السياحة العلاجية، وقال: إن هناك عددًا من الدول تعد الأكثر إرسالًا للسائحين، وهذه الدول تتطلب من القائمين على المزيد من العمل لجذب سائحيها. وأضاف: "من الدول التي ظهرت بقوة مؤخرًا على خريطة الطلب السياحي روسيا الاتحادية، التي أصبحت من أهم دول الإرسال السياحى على مستوى العالم؛ والتي أرادت قوى الشر وقف تيارها إلى مصر من خلال العمل الخسيس الذي أصاب طائرتها المغادرة لمصر، ولكننا قادرين بإذن الله على استعادة هذه الحركة السياحية المهمة خاصة إذا عرفنا أن حجم حركة السياحة الروسية إلى مصر كان يصل إلى نحو 3 ملايين سائح". وتابع: "لا سبيل لتحسن الاقتصاد المصري إلا بتحسن السياحة، ولا سبيل لتقليل معدلات البطالة إلا بتحسن وتقدم السياحة، ولا سبيل لتوفير العملات الصعبة وخاصة الدولار إلا بزيادة حجم السياحة الدولية الوافدة إلى مصر، وفى ظل تعويم الجنيه المصري تعد السياحة السفينة التي تحمى الجنيه من العواصف العاتية للعملات الأجنبية الأخرى وخرج المؤتمر بتوصيات واقعية لتنشيط السياحة العلاجية والسياحة الدينية وسياحة الغوص". وتحدث الدكتور عاطف نجيب مدير المعهد القبطى، أستاذ المصريات عن رحلة العائلة المقدسة وكيف يمكن استثمارها لجذب السياحة الدولية من جميع أنحاء العالم. كما تحدث اللواء سلامة الجوهري، عضو لجنة الأمن القومى بالبرلمان عن الإرهاب وتأثيره السلبى على السياحة وقال:"يجب الترويج للسياحة في إطار مختلف وبطرق مختلفة"، مشيرا إلى أن الإرهاب موجود في كل العالم وأن مصر اجتازت المرحلة بأمان. وقال الأستاذ خالد سعد عن الإعلام وعلاقته بالسياحة فيجب أن يعمل الإعلام على الترويج السياحى الداخلى والخارجى. وأكد الدكتور أشرف صبرى، خبير سياحة الغوص في البحر المتوسط، أهمية سياحة الغوص، وعرض فليما عن الآثار الغارقة وكيفية الترويج لها سياحيا. وأضاف المهندس بشرى جرجاوى، الخبير السياحى، أن القائمين على التنشيط السياحى ووزارة السياحة عليهم أن يعملوا بصورة جدية على التسويق لتنشيط السياحة الأجنبية. وقال: "حينما يكتب ويقول المتخصصون والأكاديميون أن السياحة هي قاطرة التنمية في مصر فإنهم لم يخطئوا، فقد لمسنا بأنفسنا أن السياحة بما تجلبه من عملات صعبة لا سيما الدولار تعطى قوة للجنيه المصري، ومن ثم كان لضعف تيار السياحة الدولية إلى مصر الأثر الأكبر في نقص العملات الأجنبية ومن ثم ارتفع قيمة الدولار أمام الجنيه، ومن ثم ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية التي يحتاجها المواطن المصري". وأضاف:" وللسياحة آثارها على العمالة؛ حيث تعد من أهم وأكثر الأنشطة احتياجًا للعمالة ومن ثم كانت وسيلة مهمة لاستيعاب العمالة خاصة من الشباب والنساء؛ بالإضافة إلى نسبة لابأس بها من العمالة غير الماهرة". وأشار إلى أن السياحة نشاطًا مركبًا يحتك ويتشابك مع العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى؛ لذلك فإن انخفاض حجم السياحة الدولية إلى مصر يؤثر بطبيعة الحال على بقية الأنشطة الاقتصادية سواء في الزراعة أو في الصناعات المرتبطة بالسياحة مثل صناعة الأثاث ومستلزمات المطابخ والمطاعم الفندقية والسياحية، أو صناعة مواد البناء، أو في مجال الإنشاء والتعمير والطرق، وغير ذلك من الأنشطة الصناعية والتجارية، وكما ذكرت العديد من الدراسات السياحة تجارة غير منظورة وصناعة لها منتج مميز يتفوق على كل المنتجات الصناعية الأخرى.